اعلنت هيئة شئون الانصار فى بيان لها , نفيها التنسيق مع اى من المجموعات الشبابية , وذلك بخصوص دعوة كانت قد نشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعى لاقامة صلاة الغائب على ارواح شهداء نيالا من مسجد ودنوباوى عقب صلاة الجمعة , وفى بيان الهيئة اكدت انها " مؤسسة دعوية، إرشادية، اجتماعية؛ يغطي نشاطها كل المجالات الإنسانية غيرالسياسية " , مما يعنى عدم قيامها سوى بالمناشط الدينية والاحتفالات المرتبطة بها . واوضحت الهيئة بلا لبس فى بيانها ولاحقا عمليا ان " المساجد بيوت الله أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فهي مواقع مقدسة لها حرمتها وقدسيتها، لايجوز أن تستغل لغير الغرض الذي بنيت له، فهي للعبادة والذكر وتلاوتة القرآن، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا يجوز فيها رفع الأصوات إلا بذكرالله " , والعملية جائت حين منعت الهيئة حسب شهود عيان ومشاركين فى صلاة الجمعة بمسجد ود نوباوى امس انهم قد تم متعهم من الهتاف فى المسجد بعد الصلاة كما جرت العادة فى الاسابيع المنصرمة . رغم مشاعر الدهشة لدى البعض , والمفاجأة التى انتابت الشباب والناشطين وعامة الناس الذين يتطلعون الى تغيير الاوضاع فى السودان ,ويستشعرون الخطر المدلهم سحبا سوداء قاتمة تمنع رؤية المستقبل وتنذر بعواصف هادرة تدمر كل , الا ان ما قامت به هيئة شئون الانصار " الذراع الدينى التعبوى " لحزب الامة , لا يختلف كثيرا رغم الاستنكار الذى ابتدرت به الهيئة بيانها لقتل المدنيين , عن موقف هيئة علماء السودان حول ذات الموضوع . بل وان الموقف الجلى الواضح لهيئة علماء السودان بان تعتبر الشهداء وقتلهم " جزاءا عادلا" , يعتبر موقفا مبدئيا لتلك الهيئة المساندة للنظام والتى تمثل الته الدينية التعبوية , اما موقف هيئة شئون الانصار , انما هو الحالة الفصامية المزمنة لما يسمى حزب الامة السودانى عبر مواقفه السياسية والاجتماعية عبر تاريخه فى هذه البلاد . فهو ذات الحزب الذى ينتمى لطاردى الانجليز ليعود ويصبح بعد اقل من 30 عاما اعز اصدقائهم , وهو الحزب الذى انقلب على الديمقراطية الاولى وضيع الديمقراطيتيتن الثانية والثالثة , وهو الذى ما فتىء زعيمه يلعب بالكلمات ومفاصل اللغة دون القيام بافعال حقيقية طوال فترة الانقاذ , يبادر ويحلل , متوهما حكمة مهداة , يتخفى خلفها ما يبدو انه تردد دائم وعجز واضح عن اتخاذ القرارات المصيرية . ان القوى السياسية المسماة بالتقليدية او الطائفية , تجد نفسها فى موقف حرج للغاية , حيث واجه الان سؤالا وجوديا يهدد بقائها , وهو سؤال ان تكون او لا تكون , ووفى المرحله الحالية مع الارض المتحركة تحت اقدام السادة والامراء , نازعة منهم قدسيتهم المتوهمة , فان خيارات هذه القوى فى البقاء لا يمكن ان تكون الا فى ظل هذا النظام القمعى الذى يثبت الامور وعلى حالها فى البلاد , يبقى البلاد فى حالة الفقر والهذيان الدينى الذى تعيئه البلاد منذ استقلالها , وهو المناخ المثالى لنمو هذه الطفيليات الطائفية السياسية , التى تضفى على ذواتها قداسة مرتبطة باساطير تاريخية ما عاد يصدقها جيل العاب الكمبويتر والتويتر , والحقيقة هو ليس فى حاجة اليها لانه يصنع الان اساطيره الخاصة , ولكنها شديدة الواقعية فى نفس الوقت . فاسطورة الشباب الملائكى الذى يثور ويضحى بروحه لاجل حريته , وحرية هذه البلاد هى التى ستحكى فى قادم الايام , وليس اساطيرهم التى ضحدتها افعالهم . وعلى