تحليل سياسي بتصريحاتها – غير المسبوقة – حيال الشأن السوداني و التى قالت فيها ان السودان يواجه ما أسمته (قنبلة موقوتة) قبيل إجرائه لاستفتاء تقرير المصير المقرر له مطلع العام المقبل 2011م ، فجرت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون قبيل أيام (قنبلة سياسية قذرة) فى وجهها هى، قبل ان تتفجر فى سماء علاقات البلدين ، الخرطوم و واشنطن. إذ على الرغم من ان تصريحات كلنتون جاءت صادمة ،وأثارت إستياء الخرطوم ،وردت عليها الخرطوم بعنف كونها تدخلاً سافراً- بحق- فى شأن سوداني داخلي و كونها استباقاً واضحاً لاستحقاق لم يحن أوانه بعد هو استحقاق الاستفتاء الذى كان يتعين على واشنطن دعمه و المعاونة من أجله باعتباره آخر بنود اتفاقية السلام الموقعة فى نيفاشا 2005 و التى (شهدت) عليها وكانت قريبة منها واشنطن على الرغم من كل ذلك ، إلاّ ان قنبلة هيلاري فى الواقع تفجرت فى وجه واشنطن بالدرجة الأولي. فهي من ناحية اولي كشفت بجلاء عمق الأزمة و الخلاف حول صناعة القرار فى وشنطن ، حيث اتضح وجود أكثر من (مطبخ) إذ بمثلما للبيت الأبيض مطبخ خاص بالقرارات ذات الصلة بالشئون الخارجية الإستراتيجية ، فان للخارجية الأمريكية (مطبخ داخلي خاص) ايضاً لذات الغرض ! وهذا معناه ان (القرار فى واشنطن تائه) و متعدد المطابخ و هذا عيب خلقي فى السياسة الخارجية الأمريكية يكلف واشطن مصداقيتها الدولية و قدرتها على إدارة شئونها الخارجية و هى التى تعهد ضمن مصاف القوى الدولية الكبري ! و من ناحية ثانية اتضح ايضاً ان واشنطن ( ليست نظيفة اليد والثياب) حيال اتفاقية السلام الشاملة فى السودان ، فقد أسفرت عن (وجود خطة خفية ما) تود إنفاذها بالمخالفة لاتفاقية السلام و هو أمر مؤسف يعني ان واشنطن لا تستطيع ان تمثل دور الطرف النزيه و لا تستطيع رعاية معاهدات السلام بطريقة سلمية محايدة. من جهة ثالثة ،وهذا هو الأهم و الأخطر وقد أكده لسودان سفاري مصدر دبلوماسي آسيوي من واشنطن فان واشنطن أصابها يأس من إمكانية نشوء دولة جنوبية فى الجنوب السوداني تستفيد منها و تكون مستقرة تؤمن لها مصالحها فى المنطقة ، كما أنها فى الوقت نفسه يئست من إمكانية رؤيتها لسودان موحد اليد الطولي فيه لأصدقائها فى الحركة الشعبية ، فالحركة فقدت أرضيتها السياسية على مستوي السودان وباتت هى القوة الأضعف لهذا فان واشنطن تسعي لتخريب النسيج السياسي كله حتى يباعد تشكيل الوضع عقب إسالة دماء و دمار و حريق هائل ،و الواقع ان هذا هو بالضبط ما يُستخلص من تصريحات كلنتون ، فهي إشارة الى نشوء حرب محتملة قبل الاستفتاء – بصرف النظر عن الأسباب – و من المؤكد ان هذا (مطلب أمريكي خاص) تريد واشنطن من خلاله هز شجرة السودان هزة قوية علها تجني من وراءها ثماراً جنية !