ينطبق المثل المشهور في من يرى الاشياء واضحة ولكنه يتعامى عن وجودها ويختار ان يتعاطى مع آثارها وتبعاتها --من باب الخشية والخوف- والقائل: عينك في الفيل تطعن فى ضلو، ينطبق على حال المنظمة الدولية ومجلس الامن وهما يتعاطيان مع الشأن السوداني على خلفية البيان الاخير الصادر من المجلس يوم الاربعاء الماضي والذي جاء فيه ان المجلس (أعرب عن القلق العميق إزاء تدهور الاوضاع الامنية والانسانية فى ولايتي جنوب كرفان والنيل الازرق، ودعا أطراف النزاع الى وقف الاعمال العدائية، والانخراط فى حوار مباشر دون شروط مسبقة، واكد المجلس ضرورة السماح بوصول المساعدات الانسانية دون عوئق، وذلك وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2046 الصادر منذ اكثر من عامين! وجاءت منسقة الاغاثة فى حالات الطوارئ ووكيل الامين العام للشئون الانسانية (فاليري اموس) لتزيد طين البيان الصادر من المجلس بلة حين قالت في تصريحات للصحفيين إنها: قلقة ازاء الآثار الانسانية للقتال بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية- قطاع الشمال فى جنوب كردفان والنيل الازق وأنها تناشد المجلس لاتخاذ الاجراءات اللازمة لضمان وصول فوري ودون عوائق للأمم المتحدة وشركائها فى العمل الانساني على النحو المطلوب بموجب القرار 2046. وربما فات على مجلس الامن والسيدة أموس ان حكومة السودان واحتراماً لقرارات المجلس ورغبة فى إنهاء النزاع وتحقيق السلام ظلت طوال جولات المفاوضات الثلاث الاخيرة تطلب وفقاً شاملاً لاطلاق النار تعالج بمقتضاه جميع الحاجات الانسانية للمتأثرين بالنزاع من المواطنين وتتهيأ بموجبه اجواء مناسبة للتفاوض للوصول الى حل سياسي للمشكلة، وربما فات عليهم ايضاً ان الحركة الشعبية المعنية أيضاً بالقرار ظلت تعترض على وقف اطلاق النار وتصر على مواصلة القتال والتفاوض فى ذات الوقت، وتمارس تعنتاً فى المفاوضات وتحاول فرض شروط خارج ما نص عليه القرار المذكور، ومع هذا ظلت الاممالمتحدة ومجلس الامن عاجزين عن إجبار الحركة الشعبية على الامتثال للقرار 2046 وعاجزين كذلك حتى عن التلويح بفرض عقوبات عليها. لو ان السيدة وكيلة الامين العام للشئون الانسانية ومنظمتها الدولية جادين فى وضع حد لمعاناة السودانيين فى جنوب كردفان والنيل الازرق لسارت الامور على نحو مختلف عما نراه الآن، ولكن من الواضح ان معاناة الناس وحدها ليست سبباً كافياً تتحرك بمقتضاه المنظمة الدولية لوقف القتال هنا و هناك، وإلا لراينا أفعالاً لا أقوالاً تجبر المتمردين على الاستجابة لوقف شامل لاطلاق النار، كلما ظلوا عاجزين عن فرض اجندتهم السياسية عن طريق العمل المسلح ولكن يبدو ان الاممالمتحدة تنظر الى نفسها وتطعن فى ظل التمرد. نقلا عن الرأي العام السودانية 21/7/2014م