العلاقة السودانية المصرية يحكمها التاريخ المشترك والثقافة والامتزاج، ويتحكم فيها الميزان السياسي والاجتماعي الحساس بالقرب الجغرافي والعرق والنسب، علاقة شديدة الحساسية لوضع مصر قربها من العدو الصهيوني، والابتلاء بضيق الأرض والانفجار السكاني وصراع المياه، فالمعادلة العلاقات السودانية المصرية تجمعها التحفظات لإيجاد العذر والاعتذار وتقديم المعاذير وترجيح كفة التوافق والالتقاء على القواسم المشتركة، بعد ضيق النفس السياسي يتسع مجرى النيل بمائه العذبة، فتنفرج حالة الضيق والتوتر ويتسع الصدر، فالتقديرات السودانية المصرية تجمعها حيثيات حساسة متناهية في الصغر لكثرتها، وكبيرة في القدر لعظمتها، ومتناثرة الأهمية لصعوبة الجمع أحياناً للوفاق وطرح المصالح القومية المشتركة بكل شفافية، لوجود العدو الاسرائيلي من خلف الشقيقة مصر قاصماً ظهرها مكراً، ومبدداً طاقتها عنوةً، أن تجود بالكادر البشري والخبرة المصرية على المجتمع العربي والجوار السوداني الحريص على الشقيقة والعلاقات الأزلية المهمة، فالعلاقة السودانية المصرية ممزوجة بكثير من المصاعب السياسية التراكمية للابتلاء العربي ولكثرة الضرب السياسي المروع والترويع الجهري والاستفزازي الإسرائيلي الدائم على مصر قطعاً للمعونة الأمريكية أو تسليط الضوء على الحقوق الانسانية المصرية المضيعة أو إثارة الكراهية والغبينة السياسية مع الأقباط المصريين والأقليات الأخرى، فالعدو إنسانية البشرية ساند ظهره على حائط المبكى متصنطاً ومتجسساً على الحركة الحياتية اليومية المصرية اختراقاً اجتماعياً بدون استحياء وتخويفاً ملحوظاً بدون رقابة مستنصر بالاستنفار السياسي العالمي للأداة الغربية الاستعمارية. فالعلاقة السودانية المصرية تحتاج لكثير من الجهود لتواضع التنفيذ للاتفاقيات المتفق عليها بين البلدين، تقديراً للمصير والاتجاه المشترك، ورابطة إخوة الدين والعروبة والإسلام ونيل الاتصال الحضاري. ولئن انشطر السودان إلى نصفين بنتيجة الاستفتاء القادم، يحمل وزرة العلاقات السودانية المصرية أن مكنت للتهاون وعدم الاهتمام بخطورة الفصل اليهودي بالآلية العبرية الصهيونية مهددة الأمن القومي المصري، والكارثة أحاقت بالمجتمع السياسي المصري السوداني، فأصبح العدو من خلفكم ومن أمامكم دولة الصهيونية العالمية الثانية تظهره في جنوب السودان، حبساً للأنفاس المصرية، وتضيقاً على اتفاقيات الماء ووقف جريان المياه، أن تنساب إلا بشرط المشاركة والاشتراط لأبناء يهود في الماء العذب، فالعلاقة السودانية المصرية موعودة بحزم حادة تحد من الاستمرار والاستقرار تواجهه الانعطاف السياسي الخطير، ولربما اخترع علينا اليهود والدولة العبرية حرباً إعلامية وأخرى دبلوماسية بين السودان والشقيقة مصر، وحرباً أخرى في جنوب السودان اقتتالاً وقتلاً مباشراً تدخل فيه الدولة الوليدة في معادلة صعبة الميزان السياسي والاتزان بين السودان والشقيقة مصر، فأصبحت الحاجة السياسية الماسة للاتصال السريع والاندماج لكل المؤسسات الاجتماعية والثقافية والسياسية السودانية المصرية عبر شراكات ذكية، أن نذر الخطر لاحت تشير إلى عقارب الانطلاق من القدر الإسرائيلي الأول والدولة العبرية ومنكوبي