يبدو أن ما يقود الخرطوموجوبا للمواجهة العسكرية والدخول في حرب جديدة أصبح أقوى من كل تعهداتهما بعدم سوق المنطقة لمواجهات أخرى يتضرر منها شعبا البلدين. كما يبدو أن المواجهات القائمة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بين القوات المسلحة السودانية ومتمردي الجيش الشعبي لتحرير السودان –قطاع الشمال– وتبني حكومة الجنوب لقضايا المنطقتين، سيعجل ربما بانتقالها من داخل السودان إلى الدولة الوليدة. لكن مع ذلك يشك كثير من المتابعين والمحللين في رغبة أو حتى مقدرة الدولتين الأحدث على إشعال تلك النار رغم الاتهامات العنيفة المتبادلة بينهما. ويبررون ذلك بأن الحكومتين تعانيان ظروفا اقتصادية حادة بما يمنع من تبنيهما أي تدهور أو حرب جديدة قد يطول زمنها ومداها. حسن مكي توقع تواصل الأزمات بين الحزبين الحاكمين في الشمال والجنوب (الجزيرة نت) تبادل اتهامات غير أنه ورغم تعهد الخرطوموجوبا بعدم تدخل بعضهم في شؤون بعض، فإن واقع الحال وتبادل الاتهامات ووجود الأدلة لكل طرف -كما يدعيان- يشير إلى عكس ذلك، بل يضع المنطقة برمتها على برميل بارود ربما ينفجر في أي لحظة. فالحكومة السودانية تعلن على لسان رئيسها عمر البشير أن دولة جنوب السودان لا تزال تدعم وتغذي المتمردين السودانيين بالولايتين، وحذر في كلمته أمام جنود القوات المسلحة بولاية النيل الأزرق حكومة الجنوب من أنها “ستدفع ثمن ما تقوم به من أعمال غير رشيدة". أما حكومة الجنوب فلم تدخر جهدا هي الأخرى في توجيه اتهاماتها لجارتها بمحاولة إشعال النار في الجنوب بل وتعديها على حدودها بقصف بعض معسكرات اللاجئين داخل الحدود الجنوبية. وتقول عبر الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية ين ماثيو في تصريحات صحفية، إن الخرطوم تحاول مواراة مشاكلها باتهام جوبا. تواصل الأزمة ويتوقع المحلل السياسي حسن مكي تواصل الأزمات بين الحزبين الحاكمين في دولتي الجنوب والشمال بين الصعود والهبوط، “لكنها ستظل في حدود ما يمكن احتواؤه"، مشيرا إلى أن الجنوب لن يتورط في حرب مع الشمال “لوجود روابط اقتصادية غاية في الأهمية". وعزا في حديثه للجزيرة نت أسباب الأزمة الأخيرة إلى هزيمة الحركة الشعبية في النيل الأزرق وعدم مقدرة جوبا على امتصاص انهيار أقوى حليف لها في السودان وهو مالك عقار. بيومي: جهات خارجية تعمل على تأجيج الخلافات بين الدولتين (الجزيرة نت) أما الخبير العسكري حسن بيومي فرأى أن عدم اكتمال ملفات القضايا العالقة -أبيي والمشورة الشعبية والحدود– يمثل أهم أسباب التوتر بين الخرطوموجوبا. وقال للجزيرة نت إن ما يتم تبادله من اتهامات كان متوقعا، “لأن الطرفين لم يحسما تلك القضايا"، مشيرا إلى وجود جهات خارجية تعمل على تأجيج الخلاف بين الدولتين بما يسمح بتنفيذ ما عده مخططا دوليا لتقسيم ما تبقى من دولة السودان إلى أجزاء أخرى متناحرة. الحرب قادمة من جهته يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد موسى حريكة أن كل طرف غارق في شؤون نظيره لأذنيه، متوقعا نشوب حرب بين الدولتين “طال الزمن أو قصر". ويقول في حديثه للجزيرة نت إن انضمام حركة العدل والمساواة لتجمع “الجبهة الثورية السودانية" الذي كان من المفترض انعقاد مؤتمره في جوبا “سيعجل بالحرب رغم تعهد البشير وسلفاكير بإبعاد خيار الحرب من كل خلافاتهما. ويؤكد أن رؤية الأزمات وتوقعاتها في السودان تشير إلى أن الأوضاع في طريقها للتصاعد بشكل لا يمكن السيطرة عليه. حريكة: الحرب بين الدولتين ستنشب طال الزمن أم قصر (الجزيرة نت) يذكر أن أربع حركات سودانية متمردة أعلنت السبت تأسيس تحالف باسم “الجبهة الثورية السودانية" بهدف العمل على إسقاط النظام في السودان. ويضم التحالف أربع حركات من دارفور هي العدل والمساواة وحركة تحرير السودان (جناح مني مناوي وفصيل عبد الواحد نور)، بالإضافة إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال). وأكدت الجبهة في بيان لها سعيها إلى إسقاط نظام المؤتمر الوطني بقيادة الرئيس عمر البشير، واستبدال نظام ديمقراطي منه عبر كل الوسائل