لم تطرق آذاني طوال حياتي كلمات لها دلالات وتعبير! نابعة من سوداني/ة وهو/ي ي/تنظر لبلده/ها ومآلها بمثلما عبرت صفيه إسحق!، فتاةٌ فعل بها ثلاثة من ذنادقة الإنقاذ! ما جعل بدن كل سوداني شريف يهتز ويتقطر ألماً، وفي قمة مأساتها تهدي لأمة كاملة أعظم ما أنجبت اللغة العربية "عشان الحاجات تبقى كويسه"، صفية تقول لنا بأنها قد وهبت عذريتها فداء لهذا الوطن، لم تقل لأجل لإصلاح سياسي أو إقتصادي أو إجتماعي" وإن عنت ذلك"، لكنها قدمت لنا ما لم يستطع تقديمه ساسة السودان منذ أن أعلنا إستقلالنا فقط قالت "عشان الحاجات تبقى كويسه" خرجت كلماتها من بين معاناتها والألم الذي يعتصرها وهي لا تدري أتدفن أحزانها في وجه مجتمع لايرحم أم تنزوي وراء ما حاق بجسدها الغض، لكنها تخرج لنا وكأنا بها بطلة تطل من خلف الأساطير! تلك الأساطير التي تدمع أعيننا ونفيق على وعي بأنها ليست منا!!. صفية تجسد أساطيرنا.. لكنها تعيش بيننا، نراها في بناتنا، إخواتنا وأمهاتنا، لم تستل سيوفاً لتحارب بها الطاغوت الجاسم في صدورنا ولكنها قدمت لهذا الوطن ما يعجز المرؤ عن تخيله!، فقط توشحت بمقولة أجاد بها لسانها وإنفرطت لها أفئدتنا "عشان الحاجات تبقى كويسه" تود منا صفية أن نحس بأننا أبناء وبنات بلد واحد! لنا نفس الحقوق وعلينا نفس الواجبات!! فلماذا يعيش بعضنا في رغدٍ ويتسول الأخرون لقمة معاشهم!؟. لماذا تتعرض صفية ورفيقاتها لتلك الوحوش الكاسرة وينعم غيرهن بملذات الحياة تمتعاً وسط دق الدفوف وترانيم أصوات المغني!!. فمن ذا الذي يقول بعد اليوم أنه يمثل آمالنا وطموحاتنا في الحياة!؟، غير بنت السودان هذه التي قدمت لنا أغلى ما عندها فقط من أجل "عشان الحاجات تبقى كويسه". فهل صَفونا إلى أنفسنا ووضعنا صفية في حدقات أعيننا! لتتبدى لنا وهي تكابد الألم الجسدي تحت رحمة ثلاثة من الوحوش البشرية ورغماً عما يتقاطر منها من دمٍ وينهمر من دمعٍ ويتصبب من عرقٍ إلا أنها تقول فقط من أجل هذا البلد وأهله! "عشان الحاجات تبقى كويسه"، لوحة لا يمكن ترسمها لنا سوى أنامل صفية التي صدف أن تكون فنانة تشكيلية، فرسمت بشرفها المهدور من وحوش نظام الإنقاذ لوحة تحكي معاناة أهل السودان في ظل نظام متأسلم أباح الوطن ومن عليه وأفرغ إسلامه من كل شئ جميل حفظناه للدين الذي وجدنا عليه أباءنا..!. لا يمكننا أن نوصفك يا صفية فأنت تسمو فوق كل شئ عرفناه وخبرناه، قدمت لهذا الوطن ما عجزنا جميعاً ليس عن تقديمه بل وحتى عن تخيله، فأن قدمت صفية عذريتها فقط "عشان الحاجات تبقى كويسه" فما هو المطلوب منا أكثر من ان نجعل كلماتها في بساطتها عنوانٌ لحياة وطنٍ قادم إسمه السودان، فهل نحن بقدر ما قدمت لنا صفية إسحق!!!. د.عوض محمد أحمد لندن في 28/02/2011م