كان القيادي البارز بالحركة و نائب رئيس البرلمان السوداني الاستاذ أتيم قرنق شديد التعسف - اذا جاز التعبير- و هو يرسل تحذيرات لها معني التهديد من عواقب طرد مواطني الجنوب من الشمال حال وقوع الانفصال ،وفى الوقت نفسه يدعو قرنق الى اعتماد نظام الجنسية المزدوجة ! هذا الموقف مدهش بحق ليس لأن الشمال ينوي طرد الجنوبيين حال إقراراهم للإنفصال فهذا لا يقع فيما نعتقد ضمن عادات وتقاليد واخلاق الشمال السوداني ،ولو كان ذلك سيحدث لحدث لجاليات أجنبية لا اول لها و لا آخر تعيش فى السودان عزيزة مكرمة على الرغم من ان أسباب بقائها فى السودان قد انتفت ، فالكل يعلم بكمية اللاجئين والأجانب المقيمين بالسودان وجهود السودان لتوفيق أوضاعهم و معالجة اقامتهم ، كما ان هذا لو كان سيحدث لحدث منذ ان انتهجت حكومة الجنوب منذ سنوات نهجاً شاذاً بطرد الشماليين من الجنوب و اجبار بعضهم عبر سياسة مرسومة قضت بانتزاع أموال و ممتلكات هؤلاء المواطنين الشماليين و اجبار بعضهم للعودة الى الشمال بدون أي شئ و البعض الآخر رهن الاعتقال وبعض ثالث مجهول المكان والمصير. و هذه أمور موثقة ومسجلة ولا تحتاج منا لإثبات ، لهذا فان تحذيرات أتيم و اضافة الى أنها لا معني لها من قريب ولا من بعيد فهي بمثابة (مخاوف خاصة) بالحركة تخشي فيها ان يعود مواطنوا الجنوب الى الاقليم هناك فى ظل وجود استحالة لاستيعابهم و مواجهة قضاياهم حيث لم تجر أى ترتيبات من جانب حكومة الجنوب رغم خططها الانفصالية لاستقبالهم وقد حذر وزير الشئون الانسانية بحكومة الجنوب (جيمس كوك) مطلع هذا الاسبوع من مخاطر عودة 1.5 مليون مواطن جنوبي الى الجنوب فى ظل عدم وجود خطة لاستيعابهم ، هذا طبعاً بخلاف وجود حوالي 160 ألف طالب جنوبي فى عدد من الجامعات السودانية سيكون مصيرهم مجهولاً. ان تصريحات اتيم قرنق ليست موقفة فى هذا الخصوص فحركته غير واضحة فى موقفها وفوق ذلك تعلم علناً على الانفصال ، ويعجب المرء كيف تعمل الحركة من اجل الانفصال وفى القوت نفسه تريد الاحتفاظ بالشمال؟و هل حدث فى التاريخ ان كسبت دولة مكسباً كهذا بحيث يكون لها أكثر من ظل؟ و أكثر من وجود؟ وفوق ذلك كله فأي أريحية تلك التى يريدها اتيم قرنق من الشمال تجعل لمواطني الجنوب جنسية مزدوجة فى ظل تضييق شامل على مواطني الشمال فى الجنوب وفى ظل عمل حركته مع الحركات المسلحة الدارفورية ضد الشمال؟ ان من المؤكد ان مثل هذه التصريحات يصح ان نطلق عليها تصريحات جوفاء ليست بغرض الوصف ولكن بغرض إظهار ما وراءها ،فهي تحاول ( ضرب عصفورين بحجر) !مع ان هنالك خيار متاح امام الجنوب لكي يكون فى اطار دولة واحدة بأسس يتفق عليها ،و فوق كل ذلك فان من العبث بمكان الطلب من دولة (إبقاء الأمور على ماهي عليه) وفى الوقت نفسه يعمل الجانب الآخر على تغيير ما هو تحت يديه، فقد امتلأ الجنوب بالسلاح وجري التحضير للدولة المرتقبة، فلماذا اذن يعود قادة الحركة ليطلبوا من الشمال ما ليس يحق لهم ؟