Facebook.com/tharwat.gasim [email protected] 1- القرارات الصعبة ؟ قبل نصف قرن وفي اكتوبر 1964 ، كتب السيد الإمام ، ولم يبلغ بعد الثلاثين ، مانفستو ثورة أكتوبر 1964 ، وحول الدولة ، مع آخرين ، من شمولية إلى ديمقراطية . في نفس السنة 1964 أصدر الكونقرس الأمريكي قانون الحقوق المدنية في إطار مشروع ( المجتمع العظيم ) ؛ القرار الذي أنهى آثار العبودية من المجتمع الأمريكي ، ومكن اوباما ، بعد 44 سنة من صدروه ، ليصبح رئيساً لأمريكا في عام 2008 . يخبرنا الأستاذ عبدالمنعم سعيد بأن الرئيس ليندون جونسون أتخذ قرار تمرير قانون الحقوق المدنية في الكونقرس في عام 1964 رغم المعارضة الشديدة من زعماء حزبه والحزب الجمهوري ، وقال قولته التي سارت بها الركبان : بحق السماء إذن لماذا يكون هناك رئيس للجمهورية ؟ إذا لم يتخذ القرارات الصعبة ؛ التي ليست بالضرورة شعبية ، ولكن يكون لها تأثير هائل على نقل الدولة إلى صفوف الدول المتقدمة؟ يحدثنا السيد ابيل آلير عن القرار السوداني أن صاحبه يصل بعد تحرك القطار، فيضيع الهدف من القرار ، وينضم إلى ما يضمه أرشيف التاريخ السوداني من الفرص الضائعة المهدرة . كما يحدثنا السيد ابيل آلير عن صاحب القرار السوداني المشهور عنه نقض المواثيق والعهود . بالرغم من هذه وتلك نتمنى أن يكذب الرئيس البشير كلامات السيد أبيل آلير ، ويصل قبل تحرك قطار الحوار الوطني ، ويوفي بالعهد ، إن العهد كان مسؤلاً . نعم ... نتوقع من الرئيس البشير أن يتكرم مشكوراً بإتخاذ القرارات الصعبة التي ربما عارضها بشراسة قادة وكوادر حزبه المؤتمر الوطني ، والتي تضمن عدم اللولوة والمصداقية والشفافية والجدية للحوار الوطني ، لنقل الدولة والمجتمع من حالة الإحتقان الحالية إلى مشارف الدولة الآمنة المستقرة التي تركز على التنمية والرفاهية والتقدم لشعبها . الكرة في كراع الرئيس البشير ونتمنى أن يشوتها في القون ؟ 2- حوار وطني أم حوار طرشان ؟ قال قائل منهم: الغريب في الأمر، أن المؤتمر الوطني يدعو الناس إلى الانضمام إلى حوار لم يتشكّل في مخيلتة بعد. فالأولى أن يتبيّن المؤتمر الوطني و من شايعه كنه ما يدعون إليه، ويقنعوا أنفسهم به قبل دعوة الآخرين إليه. المحك هنا ليس في من يتولى الدعوة إلى الحوار، و لكن في موضوع الحوار نفسه. يمكن أن يحتوي الحوار الوطني على أربعة مراحل ، كل مرحلة تتبع المرحلة التي تليها وتتكامل معها كما يلي : المرحلةالأولى تبدأ بتعزيز إجراءات بناء الثقة القبلية الضرورية لنجاح الحوار . تشمل هذه الإجراءات وقف العدائيات وإطلاق النار في مناطق النزاع ، بسط الحريات العامة ، وشطب الأحكام القضائية ضد قادة الحركة الثورية ، ضمن إجراءات أخرى . المرحلة الثانية تبدأ بالإتفاق على آلية ( لجنة ) قومية لتدير الحوار في شفافية ، وتتفق على الهدف النهائي من الحوار ، وخريطة الطريق المؤدية للهدف النهائي . المرحلة الثالثة تبدأ بتحديد الهدف النهائي للحوار والإتفاق عليه . هل يحتوي الهدف النهائي على تحول سلمي للسلطة ، وإقامة نظام جديد بهياكل جديدة ، وسياسات جديدة ، ووجوه جديدة ؛ نظام جديد يقود للسلام الشامل العادل والتحول الديمقراطي الكامل ؟ أم هل يكون الهدف النهائي هو إشراك الأحزاب المعارضة والحركات المسلحة في الحكومة الحالية ؟ المرحلة الرابعة تبدأ برسم خريطة الطريق المؤدية للهدف والإتفاق عليها من جميع الأطراف المشاركة في الحوار . بدون الإتفاق القبلي على هذه المراحل الأربعة المكملة لبعضها البعض ، فإن الحوار سوف يكون طق حنك ساكت ، او حوار طرشان ، أو مولد يخرج منه الجميع بدون حمص ، محاكين الذين دخلوا بالإفك ، وهم قد خرجوا به ، والله أعلم بما كانوا يكتمون ؟ 3 - المؤامرة ؟ المؤامرة موجودة وحية تُرزق ما دام هنالك مصالح متعارضة للدول والجماعات والحركات . مبدأ هوبز الذي يستبعد الأخلاق عن السياسة ، يمثل جوهر المؤامرة . كما أن تعاليم مكيافيلي الداعية إلى أن الغاية تبرر الوسيلة ، هي الآلية المحركة للمؤامرة . المؤامرة تتناسل وتنتشر في البيئات المضطربة ، التي تتكاثر فيها الشقوق التي تمرق من ثناياها المؤامرة لتخترق الجسم وتدمره من الداخل . سوف نرى في هذه المقالة كيف سوف يدمر شبح المؤامرة الوهمية فكرة الكوديسا الحقيقية ( ماركة جنوب افريقيا ) ويحول دون إنزالها إلى أرض الواقع . يمكن رصد 4 أنواع من المؤامرة حسب الطرف السياسي المُستهدف ، كما يلي : + المؤامرة الصهيونية ؛ + المؤامرة الأنقاذية ؛ + المؤامرة الميرغنية ؛ +المؤامرة الصادقية . 4- المؤامرة الصهيونية ؟ يؤمن المؤتمر الوطني بوجود مؤامرة صهيونية تهدف لإستغلال الحوار الوطني لتفكيك نظام الإنقاذ ، وفطم حزب المؤتمر الوطني من ثدي الدولة ، وإنهاء التمكين الذي أثرى قادة الوطني وكوادره ، وتحويل الدولة ، بُعد الشر ، من دولة الوطني إلى دولة الوطن ؟ مؤامرة تقود إلى إنتخابات نزيهة والتحول الديمقراطي الكامل ، الذي ربما أنتج حكومة صندوق إنتخابات نزيهة لا يكون المؤتمر الوطني مشاركاً فاعلاً فيها ؛ كما الحال في جنوب افريقيا ، واليمن ، ومصر وتونس وليبيا ، حيث ذهب الحزب الحاكم إلى المعارضة بعد إنتخابات حرة ونزيهة ( جنوب افريقيا واليمن وتونس ) ، او إختفي من الفضاء العام ( مصر وليبيا ) . في هذه الحالة ، ربما رضخت حكومة صندوق الإنتخابات النزيهة لضغوط المجتمع الدولي ، مما يسمح بتدخل محكمة الجنايات الدولية لإقرار العدالة وتفعيل أوامر القبض ، وفتح الملفات المُحرمة الأخري لمحاكمة المتورطين في الفساد ( الوليد الشرعي للتمكين ) بأنواعه المتعددة ؟ وعليه ، لن يسمح المؤتمر الوطني بنجاح المؤامرة الصهيونية ، حتى لا تتدخل محكمة الجنايات الدولية في الشئون السودانية ، في حالة التحول الديمقراطي الكامل وتفكك نظام الإنقاذ . في إطار هذه المؤامرة ، سوف تكون محكمة الجنايات الدولية بمثابة الفك المفترس الذي سوف يفتك بالحوار الوطني الحقيقي ، ويجعله أحاديث ؟ الم تسمع الدكتور نافع علي نافع يردد لكل من القى السمع وهو رشيد بأنهم من الذكاء بحيث لا يسمحون للحوار الوطني بتفكيك نظام الإنقاذ ؟ كما تم تفكيك نظام الأبارتيد في جنوب افريقيا ، ونظام علي عبدالله صالح في اليمن ؟ إذن المؤامرة الصهيونية ليس لها أي فرصة نجاح في بلاد السودان ؟ 