« وأنت تمرّ بالطريق السريعة وسط القرى الزراعية المتناثرة، ومنازلها التي بنيت من الطوب الذي استوى بحرارة الشمس الحارقة، تستوقفك حياة مواطنيها الذين بدأوا يستمتعون بثمار النمو الاقتصادي في السودان، في عهد الرئيس عمر حسن أحمد البشير، ففي ساعات الحر الشديدة، والتي يحتمي فيها المواطنون بمنازلهم، يستمتع الأطفال بمشاهدة التلفزيون عبر الأقمار الاصطناعية بعد أن توافرت لديهم الكهرباء، والماء، ومراوح السقف، وغيرها من وسائل الراحة والترفيه ».هكذا بدأت صحيفة ال«نيويورك تايمز» تقريرها .. وبعدها يواصل كاتب التقرير.. وفي غضون جيل واحد، والذي يتزامن مع تولي الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير الحكم، أي في 21 عاماً أصبحت حياة الملايين من الشعب السوداني دليلاً حياً على وجود التحول الاقتصادي . ووفقاً لدراسات وتقارير قدّمها البنك الدولي، فإن المنتج المحلي الإجمالي في السودان قد تضاعف ثلاث مرات تقريباً، منذ العام الذي تولّى فيه الرئيس عمر حسن أحمد البشير السلطة، وبدأ هذا النمو الفعلي منذ العقد الماضي، منذ أن بدأ السودان تصدير النفط، ودفع البلاد نحو أطول وأقوى حلقة نمو منذ الاستقلال. وجاء فوز الرئيس البشير في الانتخابات الأخيرة رئيساً للجمهورية لدورة جديدة، نتاجاً لهذه الطفرة التنموية الواسعة، والتي تجلت في الازدياد المطرد في عدد المدارس، والمستشفيات، والطرق، وفرص العمل، ونحوها. ويقول كمال يوسف للنيويورك تايمز: لماذا نصوت من أجل التغيير، إن حياتنا اليوم أفضل بكثير مما كانت عليه في السابق. ومما لا شك فيه أن كثيراً من الأقطار الإفريقية قد شهدت نمواً اقتصادياً مماثلاً خلال العقود الأخيرة، إلا أن السودانيين يجمعون على أن حياة الرفاهية والازدهار التي يعيشونها اليوم نتاج جهد الرئيس البشير الذي يحكم البلاد بقبضة من حديد منذ العام 1989م. ويبدو أن السودانيين غير منزعجين من الاتّهامات التي يحيكها الغرب للرئيس عمر حسن أحمد البشير، والتي فرضت بسببها عقوبات قاسية على السودان، ليس لأنهم غير مقتنعين بأهمية علاقة جيدة مع الغرب، بل لإيمانهم أن الرئيس بريء من هذه الاتهامات. ويقول صافي الدين أحد مصدري السمسم أن الأحوال في تطور مستمر الآن.. فلماذا نرغب في تغيير البشير هذا غباء! وبالرغم من التحديات التي تواجه الرئيس البشير بكل من دارفور، وجنوب السودان، إلاّ أن الكل يجمع على انه القائد الوحيد الذي استطاع أن يهزم طوابير الخبز والوقود، واللتين كانتا أهم سمات الحياة اليومية في السودان في الحقبة التي سبقته.. والتي كانت تحكمها الأحزاب المعارضة صاحبة السياسات الكارثية. ويقول إبراهيم المهدي لصحيفة النيويورك تايمز (لقد أخذ هؤلاء الرجال فرصتهم، وأثبتوا فشلهم في إدارة السودان). وتبقى الحقيقة أن الرئيس عمرحسن أحمد البشير قد فاز بدون حاجة إلى التزوير الذي ادّعته الأحزاب المعارضة وبعض مراقبي الانتخابات، وذلك أنه وفي الوقت الذي تعاني منه أحزاب المعارضة من التشظي والانقسام عكف حزب المؤتمر الوطني على توحيد صفوفه بمهنية ومهارة عالية نتاجها الحملة الانتخابية الناجحة، والتي عكست إنجازات الرئيس غير المسبوقة من ملصقات معبرة وحقيقية. ويقول المدير التنفيذي للبنك الدولي: إن السودان يمتلك أذكى وأفضل صانعي السياسات الاقتصادية في القارة الإفريقية، الذين استثمروا الأموال التي ضخّها النفط بحكمة بالغة، في مجال البنية التحتية، من تعليم وزراعة وصناعة وغيرها.. كما أن الفساد لم يشلّ حركة التطور بالسودان، كما هو الحال في جمهورية الكنغو الديمقراطية، ونيجيريا، وكينيا، والتي أصابها ما يسمى بلعنة الموارد.. إذ أنها لم تستفد من فرصة الموارد الهائلة الموجودة بها كما فعل السودان. ويقول التقرير: إن المستفيد الأول من هذه الثروة القوات المسلحة السودانية والتي أصبحت تشهد عمليات تحديث مستمرة وامتيازات مجزية. إلا أن ذلك لا يعني أن موجة الازدهار قد شملت أجزاء واسعة من البلاد، وبخاصة المناطق الريفية، ويقول الشيخ يوسف للصحيفة: إنه وقبل عشرين عاماً، كنا نشرب المياه العكرة من الترع، ونمشي أميالاً طويلة من أجل الوصول إلى أقرب مستشفى، والطعام الرئيسي هو العصيدة، إلا أن كل ذلك قد تغير اليوم، وأصبح لكل قرية مركز صحي، ومحطة تنقية، وكهرباء. نقلاً عن صحيفة آخر لحظة 9/5/2010م