تحليل سياسي قالت مفوضية الاستفتاء لجنوب السودان ان من المقرر ان تبدأ اليوم الأحد 7/11/2010 الحملة الاعلانية (الدعاية الانتخابية) للاستفتاء فى أرجاء السودان عامة ، وفى الجنوب خاصة و حذَّرت المفوضية حكومة جنوب السودان – على وجه الخصوص – من مغبة عرقلة هذه الحملة أو الوقوف فى وجهها. فى ذات المنحي قال أمين اللجنة السياسية للاستفتاء بالمؤتمر الوطني بالجنوب على تيميم فرتاك أنهم فى الحزب الوطني يعتبرون أن أى عرقلة من جانب حكومة الجنوب للعملية الإعلامية للإستفتاء بمثابة دفع لتأجيل العملية برمتها. وفى ذات السياق كشفت أنباء موثقة من جوبا ان حكومة الجنوب سمحت باستجلاب نواب من كينيا و بعض دول الجوار الإفريقي (حوالي 40 نائباً) بغرض الدعوة للإنفصال فى خضم الحملة الإعلامية ! و قد أثار هذا النبأ دهشة الكثيرين ، لكونه بمثابة (عمل أجنبي محض) و ليس ممارسة سياسية سودانية ، لأن الأحق بتقرير مصير الجنوب هم مواطنو الجنوب وحدهم، و ليس دول الجوار بحال من الأحوال. ولكن الحركة الشعبية المتخوفة من أن تتفوق حملة الدعوة للوحدة على حملتها الانفصالية المعلنة ، رأت ان تستخدم هذا الأسلوب الفاشل علَّها تسبق به دعاة الوحدة. و من المؤكد ان انطلاق الحملة الإعلامية هو فى الواقع امتحان قاس للحركة الشعبية لأن الأخيرة ظلت طوال السنوات الماضية تضيق المجال على كل القوى السياسية المختلفة معها فى أطروحاتها ، وكلنا يذكر كيف اضطر حزب التغيير الديمقراطي بزعامة لام أكول الى اللجوء الى المحكمة الدستورية للحصول على قرار يسمح له بممارسة نشاطه فى الجنوب ! وكلنا يذكر أيضاً كيف حالت الحركة الشعبية دون تمكن الكثير من المرشحين إبان الاستحقاق الانتخابي فى ابريل الماضي من تسويق أنفسهم و برامجهم للناخبين و استطاع الجيش الشعبي كعادته ان يلجم الأصوات و يحول دون التحرك السياسي للمرشحين و الناخبين. ويمكن القول انه ومنذ أن توجهت الحركة الشعبية رسمياً نحو الانفصال فهي لم تسمح لأي داعين للوحدة ممارسة نشاطهم علناً ، ولهذا فان التخوف لا يزال قائماً من أن تعرقل برامج دعاة الوحدة و هذا ما حدا بمفوضية الاستفتاء - ربما بحكم علمها بممارسات الحركة السابقة - لتحذير الحركة الشعبية تحذيراً صريحاً بعدم عرقلة هذه البرامج لأن من شأن هذه العرقلة – دون أدني شك – أن تضطر المفوضية لوقف إجراءات عملية الاستفتاء أو إرجاءها لوقت آخر حسب الظروف ، وهو ما لا يوافق رغبات الحركة الشعبية . ويبقي الامتحان قائماً فيما اذا كانت الحركة ستفتح المجال واسعاً لهذه الحملة الإعلامية و تتقبل النهج الديمقراطي كوسيلة لا غني عنها للوصول الى استفتاء شفاف و مقبول ، أم تعرقل العملية فتصبح هى وحدها التى وقفت معرقلة لعملية الاستفتاء التى تصرخ ليل نهار بأن تكون فى مواعيدها المقررة !