أثار نبأ وفاة الدكتورعصام دربالة، رئيس مجلس شورى «الجماعة الإسلامية» المصرية، مساء امس الأول السبت في سجن العقرب في طرة الذي كان محتجزا فيه بقرار حبس لنيابة أمن الدولة العليا صدمة شديدة للجماعة الإسلامية لإعتباره إحدى قياداتها التاريخية. وجاءت الوفاة بعد ساعات من إصدار النيابة قرارا بتجديد حبسه 15 يوما على ذمة التحقيقات في اتهامه بالانضمام لجماعة على خلاف القانون وتولي منصب قيادة فيها. ونعت الجماعة الإسلامية في مصر في بيان لها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» الدكتور دربالة محملة السلطات المصرية والجهات السياسية والأمنية المسؤولية الكاملة في وفاته بعد منع الدواء عنه. وقال البيان ان دربالة «تم قتله عمدا بعدما منعت عنه إدارة السجن الدواء والرعاية الصحية على مدار الأشهر الماضية، وبعدما تعسفت ورفضت كل محاولات نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج رغم سوء حالته وتدهورها يوما بعد يوم». وأشارت إلى ان «دماء الدكتور عصام دربالة ودماء كل شهيد سقط في معركة الحرية سوف تلاحق الجلادين والقتلة أينما حلوا وأينما ارتحلوا»، حسب قولها. وأضافت الجماعة الإسلامية: «إن الحرمان من الحق في العلاج قتل متعمد تتحمل نتائجه الجهات السياسية والأمنية.. تلك الجهات التي تصر على أن تسوق معارضيها بعصا القتل وسوط التصفية والاغتيال». وقالت الجماعة الإسلامية في بيانها إنها تنعي «الشهيد بإذن الله الدكتور عصام دربالة علماً بارزاً من أعلام الدعوة والفكر في مصر قضى حياته مدافعاً عن الإسلام وقضاياه مؤمناً بحق الشعب في حياة كريمة حرة وعادلة مما أدى إلى سجنه خمسة وعشرين عاماً كاملة قضاها فى سجون مبارك ليعاود النظام الحالي اعتقاله من جديد للضغط عليه لمساومته على مبادئه التي عاش من أجلها». وتابع: «قد ساهم الشهيد عصام دربالة في الحفاظ على سلمية الثورة المصرية بما قدمه من إسهامات فكرية بارزة في هذا الصدد إذ قاد حملة واسعة تحت شعار « لا للتفجير.. لا للتكفير.. لا لقتل المتظاهرين». وشددت الجماعة الإسلاميةعلى أنها لن تتراجع عن «المضي قدما في السعي لتحرير كامل الإرادة الشعبية واسترداد حرية الوطن وكرامته رغم سياسات الدولة القمعية» على حد وصفها. وصرح مسؤول مركز الإعلام الأمني في وزارة الداخلية في بيان لها بأنه «مساء السبت توفى المتهم محمد عصام الدين حسن أحمد دربالة المودع بسجن شديد الحراسة في طرة على ذمة القضية رقم 408 لسنة 2015 بتهمة الانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون». «وكان المتوفى قد شعر بحالة إعياء عقب عودته من إحدى جلسات المحاكمة. وبتوقيع الكشف الطبي عليه تبين أنه كان يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة وانخفاض بضغط الدم وارتفاع نسبة السكر بالدم. وعلى الفور تم عمل الإسعافات الأولية اللازمة وأثناء نقله للمستشفى لتلقى العلاج. فحدث نزيف من الأنف وهبوط بالدورة الدموية والتنفسية أديا إلى وفاته. ويُشار إلى أن المتوفى له تاريخ مرضي سابق.. جلطات سابقة مرض السكر وتم اتخاذ الإجراءات القانونية وإخطار النيابة العامة لمباشرة التحقيقات». ومن جانبه قال المستشار نجيب جبرائيل رئيس منظمة الإتحاد المصري لحقوق الانسان «الايرو» ل«القدس العربي»: « نحن لا نستطيع ان نسابق الأحداث في مثل هذه الأمور، وأهله طالبوا