في أربعينات القرن المنصرم كان الحزب الشيوعي السوداني يخفي نفسه وراء مسمي الجبهة المعادية للاستعمار وكان الحزب قد استراح لهذه التسمية، ولكنه اضطر لإعادة تسمية نفسه بالاسم الحقيقي بعد ما خرج الاستعمار ولم يعد هناك شيء تنشأ له جبهة. لقد كانت تلك التسمية على انتهازيتها أقرب للقبول باعتبار أن الاستعمار شيء بغيض ويستحق إقامة جبهة لتعاديه. غير أننا الآن – لسخريات القدر- نعايش جبهة معارضة سودانية تخلق في الخارج، في لندن وباريس وأنحاء من أوروبا . جبهة تتم ولادتها على أيدي الاستعمار لتكون معادية للوطن. إذ من المفروغ منه أن معارضة يشرف على إنشائها مستعمرين الأمس، وأعداء اليوم لا يمكن أن تكون معارضة سياسية رشيدة. كما أن من المفروغ منه أن معارضة يتم تمويلها وتنظيمها في الخارج يستحيل أن تكون أهدافها وطنية تريد خيراً للبلاد مهما تظاهر منشؤوها بالوطنية والحرص على الوطن. ويكفي أن نلقي نظرة عابرة على المكونات والمكونين الذين ثبت أنهم قادة دارفوريين فشلوا في فصل شيء على الأرض في دارفور وفي بقية ميادين الصراع فلما ضاقت بهم الأمور هرعوا الى الخارج يطلبون الدعم والتمويل لإسقاط السلطة القائمة. وكم يأسي المرء غاية الآسي حين يستمع إلى رجل قانوني وسياسي عريق مثل الأستاذ على محمود حسنين نائب رئيس الحزب الاتحادي بقيادة الميرغني يقول أن هدف الجبهة المعارضة هو إسقاط السلطة القائمة في الخرطوم. حسنين لا يفرق بين السلطة المنتخبة حالياً وتشاركها قوى سياسية أخرى والسلطات العسكرية القديمة في عهود سابقة – كما أن حسنين لا يفرق بين إسقاط السلطة بوسائل ديمقراطية عن طريق صناديق الانتخابات أو الإسقاط عبر استخدام وسائل خفية استخبارية يعاونهم فيها أجانب أو كما جرى في الطرق يأتون مع دبابات العدو الغازي. لقد كان منهي الطعن في صميم قلب الوطن أن تتشكل جبهة كهذه اضطر معها زملاء حسنين في الحزب الاتحادي للتبرؤ منه والمناداة بمحاسبته فهم يعلمون أن الرجل وقع في شباك استخبارية خارجية والأدهى وأمر أن ارتضي لنفسه أن يكون (خادماً مطيعاً) لهؤلاء وأن يتسول أمامهم الدعم والتمويل. وقد بلغت السذاجة بالرجل الذي بلغ من العمر عتيا، انه التزم بالسفر إلى واشنطن والتقاء الرئيس أوباما وطلب الدعم منه وأنه يملك مفاتيح أوباما كونه كان زميلاً لوالده حسين اوباما في الجامعة!! اما د. خليل زعيم حركة العدل والمساواة الذي يقف وراء تكوين الجبهة وهو مدفوع أيضاً من زعيم المؤتمر الشعبي د. الترابي فهؤلاء فقدوا كل شرعيتهم في دارفور وفي السودان لوم يعد يشغلهم من شيء سوى محاربة بلادهم بشتى السبل. أن جبهة المعارضة اللندنية لا شك أنها جبهة (غير سودانية) وغر وطنية تعادي السودان تماماً كما يعاديه أعدائه!!