عدد من الأحزاب المعارضة أعلن عن رفضه ومقاطعته الانتخابات التي لا يحول بيننا وبينها غير شهور قليلة، وهي التي لها قانون ومفوضية أكملت إجراءاتها وترتيباتها بشفافية، وزادت علي ذلك أنها فتحت الباب واسعاً للرقابة الداخلية والخارجية وأعلنت في الصحف أنها تمنع الأمن والشرطة والأجهزة الرسمية من التدخل في الأمر تعاطياً أو أداءً خاصاً بالمفوضية. وعبر موقعها الإلكتروني الواسع الانتشار وصل ذلك كله إلي الجميع لأول مرة، مما جعل الحق الانتخابي الدستوري سهلاً وميسوراً وبعيداً عما يقدح في الممارسة، وهذا كله تراه العين المجردة وتسمعه الأذن عند من راقب الشأن الانتخابي وتابعه، وإن كان لا يمنع إبداء الرأي الآخر. ذلك من حيث العملية الانتخابية الماثلة نفسها، ويلحق بها (سياسياً) أن الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) وحتي لا يتهم ب(الكنكشة) والانفراد بالمجلس التشريعي ودوره المطلوب والمرغوب نأي بمرشحيه وهم كثر عن (30%) من الدوائر الانتخابية. وتلك بادرة قد تكون الأولي من نوعها، والمنافسة في الانتخابات حرة، والناخب هو صاحب القرار والفرز فيها.. إلا أن في ذلك إغراء وجذباً لمن يخشي المواجهة الانتخابية مع الحزب الحاكم ويحرص علي الحضور في المؤسسة التشريعية. وبالنظر إلي هذا كله – والسياسة فمن الممكن – نقول إن الأحزاب المعارضة للانتخابات ورافضة لها تواجه تحدياً كبيراً إذا ما: أولاً – كان عدد من أدلوا بأصواتهم شكل عدداً كبيراً ممن يحق لهم التصويت.. أي أن المقاطعة لم تنجح. وثانياً – إذا ما حقق المؤتمر الوطني نسبة عالية ومقدرة ممن أدلوا بأصواتهم، ورغم ما ذكرنا من تنازل عن (30%) من الدوائر لغيره من الأحزاب المشاركة في الانتخابات والإجراءات والرقابة الداخلية التي أصرت عليها وأعلنتها المفوضية لقومية للانتخابات. وقبل الوصول إلي هذا كله، فإن من يراقب ويرصد الحراك الانتخابي علي الساحة هذه الأيام يجد أن ترشح المؤتمر الوطني لرئيسه "البشير" رئيساً للجمهورية للدورة القادمة في محله تماماً، إذ ثمة إجماع وتوافق علي ذلك من جهات كثيرة منها الأحزاب المشاركة في السلطة وأكبرها (الاتحادي الأصل) برئاسة زعيمه السيد "محمد عثمان الميرغني" والطرق الصوفية والشباب والطلاب والمرأة، علاوة علي أن ثلاثة من الرموز الوطنية والسياسية والرياضية أعلنت مساندتها للسيد "البشير" مرشح حزب المؤتمر الوطني وهم: المشير "سوار الدهب" والدكتور "حسين أبو صالح" و"كمال شداد" فضلاً عن آخرين من أحزاب ورموز أعلنت مساندتها ووقوفها مع المشير "البشير" رئيس الجمهورية الحالي. ولعل في اللقاء المتوقع هذا الصباح في قاعة الصداقة بالخرطوم من جماعات وكيانات وزعامات أحزاب ونقابات وغيرها، شاهد علي أن "البشير" ليس له من منافس بالحجم والوزن المطلوب في الانتخابات الرئاسية القادمة. هذا جانب، وفي الجانب الآخر أي الدوائر الأخرى الجغرافية والنسبية وغيرها – وقد سمي لها المؤتمر الوطني مرشحيه بفحص وتدقيق في التجربة التشريعية السابقة والمطلوب للتجربة القادمة – فإن ذلك الاختيار والتركيبة ربما وجد فيهما الناخب ما يحقق أهدافه، ومن ثم يتوقع للنتيجة علي هذا الصعيد أن تكون موفية بالغرض مما يعلي من شأنها أيضاً. العبرة في النهاية ب(الخواتيم) كما يقولون.. إلا أن المؤشرات وعلي النحو الذي ذكرنا لا تقول بغير ذلك.. ولم يظهر من الأحزاب المعارضة المقاطعة للانتخابات إلي الآن ما يقول إنها تعمل من أجل إضعافها أو منع وصولها إلي النتائج التي يطلبها ويتوقعها الطرف الآخر. وعليه، كما جعلناه عنواناً ل(المشهد السياسي) اليوم، فإن الأحزاب المقاطعة والمعارضة للانتخابات تواجه تحدياً حقيقياً، بل جملة تحديات سياسية جماعها في: - نجاح الوطني المحتمل والمتوقع علي الصعيد الرئاسي والبرلماني والانتخابي بشكل عام. - وغياب المعارضة عن الحضور علي المستوي التشريعي علي الأقل وهو (عصا) لها ضرورتها في المعترك السياسي. فهل يعني هذا أن الأحزاب المعارضة والمقاطعة للانتخابات ستعيد حساباتها؟ أم أنها ستظل علي ما كانت عليه وهي في المعارضة في الخارج (التجمع الوطني الديمقراطي) أو ما هي عليه الآن وهي تكرر التجربة؟!. إن الأمر، نقول لهؤلاء وغيرهم، يحتاج إلي معالجات وتقدير مواقف في ظل المتغيرات والمستجدات والوقائع علي الأرض... ولكن من يسمع من في أذنه..! نقلا عن صحيفة المجهر السياسي 11/1/2015م