بتشريح الجثة. واذا تم اثبات ان نتيجة الوفاة تعود إلى اهمال صحي او تعذيب فلن نصمت على ذلك مطلقا بإعتباره مواطنا قبل أي شيء. اما إذا كان سبب الوفاة طبيعيا ويعود إلى مرض مزمن او غيره فهذا امر الله ولا نستطيع ان نفعل شيئا ولكن لا يمكن انكار ان وفاته اثارت وما زالت تثير نوعا من الجدل خاصة وانه من القيادات البارزة للجماعة، وقد سبق وجود حالات وفاة بالسجون من قبل». ونعى «حزب البناء والتنمية» في بيان له وفاة دربالة وطالب الهيئات والمنظمات الحقوقية الدولية بضرورة التدخل لإجراء تحقيق سريع في وفاته وغيره من الحالات المشابهة. وحمل الحزب المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان مسؤولية ما يحدث لقياداتها في السجون. ودعا طارق الزمر، رئيس حزب البناء والتنمية في بيان له، عناصر الجماعة الإسلامية على التصعيد بعد وفاة الشيخ دربالة. وقال: «إن وفاة عصام دربالة لن تثنى الأحرار في هذا البلد من إكمال المسيرة» على حد قوله. كما حرض تحالف دعم الإخوان في تركيا عناصره على التصعيد بعد وفاة الشيخ دربالة. وقال التحالف في بيان له: «نهيب بأنصارنا العمل بكل جد ورص الصفوف لتحقيق أهداف الصورة». ونعت أسرة الرئيس الأسبق محمد مرسي دربالة فقال أسامة مرسي، نجل الرئيس الأسبق عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «تتجه أسرة الرئيس محمد مرسي بخالص العزاء للأمة والوطن في وفاة المناضل الكبير الدكتور عصام دربالة.. سائلين المولى عز وجل أن يلهم أهله وإخوانه الصبر والسلوان». ونعى التحالف الوطني لدعم الشرعية أحد أبرز أعضائه الدكتور دربالة وقال في بيان له: «إن الشهادة هى أسمى ما يتمناه المرء. ولكن القصاص واجب شرعي وأن من يحاولون دفع البلاد إليه سيكونون أول من يذوق وبال أمره وستكون عاقبة أمرهم خسرا». وأضاف البيان: «يهيب التحالف بكل الأحرار العمل بكل جد للحيلولة دون تحقيق نظام العسكر لمآربه ورص الصفوف في مواجهته لتحقيق أهداف الثورة لأن الحياد في معركة الحق والباطل هو عين الخيانة، والله أكبر والمجد للشهداء». وأدانت مؤسسة «إنسانية» مهتمة بالنشاط الحقوقي مقتل القيادي دربالة، وطالبت بمحاسبة إدارة السجن لتورطها في قتله بعدما أهملته طبيا ومنعت دخول الأدوية له أو عرضه على طبيب واحتجازه في زنزانة غير آدمية رغم تدهور وضعه الصحي. وشددت المؤسسة على أن قتل «دربالة» يعتبر جريمة ضد الإنسانية لا سيما مع الانتهاكات الكثيرة التي يتعرض لها المعتقلون في سجن العقرب ورفض إدخال الأدوية والمأكولات وحملات التجويع التي تتم بحق المعتقلين به ومنع الزيارات عنهم لشهور طويلة متتالية. الجدير بالذكر ان أجهزة الأمن كانت قد اعتقلت دربالة في 13 مايو / ايار 2015 وتم حبسه على ذمة القضية رقم 473 لسنة 2014 والمعروفة إعلاميا ب«تحالف دعم الإخوان»، وذلك فى أحد الأكمنة المعده له بمحافظة قنا. ويعد دربالة أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية وأحد أهم منظريها وقد سبق أن أمضى أكثر من 25 سنة في السجون المصرية ثم أفرج عنه قبيل ثورة 25 يناير. وتأتي وفاته في السجون المصرية بعد أيام قليلة من وفاة القيادي في الجماعة عزت السلاموني بسبب الإهمال الطبي بعد رفض إدارة سجن طرة في جنوبالقاهرة نقله للمستشفى لتلقي العلاج اللازم بعد تدهور حالته الصحية. المصدر: القدس العربي 10/8/2015م