قبل وصول الرئيس السوداني المشير البشير الى أنجمينا مشاركاً في قمة (س ص) التي استضافتها تشاد قبل أيام كانت العديد من الرؤى والأفكار تتداعى في أذهان المراقبين – محلياً واقليمياً ودولياً – وتدور كلها حول ما اذا كان الرئيس سينفذ زيارته، وان الرئيس دبي سوف يستقبله دون أن يستجيب لطلب الجنايات الدولية باعتبار تشاد عضواً فيها وملزمة بانفاذ قراراتها أم لا؟ وتشير المحللة السياسية (رولاكي أكينولا) التي تعمل لدى مؤسسة (أوراسيا) إلى أن أي قرار باعتقال البشير سيقود الى نتيجة عكسية.. فالهدوء النسبي على حدود البلدين قد يتعرض للخطر. وكانت رولاكي تتنبأ – قبل الزيارة – من واقع قراءتها العميقة لطبيعة علاقات البلدين – تشاد والسودان – أن تشاد لن تخاطر مطلقاً باتخاذ خطوة اعتقال البشير استناداً الى حاجة دبي الى هذا الهدوء النسبي في الحدود قبل الانتخابات العامة المقرر اجراؤها العام المقبل في تشاد. ويعضد مدير مشروع مجموعة الأزمات الدولية في القرن الافريقي (إرنست يان) من تحليل المحللّة (رولاكي) ويضيف (إن كلا الطرفين – تشاد والسودان – سيرغبان في أن يظلاّ على وفاق، غير أن دبي – بحسب (إرنست) قد يواجه انتقاداً دولياً من مؤيدي الجنائية حتى من بين دول القارة الافريقية مثل جنوب افريقيا ويوغندا. وتعود (رولاكي) في اضافة تحليلية أخرى وتقول (ان هناك شعور عام بالتضامن بين الأفارقة من شأنه أن يحد من الضغوط على البشير). كان هذا قبل وصول البشير الى أنجمينا، وهي صورة حاول هؤلاء المحللين رسمها مستقبين الصورة الأصلية ولهذا فقد كانت الصورة الأصلية لوصول الرئيس البشير الى أنجمينا أبلغ، حيث لقى البشير حفاوة رسمية وشعبية فاقت أي حفاوة وجدها أي رئيس آخر ما يشير الى صحة تحليلات المحللين المشار اليهم، ويشير أيضاً من جهة ثانية – وهذا في الواقع هو الأهم والذي أبرزته بقوة قمة الاتحاد الافريقي في كمبالا رغم عدم حضور البشير لها – أن التضامن بين القادة الأفارقة اشتدت وتيرته وتضاعف اضعافاً مضاعفة حيث جرى التأكيد على قرارات الاتحاد الافريقي السابقة والتأكيد على قرار مجموعة (س ص) ، بعدم التعاون مع الجنائية، ومضى القرار الى أكثر من ذلك برفض فتح مكتب للجنائية في مقر الاتحاد الافريقي بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا، لقد كانت تلك المشاهد في الواقع بمثابة (ثورة افريقية) – اذا جاز التعبير – ابتدرها بقوة الرئيس التشادي دبي فهو على أية حال تحلّى بأصالة افريقية وجرأة ليست سهلة في ظل الواقع الدولي الراهن، كما وجه لطمة غير متوقعة من محكمة الجنايات قضى بها على أي وجود لها لدى الأفارقة على الأقل.