لم يمضي كثير وقت على العرض السياسي الذي قدمه القيادي البارز بالمؤتمر الشعبي إبراهيم السنوسي بشان التوسط بين الحكومة المركزية وحركة العدل والمساواة الدارفورية التي يتزعمها الدكتور خليل إبراهيم ورفضته الحكومة السودانية حتى حلت فاجعة سياسية وتنظيمية جديدة عمقت جراح الحركة والتي تمثلت في انشقاق مجموعة مقدرة – وبحسب مراقبين – مجموعة مؤثرة للغاية من الحركة عقدة مؤتمراً صحفياً مهماً لها في أديس أبابا أعلنت فيه قرار الانشقاق وأسبابه والتي تراوحت ما بين غياب الرؤية السياسية لدي حركة خليل والفوضى السياسية العارمة التي تعيشها وتلاعبها بالعملية السلمية في وقت حرج للغاية يمر به السودان. المجموعة المنشقة تزعمها القائد (بحر الدين) وثبت أنها بالفعل بمثابة ضربة موجعة للدكتور خليل سواء من حيث العدد أو النوع فقد ضمت خيرة قادة الميدان والمسئولية السياسية. وبالطبع كانت الفاجعة اكبر لدي القيادي إبراهيم السنوسي وبقية قادة حزب المؤتمر الشعبي أذ من المؤكد أنهما لم يضعا في حساباتهما هذه المفاجأة لأنهما لو كانا يعلمان لما عرضا ما عرضاه ليفاجآ بأن البناء ينهار من الداخل بهذه السرعة! واغلب الظن أن المؤتمر الشعبي عند عرضه لهذا العرض كان كما الشامت الذي يلبس زى المنقذ وهو أمر معروف لدي الحزب الذي يتزعمه القيادي الإسلامي المعروف د. حسن الترابي الذي عرف عنه السخرية من رفقائه في الحزب الوطني والشماتة عليهم كلما رأي أنهم يواجهون معضلة من المعضلات. ومن المعروف ومما لا يختلف عليه اثنان أن حركة الدكتور خليل لديها ارتباط وثيق (على نحو ما) بالمؤتمر الشعبي ويقول البعض بأدلة قاطعة أن حركة د. خليل ليست سوى ذراع عسكري للشعبي يحركها وقتما يشاء ليضغط على الحزب الوطني. ويمكن ملاحظة ذلك الآن بوضوح فقد كان السنوسي قبل أيام خارج السودان وتعرض لاحتجاز مهين في مطار القاهرة وكذلك كان رفيقه الذي يشبهه في الملامح الدكتور الترابي خارج السودان أيضاً وعاد قبل أيام قلائل، وفي هذا الخضم شنت حركة خليل هجمات إرهابية في مناطق غبيش والمجرور بولاية شمال كردفان وهي هجمات يصعب تفسير مراميها خارج سياق محاولة تسخين الأرض والميدان توطئة لأمر ما على الموائد وداخل القاعات. لقد أراد المؤتمر الشعبي أن يستغل السانحة الحالية وانشغال الحزب الوطني بمشاكل الاستفتاء ليفتح طريقاً لحركة خليل وله أيضاً في الساحة السياسية السودانية، ولكن السحر انقلب – بسرعة شديدة – على الساحر فقد كانت المفاجأة صاقعة ويصعب التقليل من تداعياتها، فالجسم الذي فقدته حركة خليل ليس من ذلك النوع الذي يمكن تعويضه أو تجاهله!!