القوى السياسية الشبابية الناهضة الان التى تحاول ان تصنع تغييرا حقيقيا وجذريا فى البلاد ان تعى حجم االتحديات وعيا تاما , فالانقاذ لم تستورد من تايوان او الصين لتحكم السودان , بل مولود شرعى تماما لهذا المجتمع السودانى الراضخ للاوهام والمختبىء تحت عباءات السادة وعجائب صنائعهم , لينجوه من مواجهة الواقع , وليحملوا عنه المسؤولية , وعلى هذه القوى الشبابية ان تجد طريقها الى هذا المجتمع ومخاطبته والتعامل مع تاريخه القمعى الذى جعل من المجتمع السودانى مجتمعا شديد التشوه , خاصة فى اتجاهاته الوطنية ووعيه بهويته وذاته الجمعية , فالقيادة المركزية العنصرية الاقصائية , نجحت فى تفتيت الشعب السودانى بدلا عن جمعه على ارضية المواطنة والانتماء للتراب الواحد , مما يجعل مقولة ان " الدم السودانى واحد " التى يتداولها الشباب عبر المواقع الاجتماعية , يجعلها مقولة قابلة لقدر عالى من الشك . واذا لم يواجه هذا الشباب الذى يحاول صناعة التغيير ان الواقع المفتت للمجتمع السودانى والارضية العنصرية التى تشكل وعى هذا المجتمع هى راس الرمح فى عملية التغيير فان المعركة ستكون خاسرة بالتاكيد وستكون الثور المنتظرة ما هى الا عملية استبدال انظمة قمعية مركزية عنصرية باخرى ليس الا . وفى نظام الانقاذ الذى حكم السودان للفترة الاطول على الاطلاق لاى حاكم سودانى منذ الاستقلال , فانه يجيد تماما التعامل مع تناقضات المجتمع السودانى ويقوم بالتلاعب بها لصالح بقاءه فى السلطة , ومواجهة هذه اللعبة المحكمة للنظام فى السيطرة على مفاصل المجتمع الحيوية وتدمير مراكز الوعى والتغيير فيه , هى مهمة يبدو انها كما ذكرنا من قبل ترضى اطرافا عدة , من ضمنها القوى التقليدية التى تريد تغييرا ياتى بها حاكمة , وليس التغيير الذى ينهض بالبلاد وينهى الامها , وما تعنيه هذه الللعبة هو استمرار حالة السقوط المدوى نحو الهاوية السحيقة للحروب الاهلية والعنف , مع استمرار المركز باليات نظامه الحاكم وقواه التقليدية فى ممارسة تعنتها وجبروتها ومحاولاتها البقاء على راس الهرم السياسى والاجتماعى السودانى والاستعداد للدفاع عن هذا الموقع باى ثمن , ويبدو ان نظام البشير الان يمثل درعا واقيا خاصة للقوى التقليدية فى مواجهة عملية التغيير التى تقودها الاطراف ومناطق الهامش بالذات , ولذلك فان العنف المفرط من قبل النظام تجاه اطفال دارفور لا خلال الحرب ولا الان من المتوقع ان يتلقى الادانة الحقيقية من القوى التقليدية , فقوى الهامش تلك التى كانت يوما مركز قوة تلك القوى التقليدية بانتفاضها على الانقاذ , صنعت وعيها الخاص وكيناتها السياسية المستقلة التى تعبر عنها بعيدا عن قوى المركز تقليدية كانت اوغيرها مما يشكل الفكاك العملى من السلطوية الطائفية السياسية الدينية والاقتصادية والسياسية فى تلك المناطق , واصبح المركز الان هو ساحة الوجود واللعب الاولى لتلك العباءات , وبالتالي على الشباب الداعى للتغيير ان يعى الملعب السياسى الذى يتحرك فيه ويعلم ان لاعبين قدامى ومحترفين , يحافظون على اماكنهم على قمة السيطرة على البلاد ومستقبلها , ولذلك فان الصراع الحالى ليس فقط مع الانقاذ بل مع المستترين بها ومن خلفها , وهنا يكمن التحدى فهل ستستطيع قوى التغيير من قلب هرم السياسة السودانية ليكون الشعب فى القمة هذه المرة ؟ هذا ما ستكشفه مقبل الايام .. بقلم عثمان نواي http://osmannawaypost.net/ https://twitter.com/OsmanNawayPost [email protected]