كما كنا قد توقعنا -لإدراكنا بطريقة عمل الذهنية السودانية المعارضة- فقد اعتمدت الجبهة العريضة ، قيد الإنشاء الآن فى لندن ، والتى يقف على واجهتها على محمود حسنين نائب رئيس الحزب الاتحادي الأصل بزعامة الميرغني ، اعتمدت أسلوب (العمل العسكري المسلح) نهجاً لها لإسقاط السلطة الحاكمة فى السودان كما ذكرت. فالمنطق يقول ان الساسة الذين لم يتحملوا الهزيمة فى الانتخابات العامة التى جرت فى العاشر من ابريل 201 ، ومن ثم لم يرق لهم المناخ الديمقراطي القائم الآن ، وليس لهم صبر لإعادة تنظيم صفوفهم و إصلاح أحوالهم التنظيمية والاقتراب من قضايا السودانيين بواقعية توطئة لخوض معارك انتخابية فى المستقبل القريب (فى غضون أربعة أعوام مقبلة) هؤلاء من الطبيعي ألا يجدوا مخرجاً (لأزماتهم الخاصة) سوي بالاعتماد على(أمر فوق العادة) ! ولا شك ايضاً ان تكوين جبهة معارضة في الخارج يستلزم بالدرجة الاولي الحصول على موافقة و إذن الخارج و الارتضاء بشروط الخارج و من ثم قبول التمويل الذى يستلزم هو ايضاً الوفاء بمقابل التمويل . و قد اعترف قادة الجبهة المعارضة من قبل بأن التمويل سوف يأتيهم من قوى دولية معينة، وقد تأكد ان حسنين تعهد بالإتيان بالتمويل من واشنطن. أذن تم التكوين فى الخارج و التمويل من الخارج و الهدف هو إسقاط حكومة منتخبة عبر انتخابات مشهودة و برقابة دولية وحصلت على اعتراف دولي . كيف أذن سيكون الإسقاط ان لم يكن عبر عمل عسكري ؟ غير ان المعضلة فى الواقع لا تقف عند حد مفارقة هؤلاء المعارضين للجادة الوطنية و خلعهم لجلدهم الوطني، فهذه مسألة تجاوزناها هنا ولكن المعضلة الحقيقية هى فى كيفية تمكنهم من إسقاط السلطة القائمة عن طريق العمل العسكري . فالتجارب فى هذا الصدد تملأ عشرات كتب التاريخ السياسي السوداني الحديث و القديم إذ لم يسبق لمعارضين أتوا من الخارج النجاح فى إسقاط حكومة قائمة و لعل التاريخ القريب جداً يشير الى أسوأ من ذلك ، حين غامر د. خليل فى العاشر من مايو 2008 و جاء غازياً لأمدرمان وتكبد أفدح خسارة عسكرية أقعدته تماماً حتى هذه اللحظة . فهل يا تري يريد هؤلاء إعادة ذات التجربة ،و ماذا سيفعل القادة فى ظل تمتع السلطة القائمة بإسناد شعبي و قوات حكومية؟ ان مثل هذه المغامرات السياسية هى حتماً ما يدور فى ذهنية المعارضين الخائبى المسعي ،الذين ضاقت بهم الارض و فقدوا الأمل ، فلا مانع من أن يغامروا ، ولا يدري أحد كيف لهؤلاء بدون سند شعبي أن يسقطوا سلطة تتمتع بسند شعبي ، وكيف سيحكمون ، و لصالح من؟