شرطة ولاية الخرطوم : الشرطة ستضرب أوكار الجريمة بيد من حديد    الدعم السريع تحتجز (7) أسر قرب بابنوسة بتهمة انتماء ذويهم إلى الجيش    الهلال يفتتح الجولة الأولى لابطال افريقيا بروندا ويختتم الثانيه بالكونغو    التقى وزير الخارجية المصري.. رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يؤكد عمق العلاقات السودانية المصرية    نزار العقيلي: (كلام عجيب يا دبيب)    البرهان يؤكد حرص السودان على الاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع برنامج الغذاء العالمي    ميسي: لا أريد أن أكون عبئا على الأرجنتين.. وأشتاق للعودة إلى برشلونة    عطل في الخط الناقل مروي عطبرة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي بولايتين    رونالدو: أنا سعودي وأحب وجودي هنا    مسؤول مصري يحط رحاله في بورتسودان    "فينيسيوس جونيور خط أحمر".. ريال مدريد يُحذر تشابي ألونسو    كُتّاب في "الشارقة للكتاب": الطيب صالح يحتاج إلى قراءة جديدة    مستشار رئيس الوزراء السوداني يفجّر المفاجأة الكبرى    عثمان ميرغني يكتب: إيقاف الحرب.. الآن..    التحرير الشنداوي يواصل إعداده المكثف للموسم الجديد    دار العوضة والكفاح يتعادلان سلبيا في دوري الاولي بارقو    مان سيتي يجتاز ليفربول    كلهم حلا و أبولولو..!!    السودان لا يركع .. والعدالة قادمة    شاهد.. إبراهيم الميرغني ينشر صورة لزوجته تسابيح خاطر من زيارتها للفاشر ويتغزل فيها:(إمرأة قوية وصادقة ومصادمة ولوحدها هزمت كل جيوشهم)    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وللحرية أبواب.. الصحافة الحرة ميدانها
نشر في سودان تربيون يوم 12 - 01 - 2020

أثار قرار "لجنة تفكيك نظام 30 يونيو" حجز أصول وممتلكات صحيفتي الرأي العام والسوداني وكذلك قناتي الشروق وطيبة التباسا شديدا في الرأي العام بين مؤيد ومعارض. رأى المؤيدون في القرار الذي نفذته القوى الأمنية، البوليس والدعم السريع، يوم 7 يناير الجاري انتصارا لخط الثورة وبسالة في مواجهة مؤسسات العهد البائد بينما رأي المعارضون أن القرار استباح حرية الصحافة وهي عنوان للثورة ومن مكاسبها. قدم وكيل أول وزارة الإعلام رشيد سعيد يعقوب منافحة عن القرار في مقابلة تلفزيونية يوم 8 يناير استعرض فيها حيثيات عن كل حالة كان مصدره في جميعها تقرير من 800 صفحة تقدم به جهاز الأمن حسبما قال. صرح رشيد سعيد أن القرار "لم يأت علي خلفية خطها التحريري بل بناء على مصادر التمويل"، مضيفا أن "الدولة لم تصادر أي قناة أو صحيفة بل حُجزت إلى حين اكتمال المراجعة، وسيتم تعيين لجان تسيير للقنوات التي تم إيقافها." من جهتهم استنفر المعارضون مبدأ حرية الإعلام، استغربت الصحفية بجريدة السوداني لينا يعقوب أن يتم إغلاق صحيفة بالاشتباه وقالت مصيبة أن "الحرية هي حماية الرأي غير المرغوب فيه لأن المرغوب فيه لا يحتاج إلى حماية"، تساءلت لينا يعقوب: "ألا يملكون ما يمكن أن يدين قبل البدء في الإجراء"؟
كيف يمكن إذن تحرير الخلاف حول قضية البضاعة فيها الحرية ملتبسة بحرية من ولفعل ماذا؟ محل الصعوبة ربما هو تشخيص نظام 30 يونيو، فعند اللجنة التي تولت أمر تفكيكه النظام هو حزب المؤتمر الوطني وحاضنته الحركة الإسلامية وكل ما اتصل بها من منظمات وتكوينات ومنصات إعلامية، وبهذا المنطق جاز اعتقال على الحاج وإبراهيم السنوسي والحجر على الصحف بينما ظل بكري حسن صالح في دار أبيه في الكلاكلة لا يضره شيء. بذات التقدير انخرط قادة المثلث العسكري والأمني البرهان وحميدتي ودمبلاب في سكة الثورة بأمارة الانحياز وعفى الله عما سلف. جب الانحياز الجاهلية من قبله على سنة أبي سفيان. بل فاق معارضون فصيحون للإنقاذ مثل محمد حسن بوشي سواهم في هذا المضمار واستلوا قائد الدعم السريع من خبوب فض الاعتصام ببهلوانيات ثرة من نسيج المؤامرة، اختصارها أن قائد الدعم السريع الحريف "دقس" والشر كله أنس عمر الإسلامي.
