مرت الأسرة السودانية بتحولات كثيرة تبعا لتحولات الحياة وتقلباتها.. ولأهمية دور الأسرة في المجتمعات نظمت هيئة الأعمال الفكرية عددا من الندوات حول الأسرة السودانية قدمت فيها عددا من الأوراق العلمية، وجاءت أوراق الندوة الأولى تحت عنوان (الأسرة السودانية: آراء وملاحظات) قدمها عدد من الباحثين والأكاديميين. وتجيء هذا الندوة بعنوان (الحياة الأسرية في السودان) وقد قدمت فيها أيضا عددا من الأوراق اهتمت بحالة الأسرة. قدم أوراق الجلسة الأولى الأستاذ وليد الطيب وجاءت ورقته بعنوان (التعاون والتكافل في الأسرة السودانية) تناول فيها أشكال وطبيعة التعاون والتكافل ومسألة الحفاظ على القيم والإرث الاجتماعي والعادات والتقاليد العربية.. وكانت الورقة الثانية بعنوان (الحوار الأسري ونهضة الأسرة والذكاء العاطفي) للأستاذ عثمان ميرغني، والتي تناول فيها أهمية الحوار بين الأزواج وبين الآباء والأبناء والإخوة والأقارب، ووضعت الورقة بعض المحاور المهمة في طريق الحوار الأسري. وجاءت الورقة الثالثة من الجلسة الأولى بعنوان (مفهوم النجاح عند الأسرة السودانية)، والتي قدمتها الأستاذة أماني أبو سليم، وقد تناولت الورقة مفهوم النجاح في إطاره العام والذي يمكن أن يتمثل في العلاقة بين الزوجين أو النجاح في تربية الأطفال حسب مراحلهم أو النجاح في الدراسة أو العمل أو حتى في إنشاء علاقات طيبة مع الجيران أو الأهل، وأشارت الورقة إلى أن الأسرة السودانية لجأت أخيرا إلى ربط النجاح بالنجاح الأكاديمي وأسمته (مفهوم النجاح القاصر)، ووضعت الورقة بعض الحلول للخروج من مأزق هذا المفهوم. ناقش أوراق الجلسة الأولى كل من الأستاذة سارة أبو، والأستاذة هادية حسب الله، وتهاني وداعة.. ابتدرت النقاش الأستاذة سارة أبو متناولة ورقة (مفهوم النجاح عند الأسرة السودانية) وقالت إن موضوع النجاح باللغة الأكاديمية هي فكرة مدنية وليست فكرة ريف، لأن مفهوم النجاح في غير المدنية هو مفهوم واسع وممتد، ويشمل النجاح في التجارة والنجاح في الزراعة والنجاح في الزواج وغيره، مشيرة إلى أن الورقة يمكن أن تتسع فتشمل موضوعات أخرى أكثر مما هي عليه.. كما تناولت ورقة (التعاون والتكافل في الأسرة السودانية) وقالت إن الورقة تحدثت عن الزواج والاختيار الذي سيكون له تأثير نفسي على الأبناء إذا لم يتم على الرضا التام بين الطرفين وقالت إن الورقة أصابت في كثير من الموضوعات وأخفقت في بعضها، مشيرة إلى أن التغيير العمراني في السودان لم يتبعه تغيير سلوكي. الأستاذة تهاني عوض أشارت إلى أن الأوراق فيها اجتهاد كبير وواضح، وقالت إن ورقة الذكاء العاطفي هي عبارة عن كبسولة مضغوطة وتعتبر رؤوس مواضيع يستفيد منها الباحثين، مشيرة إلى أهمية الحوار داخل الأسرة.. وإلى التحولات في القيم الأسرية السودانية في مسألة الحوار. الأستاذة هادية حسب الله قالت إن ورقة (الذكاء العاطفي) لم تقترح حلول ومعالجات والروح السائدة في الورقة لم تستكشف الوسائل التي يمكن أن تتم بها مسألة الذكاء العاطفي واحتوت خاتمة الورقة على تساؤلات كان يمكن أن تجيب عليها الورقة وهذا ما أغفله كاتب الورقة. أما ورقة (التعاون والتكافل في الأسرة السودانية) فقد بنت مقارنة على أساس أن لدينا بنيتان، بنية حديثة وبنية تقليدية قديمة وهذا هو العيب المنهجي الأساسي، لأنه في السودان لم تكتمل عندنا الحداثة.. بل نحن نعاني من حداثة مشوهة.. والنظام القديم انهار ولم تواجه الورقة هذا السؤال؟ ومن أسباب انهيار النظام الاجتماعي القديم هو الاقتصاد المبني على اقتصاد السوق المتوحش.. فالبنية القديمة انتهت ولم يقم مقامها نظام اجتماعي آخر. الجلسة الثانية شهدت مناقشة أوراق (الأسرة والإعاقة) التي قدمتها الدكتورة رضا علي سعيد، و(صورة الأسرة التي عائلها امرأة في المجتمع السوداني) للأستاذة أماني عوض، و(المرأة خارج السياق الأسري) والتي قدمتها الأستاذة بلقيس أحمد التجاني. الدكتورة رضا أشارت إلى أن حدوث الإعاقة في طفل يحدث صدمة تخضع لعلم نفس الأزمات في حدوثها وتطورها وتفاعلها داخل الجو الأسري، وقالت إن فترة المرور بمراحل مواجهة أزمة الإعاقة في الأسرة السودانية تختلف من أسرة إلى أخرى، فالتحول من مرحلة الصدمة إلى المرحلة الموضوعية يتوقف على عدد من المتغيرات في مقدمتها التدين ومستوى تعليم الوالدين، وسن الطفل وتربيته في الأسرة ودرجة الإعاقة وتأثيرها في كل من الطفل والأسرة والمستوى الاجتماعي والاقتصادي للأسرة. وأوصت الدكتورة رضا بضرورة التركيز على البرامج الإرشادية بحيث تكون أكثر كفاءة وأثرا عندما تشارك أسرة الطفل في البرامج وتكون عونا له في تكيفه وتوافقه الشخصي والاجتماعي، إضافة إلى الاهتمام بالإرشاد الديني لأنه من أنجح أساليب الإرشاد في مساعدة الأسر في التخفيف من مشاعر الصدمة المترتبة على إعاقة الطفل. وجاءت ورقة (صورة الأسر التي عائلها امرأة في المجتمع السوداني) للأستاذة أماني عوض حامد في شكل دراسة ميدانية في ولاية الخرطوم، وتوصلت الورقة إلى إن هؤلاء النساء متماسكات ويعملن بجد واجتهاد ويضطلعن تقريبا بكافة مسئوليات إدارة الأسرة وتدبير شئونها بكل حكمة وروية. أما ورقة (المرأة خارج السياق الأسري) والتي قدمتها الأستاذة بلقيس أحمد التجاني فقد ركزت على الخلفية الاجتماعية الإنسانية للأسرة، مشيرة إلى أنها ظلت الحارس الأمين للوحدة الإنسانية.. كما تناولت دور المرأة في الأسرة، وكذلك في الحياة العامة.. كما تطرقت الورقة إلى ما يقوم به أعداء الإسلام والغرب في مواجهة الأسرة المسلمة.. وقد حظيت هذه الأوراق بنقاش مستفيض من قبل المشاركين في السمنار.