نقلت الأنباء أن منظمة صندوق دعم الأطفال (يونسيف) التابعة للأمم المتحدة والمفترض ان تضم في عضويتها الدول ذات السيادة وذات العضوية في المنظمة الدولية قد قامت بتوقيع اتفاق لإعلان المباديء مع حركة العدل والمساواة التي تحارب الحكومة المركزية في الخرطوم. الأمر هنا لا يتعلق –على الإطلاق- بمشروعية أو عدم مشروعية حرب الأطراف المتنازعة في دارفور بقدر ما يتعلق بإنفتاح منظمات الأممالمتحدة على الحركات المسلحة المتمردة والتجربة تبدأ بالسودان طبعاً يوم الأربعاء 21 يوليو الماضي وضعت حركة العدل والمساواة، على عجل، حلة جديدة على ظهر السيد سليمان جاموس وطوقت عنقة بربطة (غير متناسقة مع لون الحلة) ثم اجلسته برفقة أحمد حسين آدم لالتقاط الصور في مركز هنري دونان للحوار الإنساني مع مدير اليونيسيف في السودان نيلس كاستبيرغ، ومدير إدارة المساعدة الإنسانية لمنظمة الأممالمتحدة في جنيف رشيد كاليكوف. كانت المناسبة التوقيع على ما سمي ب (إعلان مباديء) بين الأممالمتحدة والحركة لحماية الأطفال من تأثيرات الصراع المسلح في دارفور. علمتني التجربة والخبرة ان أتجاهل دائماً أحاديث الناطقين الرسميين باسم الأحزاب السودانية كلها إلا كمال عبيد. ليس لأنه الناطق الرسمي باسم حزب الحكومة ولكن لأنه قيادي حقيقي بين جماعته، بعكس الناطقين الآخرين الذين يمثلون في العادة عناصر (تحت الإيد) من الجماعة التي ليست مؤهلة للمنافسة على المقاعد الأمامية. بعض الأحزاب مضت أكثر فقسمت المنصب إلى منصبين لشخصين اثنين من الحركة الشعبية وحتى حركة مني أركو مناوي التي كان لها ناطقين رسميين أحدهما عصام الحاج والآخر محجوب حسين الذي كان لقبه الرسمي (الناطق الرسمي باسم رئاسة الحركة) الأمثلة كثيرة لكنا لا نقول الآن إلا : فليسعد النطق إن لم يسعد الحال! المهم في الأمر أن أحمد حسين آدم وجد أمامه وحدة (سويس إنفو) التابعة لراديو وتلفزيون سويسرا فنطق لها. ونظراً لأن اليونسيف لم تبث النبأ على موقعها الإلكتروني ولا على تلفزيونها على شبكة الإنترنت، وهذا أمر غريب، فإن تصريحات أحمد حسين هي المتاح الآن. قال الناطق الرسمي إن الإتفاق أوسع من موضوع تجنيد الأطفال "إمكانياتنا بسيطة جدا جدا، لذلك لنا أمل في أن هذه الوثيقة ستعطينا الفرصة بأن يقوم المجتمع الدولي وخاصة ممثلا عبر منظمة اليونيسيف بمساعدتنا للقيام بمسؤولياتنا بصورة كاملة في مساعدة الأطفال وفي حمايتهم". المعلومات القليلة المتوفرة –في ظل تعتيم اليونسيف- تشير إلى أنه يحق للمنظمة الدخول إلى كافة مناطق الحركة للتحقق من امتثالها لبنود الإتفاق. هذا يعني إطار قانوني دولي لتواجد معاونين وخبراء (خواجات) في معسكرات جيش الحركة بزعم حماية الأطفال وللقيام بأي مهام أخرى، إضافة إلى إعطاء مشروعية لتوفير الدعم الأممي لحركة العدل والمساواة تحت غطاء دعم هؤلاء الأطفال. حسناً يمكن لأي دولة أن تبعث ب(متطوعيها) ضمن فرق اليونسيف حامية أطفال دارفور! هكذا تدخل اليونسيف دارفور في إزار الإلهة أبيونا! تحتاج حركة العدل والمساواة الآن فقط إلى أطفال وكلما زاد عدد الأطفال لديها كلما كبر حجم الدعم، لذلك فمن المتوقع ان تنشط الحركة في حملة كبيرة لاستقطاب الأطفال (يمكن ان تقرأ اختطافهم) من أجل الوفاء بالتزاماتها وفق الإتفاقية الجديدة. لا تحتاج الحكومة إلى معلومات وخبرة في هذا الشأن إذ يكفي أن تسأل أياً من المتمردين السابقين الذين يقاسمونها الملح الآن، عن كيف كانت منظمات العون الإنساني توفر الإمدادات لمليشياتهم. على مدى ثلاثة حلقات مطولة كتبنا محذرين من منظمة اليونسيف تحت قيادة مديرها التنفيذي الجديد أنتوني ليك ( راجع الرأي العام 13-20-27 مايو، أنتوني ليك في مستودع الخزف: رجل المخابرات متنكراً في إزار اليونيسيف)، لذا فإننا لسنا بحاجة لأن نبدي ونعيد. في أول رد فعل حكومي على التوقيع، قامت وزارة الخارجية باستدعاء نائب ممثل اليونسيف في السودان لتبلغه احتجاجاً شديد اللهجة، ورفضاً قاطعاً للاتفاقية باعتبارها " تُشكّل خرقاً واضحاً للاتفاقيات والمواثيق الدولية"، وطالبته بتقديم إيضاحات مكتوبة حول الإتفاقية تمهيدا-فيما يبدو-ً لإعلان موقف الخرطوم من الأمر برمته. هناك دم جديد يسري في عروق الخارجية وهذا حسن فلننتظر. لمصلحة منظمة اليونسيف هناك في الفقرة الأخيرة لهذا المقال خبر بشع يعكس صورة مؤسفة لما يحدث للأطفال في يوغندا، والسودان ليس في مأمن من الأمر نقلاً عن صحيفة الراي العام السودانية 29/7/2010م