نصحت باحثة أوروبية في مجال الديمقراطية السودانيين بتنبي سياسات لحماية الانتقال الديمقراطي للحيلولة دون العودة إلى حُكم شمولي مرة أخرى. وقالت ، إن الديمقراطية ليست فكرة واحدة وإنما هي إجراءات صغيرة مثل حرية التعبير وضمان مشاركة النساء والشباب بفعالية في العمل السياسي، إضافة إلى وجود برلمان قادر على مراقبة أداء الحكومة التنفيذية. وأضافت لورمان، التي كانت تتحدث في حلقة نقاش نظمتها السفارة السويدية في الخرطوم ضمن خطتها للتبشير بالديمقراطية، بجامعة الخرطوم، الخميس: "العسكر هم الذين يقوضون الديمقراطية، ولتلافي ذلك، يجب إقناعهم بأهمية الوقوف إلى جانب الديمقراطية، فإذا لم ينضموا إليها فمصير فترة الانتقال الفشل". وتعرض السودان لتجربتين انتقاليتين 1964 و1985، بعد ثورتين: الأولي ضد الجنرال إبراهيم عبود والأخرى ضد الجنرال جعفر نميري، والاثنان توصلا إلى السُلطة عبر انقلابات عسكرية. وتعد الفترة الانتقالية الحالية ثالث تجربة، لكنها تواجه عقبات بسبب الأزمة الاقتصادية وعدم وجود تماسك اجتماعي بفعل الحرب، علاوة على عدم استكمال مؤسسات السُلطة الانتقالية مثل حكام الولايات وتشكيل المجلس التشريعي. وحرضت لورمان الشباب والنساء على بناء منظمات مجتمع مدني وقوى سياسية قوية، فالديمقراطية تُحمي بمؤسسات فعالية. وقالت إن المستوى التنظيمي في المنظمات والأحزاب يجب أن يكون قويا بما يكفي ليدرك الجميع أن الشباب قادر على المقاومة والتعبير بقوة عن آراءه، وذلك لحماية الثورة وللحيلولة دون تدخل العسكر في الحياة السياسية عبر الانقلابات العسكرية. وظل تدخل قادة الجيش السوداني نافذا في الحياة السياسية مُنذ نيل السودان استقلاله في العام 1956، مستندين في ذلك على دعاوي الأزمات الاقتصادية وفشل المدنيين في حلها. وأشارت لورمان، إلى أن البرلمان القادر على محاسبة الحكومة التنفيذية يأتي ضمن المؤسسات التي تحمي الديمقراطية، شريطة أن يكون مرآة للمجتمع، وذلك بضم جميع فئات الشعب فيه. واقترحت الباحثة السويدية على الشباب تكوين مجالس أو برلمان الشباب، والمشاركة بفعالية في إدارة منظمات المجتمع المدني باعتبارها مدرسة للديمقراطية، وذلك قبل الانخراط في القوى السياسية لممارسة السياسية برسمية. ونصحت لورمان الناشطين السياسيين الذين يلقون باللوم على فشل وفساد الأحزاب السياسية وقادتها بالانضمام إليها، لقيادة إصلاح داخلها، يضمن أن تكون كل إجراءاتها المستقبلية ديمقراطية. وأضافت: "لماذا تترك المجال للسياسيين الذين تصفهم بالفساد، عليك أن تصبح سياسي، وإذا لم تفعل، سوف يتحكم السياسيون الذين تصفهم بالفساد بالحياة السياسية". وحثت الباحثة في أصناف الديمقراطية الحكومة الانتقالية بالتفكير في تنبي التربية الوطنية، التي تّعرف الديمقراطية بوضوح، وحثت السودانيين على المشاركة فيها بفعالية بهدف المحافظة عليها. ويتخوف السودانيون من أن يؤدي فشل الحكومة الانتقالية، التي تسلمت السُلطة في أغسطس الفائت، إلى نتائج كارثية من بينها استمرار الحرب. والدعوة إلى السلام الشامل كان أول شعارات الثورة التي نجحت في عزل الجنرال عمر البشير عن السُلطة في 11 أبريل المنصرم، بعد انحياز قادة الجيش للمتظاهرين، الذين ظلوا يقودون الاحتجاجات السلمية ضد البشير لأكثر من عام. وسارع قادة الجيش بمجرد عزل البشير إلى تكوين مجلس عسكري، خاص مع قوى الحرية والتغيير تفاوض سياسي، أفضى إلى شراكة سياسية بموجبها جرى تشكيل الحكومة الانتقالية، التي تخوض مفاوضات مع الحركات المسلحة التي قاتلت نظام البشير في عدد من أقاليم البلاد، بهدف إحلال السلام في البلاد، التي تعاني من أزمة اقتصادية وعدم تماسك اجتماعي، وهما كفيلان بتقويض الفترة الانتقالية. وعل أكبر مهددات الانتقال الديمقراطي في السودان يتمثل في خضوع المؤسسة العسكرية لسُلطة مدنية، حيث منحت الوثيقة الدستورية التي تحكم عمل الفترة الانتقالية، سيطرة مطلقة للمكون العسكري في مجلس السيادة على المؤسسات العسكرية. كما تعاني بعض الأحزاب السياسية السودانية من ضعف في ظل استنادها على الطوائف الدينية والإيديولوجيات، وهما يعطلان الممارسة الديمقراطية داخل هذه الأحزاب.