رغم جهود المؤتمر الوطني الحثيثة لتدارك السودان قبل انفراطه، لكن وضح من خلال احتفالات المجلس التشريعي لجنوب السودان وخطاب رئس حكومة الجنوب الفريق سلفاكير ان الوحدة السودان ماتت اكلينيكيا، ما تبقى من مشهد الوفاة هو تحرير الشهادة ومن ثم التشييع الى مثواها الاخير باعلان دولة الجنوب. الفريق سلفاكير ميارديت اعطى الضوء الاخضر امس الاول لمواطني الجنوب للتصويت لصالح الانفصال عندما اعلن في حفل تنصيبه رئيساً لحكومة الجنوب ان الزمن قد ولى بشأن الحديث عن الوحدة، وهذا يعني حكما قاطعاً منه على ان ما يفصل الجنوب عن قيام الدولة هو ما تبقى على الاستفتاء. الحقيقة التي لا تحتاج الى كثير ملاحظة هي ان هناك شبه اتفاق بين قيادات الحركة الشعبية على تعلية نبرة الانفصال كلما اقترب موعد الاستفتاء الذي لم يتبق عليه اكثر من ستة اشهر.. الموضوع يشبه الى حد كبير خطة موضوعة ومدروسة بعناية وليس عفو الخاطر أو ما يعرف عملياً ب(التلباثي).. من يجد تصريحا واحدا لقيادي في الحركة الشعبية هذه الايام يدعو الى وحدة السودان فانه سيجد جذوة النار وسط المياه وهذا مستحيل. لا غضاضة ان اختار المواطن سلفاكير ميارديت التصويت للانفصال عند الاستفتاء، ولكن ان يروج سلفاكير رئيس حكومة الجنوب للانفصال فهذا اكبر خرق لاتفاقية السلام الشاملة التي نصت على اعطاء الوحدة الاولوية على ما عداها. المشكل الاخر هو أن تقييم رئيس الحركة لموضوع الوحدة والانفصال لن يمر هكذا، لأن الجيش الشعبي لا تعوزه الحيلة في ترجمة رأي سلفاكير بشأن الانفصال الى اصوات في صندوق الاستفتاء مثلما فعل خلال الانتخابات الاخيرة. رغم ان نيفاشا كانت فتحا لكثير من القضايا السياسية المستغلقة، الا انها في ذات الوقت منحت الجنوبيين الانفصال على طبق من ذهب، ولكنها فقط دعتهم الى الانتظار خمس سنوات حتى ينالوه. نقلاً عن صحيفة الوفاق السودانية 23/5/2010م