مع تأكيد رفض أشكال العنف والتخريب كافة وانتهاج لغة الحوار الحضاري في مناقشة مختلف قضايانا الوطنية والعمل على تطوير مشروعنا الوطني الإصلاحي والنهوض به، ذلك كله يتحقق من خلال تكريس الوحدة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد وتغليب مصالحنا الوطنية وانتماءاتنا إلى هذا الوطن على المصالح والانتماءات كافة، فهذا الوطن يتسع لجميع أبنائه، فهم أصحاب المصلحة الأولى في نجاح المشروع الإصلاحي وتطويره وان كل عمل يستهدف هذا المشروع إنما يقود إلى تدمير الوحدة الوطنية وإلحاق الضرر بجميع أبنائه من الطوائف والأعراق كافة، لهذا من المهم جدا، بل من الواجب علينا جميعا التصدي وفضح أي عمل من شأنه أن يتعرض لوحدتنا الوطنية ومشروع النهضة الحديثة الذي ارتضى به شعبنا طريقا للنهوض والتقدم. ففي مثل هذه الظروف حيث التشنج وصل إلى درجات غير طبيعية مع استمرار أعمال التخريب والحرق وتعريض مصالح المواطنين والمصالح العامة للخطر، فإننا بحاجة إلى انتهاج خطاب سياسي وإعلامي متزن وعقلاني يضع أمامه المصلحة الوطنية ووحدة أبناء هذا الشعب في قمة أولوياته واهتماماته، ذلك أنه من دون الحفاظ على هذه الوحدة فإننا لن نصل إلى الاستقرارين السياسي والأمني اللذين يمثلان الركيزة الأساسية للتقدم إلى الأمام وتطوير مشروعنا الوطني الذي قضى من عمره حتى الآن عشر سنوات، وهي مدة قصيرة جدا ومن غير الممكن أن ننجز خلالها غالبية طموحاتنا المشروعة. لا مناص أمامنا إذا ما أردنا أن نهزم خطاب التخريب والعنف والتدمير والاستمرار في السير بمشروعنا الوطني إلى الأمام، نقول لا مناص لنا من انتهاج مثل هذا الخطاب والابتعاد عن لغة التسقيط والتخوين واستخدام المفردات اللغوية التي يفهم منها، بل يراد منها تعميم الأخطاء والجرائم من دون تسمية المجرمين والمخطئين، فمثل هذا الخطاب يمثل أحد الأخطار التي تهدد وحدتنا الوطنية، بل تضعف من قدرة الخطاب العقلاني المناهض للتخريب والعنف، فاستخدام لغة التخوين من شأنه أن يوفر مناخا للمتربصين بوحدتنا الوطنية ويمدهم بالذخيرة التي تمكنهم من مواصلة أعمالهم الهدامة وتسهل الطريق أمامهم لكسب المزيد من "الأنصار". فهناك مجرمون وهناك خارجون على القانون، وهناك أيضا من لم يستطع مغادرة عقلية الاستئصال وعدم القدرة على انتهاج لغة الحوار السلمي طريقا لتحقيق الأهداف المشروعة، أمثال هؤلاء هم فقط الذين يجب توجيه خطاب الإدانة نحوهم والتصدي لهم وتعرية أهدافهم التي تتعارض مع مبادئ الوحدة الوطنية وتؤثر فيها سلبا، وفي المقابل الانحراف عن هذا الطريق وتوزيع التهم جزافا وبالطريقة التي شاهدناها في الآونة الأخيرة، لا يخدم قضيتنا في مواجهة هؤلاء والتصدي لهم، كذلك فإن عدم استخدام الخطاب الإعلامي الواعي في مواجهة الأحداث التي تشهدها بلادنا حاليا، من شأنه أن يضعف صوت العقل ويبعث فتنة ليس من مصلحة أي كان حدوثها لأن الجميع سيدفع ثمن ما ينجم عنها من أضرار. فالخطاب الإعلامي العقلاني والواعي يشكل سندا قويا لجهود مكافحة التطرف وأعمال التخريب وتدمير المصالح الوطنية، فمثل هذا الخطاب يضع القائمون عليه أمام أعينهم مهمة في غاية السمو، ألا وهي الوحدة الوطنية وحماية التلاحم الوطني من أي ضرر قد تلحق به جراء تصاعد الخطابات المتطرفة وتطاير شررها نحو مختلف الوجهات، فمهمة هذا الخطاب ليس فقط المشاركة في وأد واستئصال أعمال التخريب والترهيب، وإنما العمل على صيانة الوحدة الوطنية والنأي بها عن الشرر المتطاير جراء الأعمال الإرهابية وبعض الخطابات المتطرفة التي تكتب أو تلقى في محافل مختلفة. فهزيمة الإرهاب ومحاصرة الأعمال التخريبية واتخاذ الإجراءات القانونية ضد من يثيرها ويرتكبها، يجب ألا ينعكس سلبا على الوحدة الوطنية، فتحقيق الأمن والاستقرار والطمأنينة للجميع هي كلها مطالب مشروعة، وإن كانت الأجهزة الحكومية المختصة هي المسئول الأول عن تحقيقها، فإننا كمواطنين تقع علينا أيضا مسئولية المشاركة في ذلك من خلال ترشيد خطابنا في مواجهة الإرهاب والمخربين، لا أن يؤدي هذا الخطاب إلى تخريب وحدتنا الوطنية والتأثير فيها، هذه المهمة تقع على عاتق كل مواطن حريص على سلامة وأمن وطنه وشعبه وتهمه بالدرجة الأولى صيانة الوحدة الوطنية وحمايتها، ذلك كله يمكن تحقيقه من خلال تفويت الفرصة على أصحاب الخطاب المتطرف إلى جانب دعم جهود التصدي القانوني للأعمال التخريبية. المصدر: أخبار الخليج البحرينية 6/9/2010