يورد البعض تماذجاً في شكل قصصي لما قيل انها وقائع تزوير جرت في الانتخابات، وحفلت بعض الصحف والمواقع الإلكترونية بعشرات القصص المتماثلة، وبعض المواقع بالغت في الأمر فأوردت صور فيديو مصوّرة لحالات تزوير!! والواقع أننا هنا لسنا بصدد نفى أو تأكيد ما تم ايراده، فهذه في حقيقة الأمر مهمة القضاء الذي يملك ميزاناً دقيقاً يزن به الأدلة ويعطيها تقييمها الصحيح. فإذا ذهب المدعون بالتزوير الى القضاء فسوف ننتظر نتيجة الحكم واذا لم يذهبوا، فإن هدفهم في هذه الحالة – ومهما كانوا حسني النية – سوف يكون فقط التشكيك وإشاعة البلبلة وسط الناخبين كتكتيك متعارف عليه في ممارسة المعارضة التي لا تحترم القواعد المرعية في المعارضة، غير أننا لاحظنا أن قصص التزوير هذه تثير أموراً غجابتها عند من يثيرونها بأكثر مما هي عند أي جهة أخرى فعلى سبيل المثال حين يورد شخص أو جهة ما لقطات مصورة فإن السُذّج وحدهم من يصدقون صوراً مصورة في عصر ابتكرت فيه الإنسانية إمكانات الادماج، والمونتاج، وتركيب الصور وتداخلها وهو (فن) بلغ فيه أقل الناس حظاً بالعلم شأواً بعيداً هذا من جانب، ومن جانب ثان، فسوف يصبح من باب الضحك على عقول العقلاء حين تجري عملية تصوير كهذه بآلة تصوير لا يمكن للمزورين المفترضين أن يكتشفوها وحتى لم يكتشفوها، فإن من المستحيل أن يجري عمل كهذا بطريقة تقود الى اتاحة الفرصة لوجود مصورين يتمتعون بجرأة ودماء باردة وكأنهم يصورون فيلماً رومانسياً!! وحتى لو تغاضينا عن كل ذلك فإن المنطق لا يتقبل تقديم دليل مصور كهذا بنشره في موقع الكتروني أو صحف. قبل عرضه على القضاء، لأن من البديهي ألا يقبل القضاء الأدلة التي اشيعت ونشرت على نطاق واسع بحيث افتقدت عنصر الخصوصية والجدية. ومن الغريب هنا ألا يتحلى ناشر الصور هذه بأدنى قدر من الجدية ليقدم هذه الصور – قبل نشرها – الى المحكمة المختصة وأن يكون على استعداد لاستجلاب خبراء محللين أو خارجين للكشف عما اذا كانت هذه الصور حقيقية أم مصطنعة! هذا أمر غريب حقاً ومثير للدهشة والتساؤلات غير المحدودة. من جانب ثالث، فإن غالب ادعاءات التزوير تركزت حول تأكيد بعض المرشحين أنهم كانوا واثقين (ثقة كاملة) بأن من يعملون معهم، وأهلهم وعشائرهم سوف يصوتون لهم ولكنهم تفاجأوا بأن ما حصلوا عليه من أصوات يقل حتى عن عدد ناخبيهم المضمونين!! وهذا في الواقع لغز فقط بالنسبة لهؤلاء المرشحين اجابته وحلّه عند عشيرتهم ومؤيديهم وحدهم، لأن من الممكن تماماً أن يمنح الشخص عاطفته للمرشح، ولكنه حين يختلي بعقله وراء الستارة، يمنح عقله لمن يرى أنه يستحق، فليس كل قريب أو مؤيد (مضمون الصوت)، وهذا ليس بتزوير – وهكذا فإن القضية في حقيقتها قضية انقلاب مواقف في غالبها بأكثر مما هي أي شئ آخر ويصعب تماماً سبر غور مثل هذه الامور بالبساطة التي تعامل بها مدعي التزوير وهو ما استحال علينا أن نسايره لأنه لا يتضمن حتى ولو الحد الأدنى من المنطق المعقول.