عاشت الولاياتالمتحدةالأمريكية وعاش العالم معها منذ أمس الأول ولا يزال هاجس رعب ناتج عن العثور على طرود ملغومة أو مشبوه في تلغيمها في طائرات كانت متوجهة إلى الولاياتالمتحدة قيل إنها تحمل بصمات القاعدة وقد عثر على أحد الطرود في مطار لندن وآخر في مطار دبي قادمين من اليمن ويحتويان على متفجرات ومزودان بنظام تفجير وقيل إنهما يحملان خصائص مشابهة لأساليب سابقة نفذتها تنظيمات كتنظيم القاعدة. واعترف المسؤولون الأمريكيون بالمساعدة التي قدمها "الأصدقاء"و"الشركاء"في "رفع وعينا وتحديد طرود مشبوهة " كان من الممكن أن تصل الطرود إلى وجهتها لولا تدخل سلطات دبي وغيرها وتضع يدها عليها. ولعل تجربة الرعب التي عاشها الشعب الأمريكي والمسؤولون الأمريكيون كانت كبيرة لدرجة اضطر معها المسؤولون الأمنيون إلى إبلاغ الرئيس باراك أوباما شخصيا بخبرها رغم انشغاله بالتحضير للانتخابات النصفية والذي بدوره عقد مؤتمرا صحفيا وتحدث فيه عن هذه الطرود وعما تسببت فيه من ارتباك ورعب وما أثبتته من تعاون الأصدقاء والشركاء؟؟. وفي الطرف الآخر فإن رعبا آخر مستمرا ومتواصلا منذ أكثر من ستين عاما تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلية الإرهابية في فلسطينالمحتلة بحق الفلسطينيين الآمنين وترويعهم في محاولات لاقتلاعهم من أراضيهم وبيوتهم وكذلك ما يعانيه ويتذوق طعمه الشعب العراقي نتيجة الاحتلال الجاثم على صدر العراق وآلة الحرب الأمريكية التي تعبث بالعراق فسادا ورعبا وكذلك في أفغانستان وباكستان اللتان لا تزالان تفتقدان للاستقرار والحياة الهادئة ويمارس على شعبيهما رعب كبير بالغارات الأمريكية بطائرات بلا طيار وبصواريخ موجهة وغارات الجنود الأمريكيين وعملياتهم داخل الأحياء السكنية في كلا البلدين المسلمين ولكن هذا الرعب في فلسطين والعراق وأفغانستان وباكستان لاتشعر به أمريكا ولا يشعر به الشعب الأمريكي المضلل من قبل الإعلام هناك القائم على إخفاء الحقائق وإظهار الوضع بأنه هادئ وآمن بل العكس هو الصحيح فالشعوب في البلدان الثلاثة تعاني من رعب أمريكي حقيقي يمارسه عليهم الجيش الأمريكي والجيوش الأخرى المتعاونة معه ولعلها فرصة ثمينة وواضحة وجلية لكي يشعر المواطن الأمريكي بحقيقة ما يمارس على شعوب البلدان التي تغزوها أو تحتلها جيوشه أو تشن عليها الغارات ولعله يشعر بأهمية الأمان المفقود هناك والذي افتقده هو لوقت قصير منذ أمس الأول فقط بسبب الطرود الملغومة. إنها فرصة حقيقية ليقول الشعب الأمريكي كلمته وليجبر قادته على إعادة النظر في الإستراتيجيات الحربية التي يعتمدونها ضد الشعوب الأخرى لسلبها ثرواتها والسيطرة على مقدراتها بالقوة خصوصا أن الولاياتالمتحدة مقبلة قريبا على انتخابات نصفية للكونجرس ربما تغير من ميزان القوة التي تتمتع بها الإدارة الأمريكية وكما جنب الأصدقاء والشركاء الشعب الأمريكي كوارث لا يعلم حجمها إلا الله نرجو أن يوقف الشعب الأمريكي ما يمارسه جيشه في الشعوب الأخرى من كوارث.؟ خصوصا أن هذا الرعب كان يمكن أن يتحول إلى كابوس ومآس حقيقية وكوارث لولا أن الأصدقاء والشركاء قاموا بدور إنساني نرجو ألا يفتقده الشركاء والأصدقاء في واشنطنولندن.. المصدر: الشرق 31/10/2010