المتاحة، مشيرة إلى المزاوجة بين العمل الجماهيري السلمي والعمل المسلح. وأضاف البيان أن الجبهة الثورية ستشكل لجنة عسكرية مشتركة لتنسيق العمل العسكري ضد الخرطوم، دون تقديم مزيد من التفاصيل. وقد اتهمت أجهزة الأمن السودانية جنوب السودان بمساعدة التحالف من خلال سماحها للمتمردين بالاجتماع في الدولة الجديدة للإعداد لإعلانهم. ونقل المركز السوداني للخدمات الصحفية في موقعه على الإنترنت عن مسؤول أمني قوله إن “احتضان حكومة الجنوب لما يسمى بالجبهة الثورية السودانية هو مؤشر واضح على العداء من قبل دولة الجنوب تجاه السودان". ويرى محللون أن هذه الخطوة قد لا تعني أي تهديد عسكري عاجل للبشير، لكنها تبدد الآمال في احتمال التوصل إلى حل سياسي ينهي التمرد في دارفور وفي ولايات الجنوب الحدودية. المصدر: الجزيرة الخرطوم تتهم جوبا بدعم تحالف ضد البشير الخرطوم – النور أحمد النور اتهم جهاز الأمن السوداني أمس دولة جنوب السودان بمساعدة تحالف جديد يضم حركات مسلحة في دارفور و «الحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال» قرر إطاحة نظام الحكم في البلاد بالقوة، من خلال سماحها للمتمردين بالاجتماع في الدولة الجديدة، واعتبرته «إعلاناً صريحاً بالعداء». وقال مسؤول في الجهاز إن «احتضان حكومة الجنوب لما يسمى بالجبهة الثورية السودانية هو مؤشر واضح على العداء من قبل دولة الجنوب تجاه السودان». وأضاف أن اجتماعات الجبهة عقدت في مدينتي ياي وجوبا «تحت رعاية حكومة دولة الجنوب»، مشيراً إلى أن الاجتماعات لم تكن في منطقة كاودا في ولاية جنوب كردفان. واعتبر «احتضان حكومة الجنوب لما يسمى بالجبهة الثورية السودانية، اعلاناً صريحاً للعداء من قبل دولة الجنوب تجاه السودان»، مشيراً إلى أن «وقائع الاجتماعات ومكان انعقادها أكبر دليل على الدعم المباشر من دولة الجنوب للحركات المسلحة في دارفور بالتنسيق مع قطاع الشمال في الحركة الشعبية». وأضاف أن «حكومة الجنوب تتحرى الكذب والتضليل عندما تؤكد للإعلام الخارجي أنها لا تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في السودان». وكانت أربع حركات سودانية متمردة أعلنت أول من أمس تأسيس تحالف باسم «الجبهة الثورية السودانية» بهدف العمل على إسقاط حكومة الخرطوم بالانتفاضة والكفاح المسلح. ويضم التحالف ثلاث حركات من دارفور هي «العدل والمساواة» و «حركة تحرير السودان – جناح مناوي» و «حركة تحرير السودان – جناح عبدالواحد نور»، إضافة إلى «الحركة الشعبية» في الشمال. وأكدت الجبهة سعيها إلى إسقاط نظام «حزب المؤتمر الوطني» بقيادة الرئيس عمر البشير، «واستبداله بنظام ديموقراطي عبر الوسائل المتاحة كافة والمزاوجة بين العمل الجماهيري السلمي والعمل المسلح». إلى ذلك، اتهمت وزارة الخارجية السودانية السفيرة الأميركية في مجلس الأمن سوزان رايس بالتنسيق مع حكومة جنوب السودان وعدد من منظمات الضغط الموجودة في الولاياتالمتحدة لقيادة حملة منظمة للتأثير على مجلس الأمن كي يصدر قرارات أو بيانات تدين السودان. وقال الناطق باسم الوزارة السفير العبيد احمد مروح إن «الحملة المنظمة تستند بالدرجة الأولي على أساليب مفبركة تصدر عن مخابرات دولة جنوب السودان، واعترف بها بعض ممثلي المنظمة الدولية في جلسة مجلس الأمن التي كرست قبل يومين لمناقشة الأوضاع في السودان ودولة جنوب السودان». وطالب الأممالمتحدة ومؤسساتها المختلفة بما فيها مجلس الأمن ب «الوقوف على الحياد والتحري عن ادعاءات حكومة الجنوب ومناصريها بوسائل التحقيق الخاصة بالأممالمتحدة وليس من خلال ما تتناوله وسائل الإعلام من خلال منظمات تفتقد إلى الصدقية». وكانت رايس أعربت عن قلق بلادها العميق من التوتر المتصاعد بين السودان ودولة جنوب السودان في الأيام الأخيرة، ودعت الطرفين إلى التزام ضبط النفس، متهمة الحكومة السودانية بالكذب عندما أنكر سفيرها في الأممالمتحدة قصف مخيم للاجئين في الجنوب. وقالت إن «واقعة قيام ممثل الحكومة السودانية بالكذب في شكل فاضح أمام مجلس الأمن تمثل قلقاً للولايات المتحدة ولبقية أعضاء مجلس الأمن».