دخل السودان في صراعات مع كافة جيرانه وبدون استثناء بسبب الحدود أو بسبب صراع المصالح الأخرى الذي يحدث في كل الدنيا ولكن هناك تفاوت في شكل وحجم هذه الصراعات من الاقتتال المباشر إلى الدبلوماسية الناعمة ولا نبعد النجعة كثيراً إذا قلنا إن السودان تضرر من جهة ليبيا أكثر من أي دولة أخرى ولعل المفارقة تكمن في أن ليبيا كانت ومازالت هي الأقل نزاعاً في الحدود مع السودان كما أن صراع المصالح بني البلدين هو الأضعف ولكنه القذافي وأفكاره ورؤيته المتقلبة للأمور هي التي تأذي منها السودان أكثر من غيره طبعاً باستثناء الشعب الليبي. القذافي أول حاكم عربي طالب بفصل الجنوب علناً ومن بيت الخليفة في خطبته المشهورة وفي وجود مضيفه النميري لأنه في رأيه أن الجنوب أعاف توجه السودان العروبي ثم فيما بعد تحول القذافي إلى أفريقاني فدعم جون قرنق دعماً يفوق كل الدعم الذي تحصل عليه من كل إفريقيا هكذا تأذي السودان من تقلبات القذافي. أما في دارفور فللقذافي القدح المعلي في إشعالها فهو أول من حاول صنع تجمع القبائل العربية قائلاً لهم أنتم دعاة ولستم رعاة وفيلق ابن عمر يشهد بذلك ثم في حروبه مع تشاد غمر دارفور بالسلاح وفيما بعد سعي لتجميع القبائل غير العربية ودعمها بالسلاح علماً بأنه قبل ذلك كانت عروبة دارفور وإفريقيتها مجرد إدعاء كما هو الحال في كل السودان. الخرطوم لم تسلم من جنون القذافي فكانت غزوة ما أصطلح عليه بالمرتزقة 1976 وقبلها كان مال الكرامة وبعده طائرة الإذاعة هذا الذي شاهده الناس. يبدو أن بلاوى القذافي المحدوفة على السودان لم تنته بنهايته فالمعلوم أن القذافي ترك ليبيا دون جيش نظامي لحاجة في عقله فبعد نهايته بتلك الطريقة المأساوية ونهاية نظامه ظهرت عدة مليشيات هيكلها قبلي وادعت كل مليشيا أنه جيش ليبيا المعتمد فكانت الحرب التي على أشدها الآن ففي اليوم العلينا دا ليبيا بها حكومتان حكومة طبرق يقودها الثني متحالفة بمليشيات حفتر ربيب القذافي والذي يمارس الآن نفس ممارسات القذافي مع خصومه من هدم بيوت وانتهاك حرمات. ثم حكومة طرابلس التي تتحكم فيها مجموعة فجر ليبيا والثوار الذين أطاحوا بالقذافي. دول الجوار تدخلت بقوة في هذه الحرب الأهلية فمصر والسعودية تدعمان حكومة طبرق بدون مواربة قطر والسودان وقفا على جانب فجر ليبيا في طرابلس. في زيارة السيد رئيس الجمهورية لمصر مؤخراً وفي التنوير الصحفي للرئيسين في نهاية الزيارة جاء أن الرئيسين قد اتفقا على إيجاد تسوية للمسألة الليبية والشاهد أنه بعد يوم من تلك التصريحات اشتدت الحرب في ليبيا ووجهت مصر تحذيرات لمؤسسات الدولة هناك مطالبة إياها بالتسليم بالشرعية التي تراها مصر. فالأسئلة هنا ما هو موقف السودان؟ وكيف يري التسوية؟ علماً بأن مليشيات حفتر أعلنت عداءها للسودان باتهامه بالتدخل في شؤونها (حادثة الطائرة) . هل سيقبل السودان بقذافي آخر على شاكلة حفتر؟ رئيس الوزراء الثني الذي سيزور السودان بعد غذ الأربعاء ماذا في جعبته والأهم ما هو مستقبل علاقته بحفتر؟ لا تقل لي هذا شأن داخلي. نقلاً عن صحيفة السوداني 2014/10/27م