بالرغم من تخرجه في جامعات اليابان وبريطانيا حاملا درجات علمية في القانون والاقتصاد إلا إنه انتهي به الحال علي رأس إدارة الإتصال والإعلام في الأممالمتحدة. إنه كيو أكاساكا الأمين العام المساعد للأمم المتحدة. الذي تربي في الخارجية اليابانية متقلدا العديد من المناصب الرفيعة وذلك قبل أن يخرج من نطاق القطرية اليابانية إلي العمل الدولي في العديد من المنظمات الدولية والتي توجت بهذا المنصب الدولي الرفيع. الرجل قام بزيارة لمصر مؤخرا عقد خلالها اجتماعات عديدة بعضها مع رسميين وأخري مع ممثلي المجتمع المدني وعلي رأسهم رجال دين من المسلمين والمسيحيين ممن يدعمون جهود المنظمة الدولية في مكافحة الفقر. الأهرام كان له لقاء مع الرجل لمناقشة العديد من القضايا الاقتصادية والسياسية فبعد كل شيء فإنه من الصعب أن نقول من أين تنتهي السياسة ليبدأ الاقتصاد! بصفتك أحد مهندسي قمة التنمية المستدامة بجنوب أفريقيا عام2002 ما العوامل التي أبطأت تحقيق أهداف الألفية للتنمية وخاصة خفض الفقر بمقدار النصف بحلول2015 ؟ الصورة علي الصعيد العالمي أكثر إيجابية حيث تتحقق الأهداف بمعدلات عالية في الصين والهند حيث يعيش عدد مقدر من السكان ممن تشملهم هذه الأهداف. أما في أفريقيا جنوب الصحراء فالأمر أكثر صعوبة وبطئا بسبب عدم قدرة غالبية هذه الدول علي تحقيق نسبة النمو المطلوبة والتي تتمثل في7% وذلك بالرغم من نجاح بعض دول أفريقيا في تحقيق4% وهو معدل ممتاز ولكنه ليس كافيا لتحقيق تلك الأهداف. ما دور الأممالمتحدة لمساعدة أفريقيا للتغلب علي هذه الفجوة؟ نبذل كل طاقتنا إلا إنها في النهاية مسئولية الحكومات بدعم المجتمع الدولي من خلال المساعدات بكافة أنواعها. فباستثناء دول قليلة بالقارة مثل ملاوي التي سعي رئيسها حثيثا منذ توليه الرئاسة لتحقيق معدلات نمو عالية فإن جميع دول القارة يجب عليها مضاعفة جهودها. ما أسباب فشل جهود التعامل مع قضية التغير المناخي؟ إنما هي مفاوضات مستمرة بالتوازي مع جهود التحكم بظاهرة الانبعاثات الغازية المسببة لارتفاع درجة الحرارة. كيف لا نتحدث عن فشل في حين أن البيان الختامي لقمة كوبنهاجن جاء مخيبا للآمال؟ قد يكون هذا هو شعورك أنت... وماذا عن المسئولة الأولي للتعامل مع الكوارث بالأممالمتحدة التي أقرت بذلك في لقاء نشرته لها مؤخرا؟ التفاوض علي هذه القضية سيستمر150 عاما فالانبعاثات المتراكمة حدثت علي مدي200 عام ما معني التفاوض150 عاما وهل تبقي الأرض بدون اتفاق حتي ذلك الحين؟ البداية كانت في ريو بالبرازيل في عام1992 ثم جاء اتفاق كيوتو باليابان عام1997 وتوالت المؤتمرات حتي وصلنا إلي كوبنهاجن في عام2009 وهو لم يكن سوي خطوة علي الطريق. وبالتالي لا يوجد فشل وإنما توافق وتقدم مرحلي. يجب أن تكون التوقعات واقعية لكي نري الإيجابيات. كما أن التفاوض يتم بالتوازي مع التعامل الفعلي مع ارتفاع درجة حرارة الأرض وهو ما سيظهر نتائجه الإيجابية خاصة مع التقدم التكنولوجي الصديق للبيئة. وفي هذا الصدد فإن ما يسري علي مفاوضات المناخ يسري علي المفاوضات المتصلة لمنظمة التجارة العالمية للوصول إلي تجارة دولية أكثر حرية فنجاح جولة مفاوضات الدوحة لن يكون النهاية. يقر ميثاق الأممالمتحدة حق الشعوب في مقاومة الاحتلال ومع ذلك نجد في أدبيات وبيانات بعض المنظمات المتخصصة التابعة للمنظمة الدولية توصيفات سلبية لمقاومة مثل المقاومة الفلسطينية ألا يضر هذا التناقض بمصداقية المنظمة الدولية في الوقت الذي نحتاجها أكثر من أي وقت مضي؟ الأممالمتحدة ليست قوة عظمي ولا هي سوبرمان وإنما هي تجسيد للدول الأعضاء وقراراتها وليست كيانا مستقلا عنهم فإذا لم يوافق مجلس الأمن علي قرار أصدره ولكن الدولة أو الدول المعنية لم تنفذه فإنك لا تستطيع لوم الأممالمتحدة أو الحديث عن مصداقيتها وإنما هي مصداقية الدول الأعضاء المعنية. كما أنني لا أدري أي مادة في ميثاق الأممالمتحدة تتحدث عنها ففي الوقت الذي أنشأت المنظمة كانت العديد من الدول الكبري تستعمر دولا أخري! الميثاق يتحدث عن تحقيق السلام. كما أنه يقر استخدام القوة العسكرية في ظروف معينة. أما بالنسبة للاحتلالات غير الشرعية فلديك نموذج قرارات مجلس الأمن التي تعاملت مع احتلال القدسالشرقية كإحتلال غير شرعي إلا إنها لم تنفذ وهي مسألة يسأل فيها المجلس. وهناك نماذج أخري في كوريا الشمالية أو إيران وغيرهما. ففي النهاية التنفيذ مرهون بإرادة الدول الأعضاء التي تمنح الأمانة العامة للمنظمة تفويضات محددة. ألا تظن بأنه من قبيل التمييز أن تتوجه إدارة الإعلام بالأممالمتحدة معظم الوقت لوسائل الإعلام الغربية أكثر منها في دول العالم الثالث التي تمثل ميادين عمل المنظمة الدولية وأن هذا التمييز مسئول عن سوء فهم شعوب هذه المنطقة لأهمية عملكم؟ لا اتفق معك فباستثناء مركز واحد بأوروبا فجميع مراكز إعلام الأممالمتحدة توجد في عالم الثالث. لا أتحدث عن البنية الأساسية وإنما عن موقف فبعض العاملين بالأممالمتحدة صارحوني بأنه من الطبيعي أن يهتموا بممثل صحيفة مثل نيويورك تايمز أكثر من صحيفة محلية في دولة عالم الثالث. وبالرغم من أهمية الإعلام الغربي في رأي الشخصي لنشر رسالة الأممالمتحدة بالمجتمعات فإنني اعتقد بأن هذا التمييز يحرم المنظمة الدولية من نشر رسالتها في مسارح عملياتها الرئيسية؟ ما قيل لك لا يمثل قواعد العمل بالمنظمة التي تلزمنا بالحيادية. ولكن أحيانا قد يتطلب الأمر من المتحدثين الرسميين اختيار الوسائل الأكثر وصولا للرأي العام وهذا لا يعني التمييز. وللأسف فإن استطلاعات الرأي في الشرق الأوسط- الذي يمثل أولوية لنا- كشفت وجود سوء فهم من جانب الرأي العام للأمم المتحدة وهو ما يدفعنا لبذل مزيد من الجهد من خلال وسائل الإعلام بالمنطقة لتوضيح أهمية ما نفعله لشعوبها. الأممالمتحدة واحدة من أكبر صناع الأخبار في العالم إلا إنها تعاني في تقديم أخبارها في شكل جذاب لوسائل الإعلام ألا تعتقد بضرورة الاستعانة بخبرات صحفية في هذا الشأن ناهيك عن قدرة هذه الخبرات علي توظيف وسائل الإعلام؟ ولكن العديد من مسئولي إدارات الإعلام لدينا بالفعل صحفيين سابقين. أعلم ذلك وبعضهم ذوو خبرات كبيرة ولكنني أتحدث عن ظاهرة فمثلا انا أتلقي يوميا بيانات صحفية كل واحد منها يبلغ طوله مترا فهل هذا منتج صحفي جذاب! ولماذا لا يطبق هؤلاء الصحفيون المعايير المهنية علي منتج المنظمة الدولية؟ أتفق وأختلف معك في آن واحد. فالبيانات الصحفية ليست موجهة للصحفيين وإنما للدول الاعضاء لكي يعرفوا التفاصيل. وعلي الصحفيين إذا ما احتاجوا مادة أن يدخلوا علي موقع المركز الصحفي. ولكنني أتفق معك في حاجتنا إلي مزيد من المادة الإعلامية الجذابة بشرط أن تكون محايدة. هل تعتقد أن نتائج استفتاء جنوب السودان يناير المقبل ستعني مزيدا من العمل للأمم المتحدة لحفظ السلام؟ من الصعب التنبؤ بما يمكن أن يحدث ولكننا نأمل في أن يجري الاستفتاء بسلام وعلينا أن ننظر لكل مرحلة في وقتها علي أن نكون جاهزين لكافة السيناريوهات. وفي النهاية هو استفتاء السودانيين وليس الأممالمتحدة. المصدر:الاهرام 26/12/2010