كعادتها في التذبذب في المواقف والاضطراب في الرؤى السياسية قالت حركة عبد الواحد محمد نور المتمردة في دارفور أنها لن تشارك في مفاوضات الدوحة المرتقبة بشأن الحل السلمي لأزمة دارفور مشترطة حل الأزمة أولاً!! حيث قال القيادي بالحركة ابراهيم الحلو من منتجعه بالعاصمة الفرنسية باريس حيث يلازم قائد الحركة عبد الواحد هناك، ان حركته لن تجلس للتفاوض قبل إحراز تقدم على صعيد الأوضاع الأمنية ميدانياً مثل نزع سلاح المليشيات وطرد الدخلاء والمستجلبين – على حد وصفه -! ونفي الحلو، أطروحة سابقة قال بها قيادي آخر في حركته بالمطالبة بحق تقرير المصير مشيراً الى أن حركته تتمسّك بوحدة السودان شريطة قيام هذه الوحدة على أساس المواطنة!! وما من شك أن هذه التصريحات يصلح وصفها بأنها (قديمة جديدة) فمنذ التوقيع على اتفاقية أبوجا في الخامس من مايو 2006 وحركة عبد الواحد تضع الشروط تلو الشروط للجلوس للتفاوض، تارة تنادي بحق تقرير المصير أسوة بجنوب السودان وتارة تطلب حل كافة المشاكل في الاقليم واعادة الأوضاع الى الماضي وتارة تطالب بمنصب نائب الرئيس، ثم تعود وتطالب بتعويض كل أهل دارفور تعويضاً مادياً على أساس فردي!! ولعل الأمر المؤسف في كل هذه المواقف والاطروحات أنها تتخذ طابعاً بعيد كل البعد عن الواقعية، إذ أن الأطروحات دائماً ما ينبغي وضعها كشروط لأن الشروط هذه هي التي توضع كموضوعات يتم التفاوض حولها، فالذي يطالب بمعالجة الأوضاع الأمنية كافة ونزع أسلحة المليشيات، واعادة الاستقرار، ما الذي يدعو الحكومة اذن – اذا فرغت من ذلك – للجلوس معه؟ وعلى ماذا سيجري التفاوض اذا حلّت المشكلة؟ كما أن حركة عبد الواحد تطرح ما تطرح وهي تسجّل غياباً تاماً عن الميدان ومن ثم فإن ما تطرحه نفسه لا توازيه قوة ميدانية أو شعبية تسنده، فقادة الحركة واضافة لانقساماتهم وتشرذماتهم بعيدون عن واقع الاقليم فهم اما في منتجعات باريس او في مكتب الحركة بتل أبيب، أو في دولة أوروبية بأحد الفنادق. أما ثالثة الأثافي فهو أن حركة عبد الواحد حتى بلسان بعض قادتها لديهم قناعة كاملة أنهم لم يعودوا يملكون إرادة سياسية حرة أو قرار نابع من إرادتهم فقد سلموا أمرهم لمن يدعمونهم ويوفرون لهم الملاذ ومن المستحيل أن يخطوا خطوة واحدة دون ضوء أخضر من القوى التي تقف خلفهم وتستخدمهم كورقة سياسية لمصالحها الخاصة. وهكذا فإننا ومع اقتراب أجل مفاوضات الدوحة المقرر لها بحر ثلاثة اسابيع نرى ونشهد تذبذب مواقف حركة عبد الواحد ومطالباتها المتداخلة غير المستقرة، وستطل هذه الحركة في قوقعتها السياسية هذه لزمان طويل في وقت قطع فيه وسطاء ورعاة مفاوضات الدوحة بأن هذه الجولة هي بمثابة فرصة أخيرة للحركات الدارفورية المسلحة حيث سئم المجتمع الدولي مماحكاتها والاستحقاق الانتخابي بات على الأبواب ولا مجال للإرجاء والانتظار كما كان يجري في السابق!!