تحليل سياسي انهارت مؤخراً - وبما لا يدل على توافق على المدي القريب - محاولات رأب الصدع و معالجة الإحتراب القائم بين الحركة الشعبية و المتمردين العسكريين عليها، الجنرال جورج أتور من جهة و المجموعات الجنوبية المنشقة من جهة أخري. ففي ما يخص الجنرال أطور بأعالي النيل فقد أشارت الأنباء الى ان وفداً من الحركة و الجيش الشعبي و الأممالمتحدة ذهبوا الى الجنرال أطور بهدف التفاوض معه و لكن لم يتم التوصل لأي حلول فى ظل ثبوت خواء الوفد من أى أطروحات محددة يمكن ان تدفع الأمور الى الأمام بحسب ما أشار الناطق باسم المجموعات المتمردة (جبريل تاب) ، كما أن التفاوض مع الجنرال الآخر (قبريال تانج) هى الاخري انهارت بسرعة لذات الأسباب. و أما فى الخرطوم فان المجموعات الجنوبية المتمردة (فصائل دفاع جنوب السودان) هى الأخرى لم تتوصل الى اتفاق مع مبعوث حكومة الجنوب الذى وصل الى الخرطوم ، ولم يوفق فى الاجتماع بالمجموعات جرّاء ما قالت هذه المجموعات تعرضها لعملية خداع و مناورة سرعان ما كشفتها . و هكذا تبدو الأوضاع متأزمة تماماً بشأن إمكانية حل هذا الصراع الدامي الذى خلَّف وراءه مئات القتلي منذ العام السابق و تسبب فى نزوح الآلاف و انعدام الأمن و الاستقرار فى جونقلي و أعالي النيل طوال ما يجاوز العام تقريباً . و لعل هذا الوضع المتأزم فيه إشارة لا تخطئها العين، الى ان انفصال الجنوب السوداني- حتى لو تم استناداً على الاستفتاء المرتقب - فهو لن يعدو أن يكون انفصالاً عن مرحلة و دخولاً فى مرحلة أعمق إذ يصعب التنبؤ بمآلات الأمور و ما سوف يحدث جراء وجود تمرد بهذا الحجم الكبير ، فالجنرال اطور المنحدر من إثنية الدينكا يقف خلفه قادة كبار – لم يشأ بعد الكشف عنهم لدواعي أمنية كما قال – غالبهم من الدينكا ، القبيلة التى انحدر منها زعيم الحركة الراحل قرنق و خلفه الحالي سلفا كير ، وتشير متابعات (سودان سفاري) الى أن عدد الضباط الكبار المنتمين الى هذه القبيلة و المرتبطين بالجنرال أطور يقارب المائتي ضابط من رتب كبيرة فى مقابل الآلاف من (الجنود و ضباط الصف) إضافة الى اثنيات أخري مثل النوير و اللاتوكا و الشلك . كما أن هنالك ما يشبه الحماس الدافق بين هذه المجموعات ، وهو ما سبق أن أشار اليه اطور بقوله إنَّ بوسعه اذا أراد اجتياح عاصمة الجنوبجوبا فى ساعات! و لعل الورطة الكبري فى هذا المنحي هو ان قيام الاستفتاء فى موعده – فى ظل هذا الوضع – يبدو أمراً عصي المنال خاصة و أن المحادثات التى انهارت كشفت عن ان الحركة تريد فقط ( تسكين الألم )الى حين إتمام الانفصال و من ثم تتفرغ لمقاتلة المتمردين بدلاً من أن تعالج الجرح و تداوي المرض . هذا بالتحديد ما يجعل الأمور تبدو مرشحة لاحتمالات خطيرة مفتوحة هى الأقرب الى الحدوث فى غضون أيام تعد على أصابع اليد الواحدة !