5- المؤمراة الإنقاذية ؟ تؤمن الجبهة الثورية ومعها تحالف قوى الإجماع الوطني بأن نكتة الحوار الوطني لا تعدو أن تكون مؤامرة إنقاذية لإلهاء الشعب السوداني وحندكته بسراب بقيعة يحسبه المواطن السوداني حواراً جاداً ، حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ، ووجد دكتور نافع عنده يصرح قائلاً : نحن من الذكاء بحيث لا نسمح للحوار الوطني بتفكيك نظام الإنقاذ ؟ كيف تشارك الجبهة الثورية في الحوار وقادتها محكوم عليهم بالإعدام ، والحرب دائرة في دارفور والمنطقتين ؟ سوف يكون الحوار الوطني صفرياً ، إذا لم تشارك فيه الجبهة الثورية ؛ وقد أعلنت عدم مشاركتها ومثلها معها مكونات تحالف قوى الإجماع الوطني . إذن المؤامرة الإنقاذية ( حسب توصيف الجبهة الثورية ) ليس لها أي فرصة نجاح في بلاد السودان ؟ 6- المؤامرة الميرغنية ؟ يؤمن مولانا الميرغني بأن مبادرة الحوار الوطني ما هي إلا مؤامرة دنيئة لإشراك حزب الأمة وحزب المؤتمر الشعبي في حكومة شراكة عريضة ، تكون على حساب مصالحه المالية الشخصية الخاصة لدي الحكومة . يجاهد مولانا الميرغني لعدم المساس بمصالحه المالية الشخصية التي يتكرم بها عليه المؤتمر الوطني مقابل مشاركته في الحكومة العريضة . وجود شركاء آخرين معه ( الشعبي والأمة ) في الحكومة العريضة ربما قلل من الإكراميات التي تغدقها عليه حكومة الخرطوم ؟ وعليه سوف يجاهد مولانا الميرغني في خنق مبادرة ( مؤامرة ؟ ) الحوار الوطني للحفاظ على مصالحه الشخصية الخاصة ؟ 7 - المؤامرة الصادقية ؟ يخشى السيد الإمام من مؤامرة غير مُخطط لها وتأتي بتكامل أهداف المتشددين والمنكفئين في الحكومة والمعارضة . يسعى المتشددون في الحكومة لقتل مبادرة الحوار الوطني حتى لا يفقدوا مواقعهم التمكينية السلطوية وبالتالي مصادر ثروتهم الشخصية ، ويتم فتح ملفاتهم المنتنة فيصيبهم عذاب يوم عظيم . حتى الصغار في قعر السلم في مكتب والي الخرطوم وغيره من الولاة سوف يقاتلون بشراسة حتى لا يشاركهم غرباء في مليارات الفساد . يجاهد المنكفئون في المعارضة لخنق مبادرة الحوار الوطني لأنهم يؤمنون إنها طق حنك ساكت لحندكتهم وإلهائهم والكذب عليهم ، ويفضلون الإنتفاضة الشعبية التي تطيح بالنظام عنوة وإقتداراً ! للأسف لا يعمل هؤلاء واؤلئك للتوعية والتعبئة والحشد والتجييش الشعبي ، وإنما يظلون يتراشقون في الإتهامات فيما بينهم ،مما يخدم قضية النظام ويضر بقضيتهم . هذه مؤامرة حقيقية ، سوف تقتل الحوار الوطني في مهده ، وربما كانت السبب وراء عدم تشكيل آلية قومية للحوار ، بعد مرور 103يوماً على خطاب الرئيس البشير في يوم الأثنين 27 يناير 2014 . لا زلنا في المربع الأول في فيلم الحوار الوطني لم نتحرك منه قيد أنملة ... محلك سر ؟ في المحصلة : نتمنى أن لا تكون الكوديسا الحقيقية ( ماركة جنوب افريقيا ) سراب بقيعة ، يحسبه الظمآن ماء ، حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ، ووجد سادة الإنقاذ عنده يبشرون بكوديسية إنقاذية مختلفة ، وبحوار وطني جديد مفصل على مقاس مشروع الوطني وليس المشروع الوطني .