لكن، أيحيط هذا التشخيص بنظام 30 يونيو فعلا؟ لهذه المناقشة سابقة في تاريخنا السياسي. احتج المرحوم عبد الخالق محجوب في "الماركسية وقضايا الثورة السودانية" على منهج الشيوعيين في معارضة نظام عبود، وقال كانت معارضة للسلطة الديكتاتورية وكفى دون النظر في منابتها الاجتماعية والطبقية. كان الإسلاميون ضلعا من أضلاع حكم البشير الطويل، وفيه سواهم الجيش وجهاز الأمن وطبقة من رجال الأعمال ورجال الدين وزعماء التكوينات القبلية. وكانت هيمنة القوى العسكرية والأمنية على شركاء "الإنقاذ" سببا في انشطار الحركة الإسلامية ثم ذهاب ريحها تحت حكم البشير حتى صارت ما رأي الناس في اجتماعات العيلفون وبثته قناة العربية مؤخرا: شلة من المعارف والأصدقاء المخضرمين لا يملكون سوى التثاؤب الممتد في وجه تنوير يتلقونه ممن يخافون عقابه ولا يثقون في قيادته، البشير كان أم علي عثمان. اليوم، وقد انكشف غطاء الشراكة وانفضت أصبح من مصلحة القوى العسكرية والأمنية أن تحشو الجثث جميعا في دولاب الحركة الإسلامية وتكتفي هي بهجاء "الدولة العميقة" ما دامت هذه الدولة العميقة هي ما أصاب عود الجيش والأمن من سوس الإسلاميين ومتى انحت عاد شرف الجندية وانسترت عورة جهاز الأمن.
في دفاعه عن قرارات لجنة العطا والفكي قال رشيد سعيد أن المعلومات التي استندت إليها اللجنة وردتها من جهاز الأمن في تقرير من 800 صفحة حول إدارة قوى الحكم على عهد عمر البشير للإعلام وسوقه. لم يعلق رشيد سعيد أكثر من ذلك على تقرير الأمن واعتبر محتواه حقائق أكيدة ما دام خرج من بيت الكلاوي. لم يتطرق رشيد بالتعليق على دور جهاز الأمن نفسه في رسم وتنفيذ السياسة الإعلامية للنظام الذي كان حارسا له عبر السنين فقد تحول الجهاز بسحر الانحياز كما يبدو إلى شاهد ملك مؤتمن ومحصن. لكن، ألم تكن شكوانا من جهاز الأمن ويده الطويلة التي امتدت إلى طي النفوس؟ ألم تكن دعوانا أن جهاز الأمن تكبر وتجبر لا يجد من يشكمه؟ تريد لجنة العطا والفكي تفكيك النظام بأدوات النظام نفسها وجعلت لذلك صيغة إدارية استثنائية هي قانون التفكيك المعلوم الذي اجتمعت للجنته سلطات التحقيق والقضاء والتنفيذ وأوكل للجنة أخرى يكونها مجلس السيادة والوزراء الفصل في الاستئنافات دون أن يعطل الاستئناف تنفيذ قرارات التفكيك.
لمن السلطة إذن؟ ولمن الحصانة؟ السلطة كما أعلنت الوثيقة الدستورية قسمة بين قوى الحرية والتغيير وجهاز الدولة القسري، الجيش والأمن والمليشيا، والجهاز القسري بذلك شريك في حكومة الثورة التي أطاحت بسلطان البشير وليس هدفا لها. يعيد أقطاب الجهاز القسري هذا المعنى في كل مناسبة وبغير مناسبة فنزاعات الفترة الانتقالية عند حميدتي "فورة لبن" والقوات المسلحة بعبارة البرهان صبرت على "الاستفزاز" وما كانت الإرادة الشعبية لتنتصر لولا الانحياز النبيل. في صيغة المبايعة هذه، يقدم الجهاز القسري دوشكاته لخدمة الحكومة الانتقالية دون أن تخضع لمجلس وزراءها فهي في واقع الأمر معارة حتى إشعار آخر، تضرب بها قوى الحرية والتغيير وتبل من تشاء وتمسك بالمقابل عن منازعة الجهاز القسري في الولاية إلا مباصرة على سنة الإصلاح من الداخل. حساب القوات المسلحة وجهاز الأمن والدعم السريع والبوليس بهذا القياس لا كتاب له، هو شأن يخصها وحدها ولا تخضع فيه لرقيب على هلاك النفوس أو إهدار المال العام، وقد كان زعم معارضين عظام للإنقاذ حتى عهد قريب أن ثلثي ميزانية الحكومة مخصصة للجهاز القسري يسرح ويمرح كما يحلو له.
ربما صح إذن تحرير المناقشة حول قرارات لجنة العطا والفكي في سياق الخدمات المتبادلة بين الشق المدني في الحكم والشق العسكري، أمسك لي وأقطع ليك، خاصة والنداء الثوري على أشده لتفكيك سلطان الجهاز القسري للدولة واستبدال كل ذلك بمدينة أخرى من حرية وسلام وعدالة. تهديد الثورة الجليل أنها فتحت الباب لإخضاع الجهاز القسري للدولة للإرادة المدنية الديمقراطية تحصي ماله وترصده وتجيزه وتصدر أوامر تحركه وتحبس عن المواطنين "الملكية" شره. إن غاب هذا التهديد عن ذهن قراء تقارير الأمن الجدد فهو لم يغب عن ذهن القوى الأمنية التي صارت تمن بنداء "مش دي المدنية القلتو دايرنها". هذا هو ميدان الصراع الذي طرح فيها جهاز الأمن زبائن الأمس زكاة من بل اليوم. تحررنا الحقيقة، فليطرح من بيدهم تقرير الأمن لأصحاب المهنة، يشفون ما بها، وللجمهور والرأي العام يفحص أعمال جهاز الأمن وأعمال زبائنه وشركائه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.