شارك ممثلو لجنة الانتخابات المركزية الروسية ومجلس الشيوخ الروسي بالمراقبة الدولية للانتخابات العامة في السودان. وقد استضاف برنامج "حديث اليوم" رئيس وفد المراقبين الروس للانتخابات هناك أصلان بيك أصلاخانوف. سؤال: ما هي انطباعاتكم عن هذه الانتخابات؟ حسب معلوماتنا الأولية فإن بعض أوراق الاقتراع لم تصل بعد إلى المراكز، وبسبب الخلافات بين الشمال والجنوب لم تكن بعض المراكز مجهزة لإجراء الانتخابات، وعندما وصلنا إلى مراكز الاقتراع وجدنا أنفسنا بعيدين عن الحقيقة، بصراحة أنا لم أر أبدا في حياتي مثل هذه الانتخابات الديموقراطية، أنا لا أريد أن أجرح مشاعر السودانيين، ولكن من المعروف أنه بسبب ظروف معينة يوجد في السودان عدد كبير من الأميين الذين لا يستطيعون القراءة .. لكن رغم ذلك، أوراق الاقتراع كانت مجهزة بطريقة يستطيع كل مواطن سواء كان أميا أو متعلما أن يصوت لحزب ما أو مرشح مفضل له. سؤال: هل لاحظتم أية مخالفات، صغيرة أو كبيرة؟ لا يمكن إن نسمي استخدام أوراق ليست جيدة لطبع الوثائق أو نقص قوائم مطبوعة للمرشحين بمخالفة. هذه هي مخالفات صغيرة جدا لا تؤثر على نتائج الانتخابات. كانت هذه الانتخابات ديمقراطية ونزيهة. لكل شخص منح فرصة للتصويت. كما يجب القول انه في سير الانتخابات كان كل من الجنرالات و الجنود يتمتعون بحقوق متساوية. وقال أحد الجنرالات الذي كان ينتظر دوره للتصويت انه هنا هو ليس جنرال بل هو مواطن سوداني قادم لتنفيذ واجبه. سؤال: كان من المقرر ان تستغرق الانتخابات ثلاثة أيام ولكنهم أضافوا يومين. ما رأيك في ان تستمر الانتخابات خمسة أيام؟ اعتقد انه ليس هناك شي ء مخيف. أن السودان دولة كبيرة و ليست فيها طرق مواصلات جيدة. وكل ذلك يصَّعب أجراء الانتخابات. سمعت انه إثناء عملية إحصاء السكان كان من المستحيل تقييد كل واحد في البلاد. ولذلك هناك سببان لاتخاذ القرار بتمديد فترة الانتخابات وهما: أولا: طلب المواطنين من سكان الجنوب بتمديد فترة الانتخابات يومين بسبب نقص الوقت. واعتقد إن تنفيذ رغبتهم هو حكمة سياسية لأن الانتخابات تعتبر عيدا للسودانيين ويجب أن لا يعكر صفوه اي شيء. وثانيا: يأخذ كل شخص نحو سبع إلى ثماني دقائق للتصويت. واعتمادا علي ذلك اعتقد ان تمديد فترة الانتخابات هو خطوة صحيحة لتجنب اندلاع نزاعات محتملة. وبهذا تنشأ الظروف لإجراء الانتخابات بطريقة سليمة. وبعد الاجتماع مع زملائنا من الاتحاد الأوروبي وجدنا إننا نتكلم بلغة واحدة و نقدر الانتخابات من مواقع واحدة. رأينا انتخابات ديموقراطية وحرة كما وجدنا أن المواطنين يشتركون برغبة واحدة تتمثل بضرورة تطور وتقدم بلادهم. سؤال: من ناحية اخرى نحن رأينا ان المعارضة عقدت مؤخرا مؤتمرات صحفية وصرحت خلالها ان هوية الرئيس القادم معروفة مثلما هي معروفة هويات غالبية أعضاء البرلمان الجديد. ماذا تستطيع المعارضة فعله في الظروف الحالية؟ على المعارضة دائما ان تبحث عن نقاط الخلاف في العلاقات مع السلطة. مثلما يحدث خلال الانتخابات في روسيا مثلا عندما يقول ممثلو المعارضة من الحزب الليبيرالي او الحزب الشيوعي انهم تعرضوا للتضييق اثناء الانتخابات. أنا لا اعتقد ان لدى المعارضة السودانية اسبابا جدية للحديث عن عدم شفافية الانتخابات او عدم نزاهتها. حيث يحضر الانتخابات مراقبون من دول عديدة وعدد من المنظمات الدولية. ونحن قد التقينا مع المراقبين من منظمة المؤتمر الاسلامي والاتحاد الافريقي وغيرها من المنظمات وجميعهم يعبرون عن دهشتهم للتنظيم الجيد للانتخابات ونزاهتها. واذا إتخذت المعارضة مواقف سلبية من الانتخابات فالمراقبون الدوليون سوف يعطون تقييمهم لهذه المواقف، الامر الذي قد لا يرضي المعارضة نفسها. سؤال: انطلاقا من مواقف المعارضة هل يمكننا ان نفترض ان خلافات ما قد تحصل في العلاقة بين المعارضة والسلطة؟ ما تنبؤاتكم بهذا الخصوص؟ كما قلت، على المعارضة ان تواجه السلطة. ولكنني اتوقع ان تتقلص انتقادات المعارضة بعد الانتخابات بصورة جذرية كما كان يحصل ذلك سابقا. لان الانتخابات تقرها مؤسسات قانونية يعترف بها العالم كله حتى ولو حصلت بعض الخروقات وهي تحدث في كل مكان وزمان. واذا تم انتخاب سلطة شرعية من قبل الشعب فتوجيه الاتهامات بعدم شرعية السلطة سيعني الوقوف ضد الشعب. وفي هذه الحالة فإن المعارضة قد تفقد جزءا من التأييد الشعبي لها وهذا الامر ليس في صالح المعارضة وسيضرّ بها. سؤال: ولكن المعارضة تصرّ على عدم شرعية السلطة. والمعارضة تنظر في اتجاه الشعب بعين وفي اتجاه الامريكيين بعين اخرى. وقد اقام بعض زعماء المعارضة علاقات مع الامريكيين. والاخرون يعتقدون بضرورة تسليم الرئيس السوداني الى المحكمة الجنائية الدولية؟ القرار حول محاكمة رئيس البلاد او عدم محاكمته يعود ليس الى المحكمة الدولية بل يعود الى الشعب السوداني. واذا تمت اعادة انتخاب الرئيس فسيعني ذلك ان الشعب منحه ثقته ولا داعٍ لمناقشة مسألة تسليم الرئيس الى المحكمة الدولية. فيما يتعلق بالحضور الامريكي فهذا الامر طبيعي لان أية دولة لها مصالح في السودان وهي بلد غني جدا من حيث الثروات البشرية والطبيعية مثل النفط والغاز والمعادن والاخشاب والمواشي. وفي نفس الوقت السودان تضرر من جراء العقوبات الاقتصادية وهناك مشاكل متراكمة بسبب عدم وجود سلطة موحدة، الامر الذي ادى الى تدهور المعيشة والبنية التحتية وكذلك المدارس... وفي هذه الظروف فان التدخل السافر في الشؤون السودانية من أجل تحقيق مصالح اقتصادية وسياسية أنانية أمر غير شرعي وغير مُنصِف. سؤال: إلتقيت هنا في هذا الأسبوع مع عدد كبير من زعماء المعارضة الذين قالوا بأن المبعوث الخاص للرئيس الروسي أحيانا على سبيل المثال، لا يلتقي معهم أثناء زياراته للبلاد، وأن روسيا لا تهتم بهم كثيرا. أتحدث الآن عن موضوع المصالح. إذ لاحظت أن هناك رغبة في أن يلتقي المسؤولون من روسيا الإتحادية بجميع المستويات مع ممثلي القوى السياسية المعارضة في السودان. ليس هناك سبب للإنزعاج لأن مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى السودان السيد ميخائيل مارغيلوف يمثل الدولة الروسية، ولذلك لقاءاته مع الساسة يمكن أن تعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية للسودان، ولا يقوم مارغيلوف هنا بدور برلماني أو سياسي، بل هو يمثل الرئيس الروسي في السودان. يجب القول بأنه يتقدم بمقترحات مثيرة للإهتمام لكن - للأسف - لا تتحول الأحاديث إلى أفعال ملموسة. خطر ببالي في وقت سابق أن أقترح إجراء مؤتمر دولي في السودان مخصص للأعمال الصغيرة والمتوسطة وبمشاركة ممثلي جامعة الدول العربية والدول المعنية الأعضاء في المؤتمر الإسلامي. وناقشت هذا الموضوع مع ممثل الإتحاد الأوربي وقلت له أن من المستحسن أن يشارك الإتحاد الأوروبي في هذا المؤتمر أيضا. وذلك لأن الأعمال الصغيرة والمتوسطة يعدان أساسا للإقتصاد إذ تضمن ثمانين بالمئة من ميزانية الدولة. أما الدول مثل السودان فمعظم المستثمرين الأجانب فيها يمثلون الشركات الكبرى وهدفهم يكمن في كسب الميليارات دفعة واحدة ليغادروا البلاد بسرعة. أما رجال الأعمال الصغيرة فلديهم الرغبة في العمل في كثير من المجالات. رجال الأعمال السودانيين الآن معزولون عن المجتمع الدولي. لكنني على ثقة بأنهم قادرون بالتعاون مع الدول الأخرى على ضمان إحراز تقدم كبير للسودان.