أوفد الرئيس اليوغندي (يوري موسفيني) الاسبوع الماضي أحد مسئولية وهو بدرجة وزير دولة بالخارجية اليوغندية الي الخرطوم لمقابلة الرئيس السوداني ووزير الخارجية علي كرتي سعياً من كمبالا لمعالجة ما جري قبل أسابيع حين بادرت كمبالا بالحديث عن عزمها اعتقال الرئيس البشير اذا وصل اليها للمشاركة في القمة الافريقية المقرر لها يوليو المقبل. وقالت مصادر دبلوماسية في كمبالا أن المسئول اليوغندي يود التقاء الرئيس البشير لبحث الامر وايضاح جوانب أخري ويتطرق الي قضية مياه النيل. ونحن هنا وبعيداً عن ما سيقوله المبعوث اليوغندي وما سوف تسفر عنه مباحثاته مع المسئولين في الخرطوم ندرك أن كمبالا دون أدني شك أدخلت نفسها في ورطة وصنعت أزمة لم تكن بأي حال تناسبها أو تناسب وزنها الاقليمي (أذن اقصي وزن ليوغندا لا يتعدي كونها (أداه استخبارية غربية) متاحة لمن (يرغب)! والراغبين عادة هم الدول الغربية الكبري وقد تلقي السودان في السابق العديد من المواقف العدائية من كمبالا ولكنه كان – بتسامح عرف عنه – يتغاضي عنها ويتجاوزها بسرعة . والان الرسالة تبدو واضحة فالرئيس موسفيني الذي أظهر (ذات الاضطراب) حين كان اخر المودعين لزعيم الحركة الشعبية الراحل جون قرنق لتتحطم طائرته (والتي هي طائرة موسفيني الرئاسية نفسها) ويلقي زعيم الحركة مصرعه هو نفسه الذي يظهر الان أيضاً (ذات الاضطراب) بشأن (العمل الاستخباري) الذي طلب منه القيام به تجاه السودان في القمة الافريقية المقبلة اذ أن من (سؤ حظ الرجل) أنه لا يحسن اتفاق العمليات الاستخبارية ولا يستيطع التحكم في (أعصابه) ويصاب بتفلتات سرعان ما تكشف ماوراء يديه المرتعشتين . أن انعقاد القمة الافريقية في كمبالا في اطار التقاليد المعروفة في الاتحاد الافريقي أمر عادي وتوجيه الدعوة للقارة والرؤساء أيضاً هو أمر عادي تقوم به سكرتارية الاتحاد ومن ثم فان كل رئيس دولة يقرر الحضور أولا يحضر حسب ظروفه وجدول أعماله الخاص هذه كلها أمر عادية وترجي باعتبار تام ولكن الرئيس موسفيني جعل منها قضية أراد من خلالها اصابة هدفين (في وقت مبكر)!! مع أن حسن تقدير الامور كان يقتضي أن يحرص الرجل علي القيام بواجبات الضيافة كاملة بعيداً عن أي تهديدات غير مألوفة البتة في تعامل القادة والرؤساء . ولئن أقام الرئيس موسفيني مؤثراً للجنايات الدولية في بلاده قبل اسابيع فذاك من حقه طالما أنه مؤمن بها وجزء من ميثاقها ولكنه تناسي طبيعة علاقاته بالسودان وتناسي قرارات الاتحاد الافريقي الرافضة للتعامل مع الجنايات الدولية بحق الرئيس البشير وهي ملزمة لكافة دول الاتحاد وهذا ما يجعل من ايفادة لمبعوث خاص لمناقشة قضايا استراتيجية كهذه مجرد عمل علاقات عامة لا يقدم ولا يؤخر وقد كان من الممكن أن يكون الرجل جاداً اذا حضر بنفسه الي الخرطوم وأجري محادثات مع نظيره السوداني وبدا (واضحاً) في مواقفه الغريبة هذه ولكنه طالما لم يفعل واكتفي بالرسائل المكتوبه بمداد الخوف والتردد والمخادعة فهو لن يتقدم شبراً واحداً!!