الانتخابات الحالية التي أصرت على قيامها الخرطوم، صاحبها تصعيدات في العمليات العسكرية في بعض المناطق بجنوب كردفان نفذتها المعارضة المسلحة لزعزعة قيام الانتخابات في تلك المناطق وقبل ذلك، وأثناء محاولات الخرطوم وجوبا تفعيل اتفاقية النفط فيما بينهما، شنت المعارضة المسلحة هجومها الأشهر على منطقة أبو كرشولا بشمال كردفان في سياق العمليات العسكرية التي تستهدف توقيت هو الأكثر مفاجأة للساحة السياسية بهدف عرقلة عملية التوقيع على الاتفاقيات أو بغرض فرض أمر واقع جديد أو ربما بهدف تغيير موازين القوى على الأرض لأغراض التفاوض. تزامن تفعيل الحركات لعملياتها السكرية في ذات توقيت الفعاليات السياسية الكبرى،خلق جملة من الاستفهامات حول مبررات التصعيد العسكري أثناء العمليات السياسية؟ وما هو الغرض منها؟ والي أي مدي تؤثر هذه العمليات العسكرية على العمل السياسي أو الخطوات السياسية المزمع اتخاذها؟. المحلل السياسي د. مهدي دهب، يذهب إلى أن أي أطراف تخوض صراعاً يكون هذا الصراع مبني على خط سياسي وآخر عسكري، ودائماً تنظر الأطراف للعملية العسكرية كوسيلة لتحقيق الأهداف السياسية، ويوضح دهب، في حديثه ل(ألوان) أمس، أنه عندما يكون هناك نشاط سياسي ماثل أو مرتقب، فدائماً ما تحاول الأطراف المتنازعة تعزيز وضعها في الميدان، وهذا بالتالي يلقي بظلاله في العمليات السياسية، لأن المتقدم في الميدان هو الذي سيفرض شروطه في العمليات السياسية الجارية سواء أن كانت تفاوضاً أو غيره، وأضاف (تأتي العمليات العسكرية لتحسين شروط التفاوض والعمل السياسي، لذلك إن كانت الساحة السياسية تشهد حراكاً سياسياً فإنه دائماً ما يقابل هذا الحراك السياسي نشاط عسكري مكثف والطرف الذي يحصل على الغلبة في ميدان المعركة هو الذي يضع الشروط في طاولة التفاوض، وإرتفاع وتيرة الصراع والعمليات العسكرية التي تمت في جنوب كردفان بالتزامن مع الانتخابات صحبها الحديث الذي تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي كان هذا عمل مبني على خط إفشال الانتخابات مع أنها مهمة بالنسبة للحكومة التي تحاول إضفاء الشرعية من خلالها، وحاولت المعارضة السياسية والمسلحة نزع هذه الشرعية، وكل معارضة استخدمت وسائلها فكانت حملة (إرحل) هي السلاح الذي استخدمته المعارضة السياسية بينما حاولت المعارضة العسكرية استهداف بعض المناطق في ولاية جنوب كردفان لزعزعة الانتخابات في هذه المناطق، وهناك أحاديث حول مفاوضات ستقام بين الحكومة والمعارضة لذلك نشطت العمليات العسكرية والتي سيكون لها تأثيرها الواضح من خلال المفاوضات القادمة، لأن كل طرف يحاول تحسين شروطه في تلك المفاوضات. مراقبون يرون أن العمليات العسكرية هي أسلوب كثيراً ما تتبعه المعارضة عندما تعلم عزم الحكومة على القيام بخطوات سياسية لحل مشكلة من مشكلات السودان كالمفاوضات أو دعوة الحوار الوطني التي أطلقها الرئيس في وقت سابق، ولأن هذه الخطوات تعتبر من المراحل المهمة في حياة السودان، وتخليصه من أزماته التي يعاني منها على كافة الأصعدة لذلك فإن المعارضة دائماً ما تنتظر أجواء كهذه للعمل على محاولة إفشالها أو تعطيلها. وفي ذات الاتجاه يذهب المحلل السياسي د. صلاح الدين الدومة الذي يري أن أكبر خبير إستراتيجي في العالم يقول بأن الحرب هي إمتداد لسياسة بطرق أخرى، كما ان الأنجليز يقولون أن العسكرية هي سياسة بصوت مرتفع، وأضاف الدومة في حديثه ل((ألوان)) أمس، (الخصوم اعتادوا على إن كان موقفهم في الميدان قوى فهذا يخلق لهم أرضية صلبة في طاولات التفاوض ويتمكنوا من خلالها قطف ثمار الجهد العسكري الذي بذلوه، لذلك فإن عمليات الميدان العسكرية هي شكل من أشكال الضغط السياسي يمارس على الطرف الآخر، ومن خلال الغلبة في الميدان العسكري يعلم الخصم بمدي قوتك ويقدم التنازلات . نقلاً عن صحيفة ألوان 2015/4/19م