بدأ واضحاً أن تحركات جماعات الضغط والجهات المؤيدة للمحكمة الجنائية قلت في ممارسة أساليبها المعتادة، برفع الشعارات وإصدار البيانات الداعية بعدم استقبال الرئيس البشير بسبب مذكرة المحكمة. تلك الجهات كانت تتحين الفرص لإثبات قدرتها في الضغط واستجابة بعض الدول لها، لكن لكثرة تسفار الرئيس وتحديه المستمر لقرارات المحكمة ونجاحه في كسب التحدي في كل مرة إضافة لمغادرة لويس أوكامبو منصب المدعي العام للمحكمة الجنائية، بدأت تلك الجماعات بتنافسي السودان والتركيز مع دول أخري. الرئيس البشير، وفي زيارة علنية له، غادر إلي جوهانسبيرغ للمشاركة في أعمال القمة الإفريقية المنعقدة هناك، اليوم وغداً في وقت غاب فيه عدد من الرؤساء العرب الأفارقة. دول في القارة الأسيوية كالصين ودول الخليج العربي، سافر إليها الرئيس بعد قرار المحكمة وأخري تردد عليها كثيراً في الجوار الإفريقي، ورغم أن الأمر أصبح معتاداً كما قالت وزارة الخارجية، إلا أن سفره يحظي باهتمام عدد من وسائل الإعلام. لا تحوطات سياسية أو أمنية باتت تتبع لزيارات الرئيس بحسب مصدر مطلع، كانت تحدث لتأمين خط السير والأجواء قبيل تحرك الرئيس لأي دولة، وهو ما قل الآن بحيث تتم فقط الإجراءات الرسمية المتعلقة بحركة الطيران. البشير وبرفقته وفد رفيع المستوي قرر المشاركة في القمة التي تنافس عدداً من قضايا القارة، بعيداً عن الأجندة والمواضيع المتعلقة بالسودان. تشويش وفد المقدمة الخاص برئيس الجمهورية غادر إلي جوهانسبيرغ الأربعاء الماضي للوقوف علي آخر الترتيبات المتعلقة بوصول الرئيس ومشاركته في القمة، لكن رغم ذلك راجت شائعة بترأس النائب الأول بكري حسن صالح لوفد السودان المشارك في القمة، واستصحب الخبر أن البشير لن يحضر لأنه مطلوب لدي المحكمة الجنائية. ودرجت العادة أن تشكلا بعض الجهات أو المنظمات المؤيدة للمحكمة أو تلك المعادية للحكومة السودانية أساليب ضغط إعلامية قبل زيارة الرئيس لأي دولة إفريقية، أو فور سماعهم توجيه رئيس دولة دعوة للبشير. وتمثلت أساليب الضغط إما برفع شعارات مناوئة للزيارة أو إصدار بيانات أو طلب مناشدة للأمم المتحدة أو للجهات السيادية في الدولة المضيفة بعدم استقبال البشير. غير أن مغادرة أوكامبو لموقع المدعي العام للمحكمة قلل كثيراً من أساليب الضغط، حيث يعتقد بعض المراقبين أنه كان المحرك الرئيس لها. أجندة القمة أعمال قمة الاتحاد الإفريقي المنعقدة بجوهانسبيرغ، والتي ستستمر لمدة يومين، تناقش عدداً من القضايا مثل تمكين المرأة، وهو الموضوع الأساسي للقمة والذي يأتي تحت عنوان "عام تمكين وتطوير المرأة"، وقضايا أخري تتعلق بأزمة الهجرة غير الشرعية التي تعاني منها أوروبا بسبب هجرة الأفارقة من القارة. كما تناقش القمة أيضاً ضمن أعمالها أحداث الفوضى في بوروندي والحرب الدائرة هناك، علي خلفية إعلان الرئيس بيارنكورونزيزا، ترشحه لولاية ثالثة، وتهديد الإسلاميين المتطرفين هناك، وأزمة بوكو حرام وما تمثله من مخاطر علي دول القارة كلها، فضلاً عن الوضع المتدهور في جنوب السودان، وستبحث الدول ال54 في الاتحاد الإفريقي المشاركة في القمة، الممول الأساسي والمانحين الدوليين للاقتصاديات الإفريقية، مثل الصين والولايات المتحدة، بالإضافة إلي مناقشة سبل التعاون بين دول القارة والتحديات الاقتصادية التي تعاني منها. رؤساء غائبون في الوقت الذي توجه فيه الرئيس البشير إلي القمة الإفريقية المنعقدة اليوم وغداً (الاثنين) قرر عدد من الرؤساء مقاطعتها، وجاءت المصادفة أن المقاطعة من قادة دول شمال إفريقيا . فالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والمصري عبد الفتاح السياسي والموريتاني محمد ولد عبد العزيز والتونسي الباجي قايد السيسي لن يشاركوا في القمة وكلفوا رؤساء الوزراء لترأس وفود بلدانهم، حيث أبلغ الرئيسان بوتفليقة، والسيسي، الاتحاد الإفريقي عدم مشاركتها بالقمة في وقت مبكر، في حين أبلغ كل من السياسي وولد عبد العزيز بذلك خلال اليومين الماضيين. كما أن ليبيا تعيش حالة من الاضطراب أدي بأن يكون تمثيلها ضعيفاً، فقد وصل وفدان من ليبيا إلي جوهانسبيرغ أحدهما يمثل "حكومة طبرق" والثني يمثل المؤتمر الوطني العام في طرابلس. والمعلوم أيضاً أن المغرب انسحب من الاتحاد الإفريقي منذ العام 1984 احتجاجاً علي الاعتراف ب"الصحراء الغربية" من قبل الاتحاد الإفريقي، وبالتالي سيكون رئيس "جمهورية الصحراء الغربية" محمد عبد العزيز هو الوحيد الذي سيشارك من بين مجموعة رؤساء شمال إفريقيا في القمة. نقلا عن صحيفة السوداني 14/6/2015م