قالت المفوضية العامة لاستفتاء جنوب السودان إنها دفعت بجداول العملية الى رئاسة الجمهورية – منذ ايام – فى انتظار ما تقرره الأخيرة بشأن ما اذا كان مناسباً النظر فى تأجيل فني محدود لاستيفاء إشتراطات مواد قانون الاستفتاء التى تتحدث عن التوقيتات الزمنية و الجداول الواجبة المراعاة ،أم يُترك الأمر يمضي كيفما يكن. و فى لقاء جمع رئيس المفوضية – محمد إبراهيم خليل- بالسيناتور جون كيري الى يزور الخرطوم حالياً ، قال خليل لكيري ان إجراء الاستفتاء فى البرهة المتبقية هذه ممكن ، ولكنه قد تشوبه أخطاء ما أحوج الجميع لتفاديها ، وان تأجيلاً محدوداً لإفساح المجال لهذه الجداول الزمنية التى يتطلبها القانون سيكون أمراً جيداً من شأنه ان يضفي صبغة قانونية تكسب العملية الاحترام المطلوب. كيري من جانبه لم يعلق الى إشارة رئيس المفوضية المهمة،و رئاسة الجمهورية السودانية – ومقصود بها بالطبع مؤسسة الرئاسة التى تضم الرئيس و نائبي الرئيس – لم ترد هى ايضاً من جانبها على ما قدمته المفوضية. و يمكن ان نستخلص من كل ذلك -دون أدني صعوبة- ان المفوضية تميل -لأسباب فنية بحتة - الى التأجيل بغرض الوفاء باشتراطات العملية ،وفى الوقت نفسه فان من السهل ان نلاحظ ان أحداً لم يقل بالاستجابة لطلب المفوضية ؛ وهو أمر لا يخلو من إختلال ، فالمفوضية هى فى نهاية الأمر الجهة الفنية المختصة الوحيدة التى من حقها طلب التأجيل للأسباب التى تراها وهى بهذا الصدد موثوق من ما تطلبه لأنها جهة مستقلة ، أدي أعضائها القسم لأداء مهمتهم التاريخية الصعبة بحيدية و بتحري الدقة و الموضوعية. و من البديهي أنه إذا ما اصبحت طلبات و إشارات المفوضية يتم تجاهلها على هذا النحو فان من الصعب ان تتمكن المفوضية من أداء مهمتها ، خاصة وان الحركة الشعبية ومن ورائها حلفائها الدوليين ركزوا كل جهودهم طوال الفترة الماضية فقط لقيام الاستفتاء فى موعده ، بما يجعل من أي سبب وجيه للتأجيل و كأنه مخالفة للقانون و الاتفاقية ، فى حين ان قانون الاستفتاء نفسه يمنح المفوضية حق طلب التأجيل لأسباب توردها فى طلبها و يتعين بعدها على الرئاسة السودانية نظر الطلب والتقرير بشأنه . لقد خلقت الحركة الشعبية و حلفائها (حساسية مفرطة) ليست فى محلها ولا معقولة بشأن التأجيل مما جعل المفوضية تعيش مناخاً غير مواتي من المؤكد ان ظلاله سوف تمتد لسائر العملية و تجعل منها عملية معقدة و مشوبة بعدة شوائب يصعب الرضاء عنها . فهل تجد المفوضية بعد كل هذا الجدال إصغاءً من المعنيين بالأمر لكي يتسني لها العمل فى طقس مناسب لتفرغ من مهمتها الدقيقة ، أم أنّ الأمر سوف يظل يراوح مكانه هكذا حتى يداهم الجميع الوقت ويصبح الأمر أعقد مما كان متصوراً ؟