قال الحزب الوطني الحاكم في السودان أن الحركة الشعبية التي تشاركه الحكم وتتفرد بحكم الجنوب السوداني يقبع في معتقلاتها ما مجموعهم (450) من عضوية الحزب بالجنوب! وقال مقرر لجنة الانتخابات لحزب الوطني ان الاجراءات التي طالت عضويته في الجنوب إبان الاستحقاق الانتخابي وصلت الى حد التصفية الجسدية! محذراً من تكرار الاستحقاق الانتخابي وصلت الى حد التصفية الجسدية! محذراً من تكرار هذه الممارسة في عملية الاستفتاء المرتقبة وقال المقرر علي حامد ان شراكة حزبه مع الحركة – بهذه الكيفية – في حاجة إلى مراجعة. وما من شك أن هذه الحقيقة المفزعة تقتضي وقفة جادة فإذا كان هذا هو حال أعضاء الحزب الشريك الذي تعتمد عليه الحركة الشعبية في إمضاء شراكتها فكيف ببقية الأحزاب السودانية الأخرى التي تنشط في الجنوب؟ إذ أن اعتقال هذا العدد الهائل حقاً من عضوية الحزب الوطني أمر يقدح تمام القدح في أي مصداقية للحركة ازاء التحول الديمقراطي وقبول العملية الديمقراطية ولنا أن نتصور بالمقابل، لو أن الحزب الوطني اعتقل (فرداً واحداً) من عضوية الحركة الشعبية كيف كان سيكون الوضع وهل كانت الحركة الشعبية تصمت على ذلك؟ ان من الواضح أن هذا النموذج نموذج مؤسف ويدل على أن الذين اعتقلتهم الحركة من عضوية بقية الأحزاب الجنوبية والمواطنين العاديين أكبر والفارق الوحيد أن الحزب الوطني امتلك امكانية معرفة ما يجري لعضويته والإلمام بكل ظروفهم، كما أن الحزب الوطني يمتلك ايضاً وسائل الضغط لاطلاق سراح منسوبيه، فماذا اذن عن بقية القوى السياسية الأخرى؟ لقد رأينا كيف أن الجنوب شهد طوال الخمس أعوام السابقة ملاحقات ومضايقات للأحزاب السياسية فيه للدرجة التي اضطر معها د. لام أكول زعيم التغيير الديمقراطي لرفع دعوى دستورية لتمكينه من ممارسة نشاطه! والسؤال هو كيف سيضمن السودانيين مناخاً مواتياً متراضي عليه لاجراء استفتاء مصيري في الجنوب السوداني تطمئن اليه قلوب الجميع؟ في ظل وضع مزري ومؤسف كهذا لا مجال فيه للحريات ولا يترك أصحاب الآراء السياسية للصدع بآرائهم؟ أو ليس من حق أي حزب سياسي سوداني الآن أن يمارس حقه في التواصل مع المواطنين بشأن الوحدة أو الانفصال؟ ان هذا الأمر يبدو بالفعل أمراً مقززاً – اذا جاز التعبير – فالاستفتاء تم تصميم ما يسبقه من فترة انتقالية عمرها (6) سنوات لتهيئة المناخ حتى يتم في أجواء مواتية وعافية سياسية يكون كل حزب سياسي مارس فيها حقه في الدعوة لما يريد وحدة أو انفصالاً وفقاً لرؤاه وأطروحاته فإذا كانت الحركة تريد فقط فرض رأيها هي فما الحاجة إذن من الأساس للاستفتاء نفسه؟