قطاع غزة الجريح، إلى قدر آخر إسرائيلي الصنيع بالمباركة الغربية لدولة الصهيونية أن تدار بالإنابة المعادلات السياسية الصعبة لمواجهة المجتمع العربي وخاصة القرب، فعلى الإدارة المصرية أن تختار الضغط السياسي والكماشة الاسرائيلية السياسية الجديدة من جنوب السودان إلى معبر رفح بنظرية القوة الرابعة الأمريكية. فكثرة النوافذ الإعلامية والمنابر السياسية الفضائية واتساع دائرة المعرفة وتوفر المعلومة السياسية وصول الحدث السياسي المباشر أدوات أذكت الحياة المعرفية والتوعية للمجتمعات المدنية وخاصة الممجتمع العربي فيما يتعلق بالموقف السوداني والقرب المصري والتفاعل الشعبي واستحواذ الدولة على الحرية الفردية للتعبير وسد الدولة باب المعرفة والتميز سابقاً وجعلت المعرفة والاتصال ناقص الكمال والاكتمال. ولعل قصوراً فى التبادل والانفعال بين الطرفين أدى إلى كثير من التنازع السياسي وعدم الاكتراث للمصالح المنفعية الاقتصادية المتبادلة، فالتأثير الضعيف في التبادل المشروع بين الكيانات المشتركة في الهم والمكان الجغرافي، وعدم التزاحم حول المجالات الاقتصادية المتفرقة المطلوبة من تصنيع، أدت كل هذه إلى ضعف الاتصال والوصل والإبداع والحراك والتقدم في تجويد العلاقة بين البلدين، ولو أن الإستراتيجية المشتركة انطلاق لعالم التصنيع من السودان المتسع بالخبرات المصرية المعروفة، إلى كل القارة الإفريقية والعالم من حولنا، تجارة بينية بين دول الجوار الافريقي والاشقاء الافارقة، ولعل اهتمام السودان بالزراعة وشراكات مع دول العالم في مجال تأمين حاجيات البلدين، فالزراعة والمحاصيل الإستراتيجية من قمح تجعل المنتج الجديد استراتيجي وربط سياسي قوي، فهل أفردنا منتجاً مثل القمح قاسماً مشترك لتطوير العلاقة من المظان والمزايدات، ولعل السودان أصبح الدولة التي صوب العالم المحيط نظره لأرض السودان الخصبة زراعةً وفلاحةً متميزة، لكان سبق مصر الجارة أسرع موصولاً من الشركات العربية الأخرى والأجنبية المهتمة بأمر الأمن الزراعي والتأمين. لقد انتزع الشعبان رهبة الدولة وهيبتها في الاتصال الشعبي، فلم يبالِ بالتوتر السياسي، من جراء إلباس الأمور باستفزازية للعقل الراشد، فالشعوب ضاقت بالكيد السياسي، والإرهاب الأدبي، أن تعبر عن شعورها، ففي المجتمعين المصري والسوداني عقلاء همهم مشركة ومصيرهم واحدة ودينهم واحد وفكرهم السياسي محفوظ المكانة العقدية والاتصال الثقافي. فالعلاقات السودانية المصرية أزلية الاتصال، ليس على المخاصمات والمراجعات شخصية أو أهواء استعمارية، بل محفوف المخاطر الغربية ومنقوصة الاهتمام المصري لضيق الكماشة الإسرائيلية على عنق الشقيقة، فالمعية السودانية للسياسية الخارجية المصرية موفور الحظ ومقدرة الاهتمام السوداني، فالعلاقة السودانية المصرية ليس من صنع الحكومات المتعاقبة على الدولتين الجارتين، بل من صنع الانسياب الإنساني الإفريقي والتجربة البشرية عبر نيل الاتصال الإفريقي، ولو كانت بيد الحكومات المتعاقبة لسياستها مكراً، وجعلتها صناعة مزجاة من خبث العمل الاستخبارى وسوء تقدير للأحوال السياسية والاجتماعية. نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 28/6/2010م