أضافت محكمة الجنايات الدولية – الغرفة التمهيدية – الاثنين الماضي تهمة الابادة الجماعية الى التهم المتعلقة بالجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب التي كانت قد أصدرت بها مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني المشير البشير في الرابع من مارس 2009. قرار اضافة تهمة الابادة الجماعية تم بموجب توجيه صادر من الدائرة الاستئنافية للمحكمة بناءً على مذكرة استئناف قدمها لها مدعي عام المحكمة الجنائية في وقت سابق عقب صدور المذكرة الأولى مطالباً فيها غرفة الاستئناف باضافة تهمة الابادة الجماعية التي لم توردها الغرفة التمهيدية في المذكرة التي أصدرتها في الرابع من مارس 2009. توجيه الدائرة الاستئنافية للغرفة الابتدائية كان هو في حد ذاته غريباً وأثار استغراب رجال القانون والقضاء لأن التوجيه طالب الغرفة التمهيدية (باعادة النظر في قرارها القاضي بعدم وجود مسوّغ لتوجيه تهمة ابادة جماعية)!! ومبعث الغرابة هنا – وهو أمر يعرفه رجال القانون جيداً – أن (اعادة النظر) في قرار سبق اصداره معناه (الزام الدائرة التمهيدية باصدار قرار جديد حتى ولو كان ضد قناعتها)!! وعلى فرض أن الدائرة التي تم توجيه اعادة النظر اليها هي دائرة غير الدائرة التي نظرت التهم منذ البداية فإن هذه الدائرة الجديدة – في العادة وفي مثل هذه الأحوال – تفهم أن المطلوب منها اصدار تهمة جديدة ومن ثم ينشغل ذهنها بضرورة تلبية واستيفاء التوجيه وهذا أمر معروف في العمل القضائي خاصة وأن المحكمة الاستئنافية طلبت من الدائرة التمهيدية (تضييق)!. المعايير التي اعتمدت عليها في تحديد تهم الابادة الجماعية! ولا توجد اشارة أوضح من ذلك الى أن المطلوب هو اصدار تهمة ابادة جماعية. ولهذا فإن الدائرة التمهيدية التي وضعت الاوراق أمامها كان محتماً أن توجه هذه التهمة، لأن الامر جاء اليها باعتباره أمراً لا مناص منه ولعل من هنا نستطيع أن نفهم وندرك أبعاد القضية، فالمجتمع الدولي لن ينفعل – كما تبادر الى ذهن من يقفون وراء المحكمة – مع القضية ما لم تكن فيها تهمة ابادة جماعية وهي واحدة من أبشع التهم، وفي الوقت الراهن فقد شارفت أزمة دارفور على الانتهاء، وتجري مفاوضات الدوحة في مناخ مواتي للتوصل الى سلام، وربما وجدت بعض الحركات الدارفورية المسلحة مثل حركة عبد الواحد محمد نور أنها باتت في (حرج بالغ) ازاء رفضها المشاركة في مفاوضات ترعاها وساطة اممية افريقية مشتركة ولهذا لابد من (آلية لممارسة ضغط فاعل على الجانب الحكومي) لاعطاء الحركات الدارفورية المسلحة الذريعة لمقاطعة المفاوضات ولاضعاف الموقف الحكومي في ذات الوقت وجعله يقبل بما لا يمكنه قبوله. من الواضح ان توقيتات صدور القرارات من محكمة الجنايات تكفي وحدها للتدليل على أنها (عوامل مساعدة) لتحقيق اهداف وغايات معينة في أوقات معينة وهذا في الحقيقة ما يجعل من هذه القرارات مدعاة للسخرية لأنها انكشفت وبانت كافة جوانبها بحيث لم تعد تلفت انتباه أحد!!