وصفته بعض وسائل الإعلام بالمفاجئ، كما وصفه الوسيط ألأممي جبريل باسولي ب (الاختراق) وب(الاتفاق غير المسبوق) بين مختلف المجموعات المتمردة في دارفور ما يشكل باعثا جديدا للأمل بإحلال السلام... فعبر بيان مشترك زيل بتوقيع كل من د. خليل ود. التجاني سيسي أعلن الطرفان رغبة مشتركة لانهاء المعاناة والتهميش المستمرين لأهل دارفور من قبل الحكومة المركزية في الخرطوم، كما أعلنا وفقا للبيان تضامنهما واتفاقهما على مفاهيم قالوا أنها ضرورية لإنهاء الأزمة وإيجاد حل سياسي يخاطب جذور وأسباب الصراع في دارفور .. رغم أن أهمية الاتفاق تاهت بين عواصف الأزمة المصرية بالأمس ولم تبرزه سوى صحف قليلة بالخرطوم وبعض وسائل الإعلام والفضائيات إلا أن المراقب يمكنه بسهولة تحديد دواعي الخطوة وأهميتها في هذا التوقيت هذا مقرونا بما تم من تطورات صاحبت الملف في أعقاب الشهور الماضية، بدءا بسحب الحكومة السودانية لوفدها من الدوحة بعد أن قطعت بعدم جدوى التفاوض المباشر مع الحركات عبر القاعات المغلقة في الفنادق الفخمة، وبالتوازي جزمت أن الملف سينقل إلى الداخل عبر ما أسمته ((إستراتيجية سلام دارفور) يضاف إلى ذلك التحركات التي أظهرتها الوساطة وإعلان نيتها طرح وثقة لسلام دارفور وعرضها على مجلس الأمن الدولي لاعتمادها، وفوق كل ذلك حدة التوترات في الأسابيع الماضية والاشتباكات العنيفة بين الجيش والمتمردين التي شهدتها مناطق مختلفة في دارفور هذا كله ربما ساعد في تكوين رغبة لدي الأطراف والجنوح للطريق السلام . بيد أن مراقبون للملف يدفعون بحيثيات أخرى يذهبون من خلالها إلى أن التضامن والاتفاق المفاجئ بين السيسي وخليل مرده إلى أن ربما الأخير أدرك أهمية التنازل عن برجه العاجي ومصالحة الآخرين، لاسيما أن كان هؤلاء شركاء معه في القضية، وهذا أمر حتى وقت قريب كان من باب المحرمات لدي قيادات حركة العدل والمساواة الذين ينظرون للفصائل والجماعات المسلحة الأخرى من زاوية أنهم صنيعة المؤتمر الوطني بغرض التفكيك واحداث شرخ في جدار القضية حتى يسهل عليه اجهاض سقف المطالب .. يقول الناطق الرسمي للحركة احمد حسين في تصريحات أمس ((نحن مستعدون لإجراء مفاوضات جدية مع الحكومة، وواثقون من ان لدينا دعما من شعبنا)). وأضاف ((لدينا حركة جديدة تجمع تسع مجموعات ندعوهم جميعا للتوجه إلى الدوحة نحن لا نريد استبعاد أحد هذا أول جهد من جانبنا للانفتاح على كامل المجموعات)). ورغم أن حركة العدل مهدت لخطوة التقارب تلك في وقت سابق فيما سيما ((بالتحالف العريض)) الذي شهدته العاصمة البريطانية لندن ميلاده قبل ما يزيد عن ثلاثة أشهر مضت، الا ان لأستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية د. صلاح الذين الدومة رأي آخر، اذ يقول ان د. خليل دائماً ما يوصف بأنه إقصائي لكنه برر أسباب الإقصاء للآخرين بان هؤلاء صنعتهم الحكومة ويضيف)) كثيراً من تلك التبريرات مقبولة نوعا ما، ولكن هذه التبريرات بعضها لا ينطبق على د. التجاني السيسي الذي له ميزات أخرى لا تتوفر لدي الكثير من قيادات الحركات الدارفورية ))، من ضمنها والحديث للدومة أن السيسي رجل متعلم ولديه خبرات كبيرة في المجال الدولي بوصفه موظف أممي مما يجعله غير المحتاج، يضاف الى ذلك أن السيسي رجل يستشير الآخرين في تحركاته الخاصة بأزمة دارفور فهو لا يريد أن يرتكب خطأ يحسب عليه، وبالتالي وفقاً لهذه الأسباب يبدو ان د. خليل وافق على التضامن معه والتحالف في إطار القضية)) ويظهر الدومة اعتقادا بأن الطرفين اذا ذهبوا في هذا الاتجاه فان ذلك سيكون له تأثير كبير لدي الحركات الأخرى مما يسهم في تقوية الموقف. لكن الناظر عبر عدسة مجهر الأحداث في دارفور يمكنه تجميع خيوط القضية والالتقاء بها في بؤرة المجهودات التي تقودها الوساطة وعزمها لإيجاد حل لازمة دارفور حتى لو من باب حفظ ماء الوجه، وهذا يبرز بوضوح فيما قاله الوسيط القطري أحمد آل محمود لدي زيارته القاهرة مؤخراً، بأن الوساطة العربية الأفريقية – التي تقودها دولته – تعمل لوضع وثيقة شاملة للحل مشتملة على نتائج المفاوضات والمشاورات وآراء كافة الجهات الدارفورية، بما فيها الحركات المسلحة وبعض ممثلي اللاجئين والنازحين، والولاة، والمنتخبين حتى الطلبة)).. وهو امر يبد انه شجع حركة العدل إلى الانضمام لسياق التفاوض، رغم أن البيان الذي صدر من قبل خليل والسيسي يشير إلى أن أي وثيقة اتفاق لا تكون مقبولة الا إذا خاطبت جذور المشكلة وشملت مثلاً لا على الحصر .. التهميش السياسي لأهل دارفور، وتحقيق العدالة لضحايا الصراع وضمان سلامة العودة الطوعية للنازحين واللاجئين. نقلاً عن صحيفة الأخبار 31/1/2011م