يفسر العامل الاقتصادي جانباً من الأسباب التي دفعت الكثير من السودانيين إلى التصويت للرئيس عمر البشير في انتخابات الأيام الخمسة التي شكلت أول لجوء إلى الاقتراع التعددي في السودان منذ عام «1984». إذ يقول تقرير لصندوق النقد الدولي إن الناتج المحلي للسودان تضاعف ثلاث مرات تقريبا منذ تولي البشير السلطة عام «1989». وقد حدث معظم التقدم في العقد الأخير، مواكبا النصف الثاني من حكم البشير، ومتجسدا على أرض الواقع من خلال بناء المزيد من المدارس والطرق والمستشفيات وتوفير فرص العمل. وكما تقول صحيفة «الهيرالد تريبيون» فان البشير شخصيته استقطابية في أجزاء مهمة من السودان، بما في ذلك دارفور في الغرب، وفي الجنوب الذي يستعد للاستفتاء على الاستقلال عن السودان في يناير المقبل. وأفادت غالبية من الناس في مختلف انحاء البلاد أنها صوتت للبشير الذي سيفوز بالمركز الأول بسهولة كبيرة حتى لو لم يلجأ إلى استغلال أجهزة الإعلام الرسمية في الدعاية الانتخابية له، كما لجأ بالفعل. وفي كل الأحوال، لم يضع البشير وحزبه «المؤتمر الوطني» وقته حيث أمضى الرئيس الأسابيع الأخيرة متنقلا في انحاء السودان ومنفقاً الملايين على الملصقات والجداريات والأدوات الدعائية. كما استثمر الرئيس بدهاء وفعالية الثروة النفطية السودانية التي بدأ انتاجها عام «1999» مع ضرورة التذكير بأن الفساد لا يعتبر مشكلة كبيرة في السودان كما هو الحال لدى جيران مثل كينيا أو مثل الكونغو ونيجيريا. وعطفاً على ذلك يقول البنك الدولي ان لدى السودان بعض أهم صناع السياسات الاقتصادية في القارة الافريقية، الذين عرفوا كيف يتخذون القرارات الحكيمة والصائبة في تشييد البنى التحتية وبرامج التعليم والمشاريع الزراعية. ورغم هذه الصورة الوردية نسبيا، فان الثروة لا توزع بعدالة في السودان، فالجيش يتلقى امتيازات يحسده عليها الآخرون، كما ان جيوب الفقر أوسع من ان تنهيها النجاحات الاقتصادية التي حققها البشير. أما محكمة الجنايات الدولية التي تطالب بتسليمها البشير بتهمة مسؤوليته المزعومة عن جرائم حرب في دارفور، فلا تلفت انتباه احد في المناطق المزدهرة اقتصاديا. ويرد مؤيدو البشير عندما يُسألون عن المحكمة بالقول إنها انشئت خصيصا لاستهداف افريقيا، لكنها لا تلتفت إلى جرائم الحرب المفضوحة التي ترتكبها إسرائيل. المصدر: الوطن القطرية 18/4/2010