ربما لم يتوقع الرئيس الألماني فرانك والتر شتاينماير حين قرر زيارة الخرطوم، أن يرى رتلا من سيارات " البيتل فلكسواجن" العتيقة تصطف في استقباله كجزء من التعبير عن الحفاوة بوصوله كأول رئيس ألماني يزور هذا البلد منذ أكثر من 30عام، ودون تردد حطم الرئيس الزائر البروتوكول الرسمي مترجلا عن سيارة المراسم لتحية شباب "البتيل". وتعد هذه المبادرة الأولى من نوعها في السودان بأن يتم استقبال رئيس دولة بسيارات عتيقة الطراز من صنع صاحب البلد الزائر. فما إن تم الإعلان عن وصول الرئيس الألماني الى السودان حتى تداعى هواة الفلكسواجن في العاصمة السودانية لتنظيم استقبال مختلف بأن تم تزيين السيارات بالأعلام السودانية والألمانية وسط استجابة عدد مقدر من ملاك هذه السيارات الكلاسيكية للدعوة بالمشاركة في استقبال شتاينماير. ولا يخفى كثيرا اعتزاز عشرات السودانيين بهذا الطراز من السيارات - بيتل فلكسواجن- التي يعود عهدها الى السبعينات ومع ذلك بقيت صامدة أمام المد المتسارع لمئات الأنواع والموديلات، فأنشأ الشباب من محبي هذا النوع مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي قبل أن يتطور الأمر الى تواصل على الأرض وتنظيم رحلات ولقاءات على شاطئ النيل بين الفينة والأخرى. ويقول خالد صلاح الدين عبد الله أحد أعضاء النادي ل "سودان تربيون" إن فكرة استقبال الرئيس الألماني بالسيارات الكلاسيكية الألمانية المنشأ طرحت من أحد الأعضاء باعتبار أن الألمان ممن يعتزون بصناعاتهم وأن الخطوة من شأنها إحداث فارق في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وبدأت التحركات بالاتصال بمراسم القصر الجمهوري الذين رحبوا بالمقترح وسمحوا للسيارات بالوقوف أمام متحف السودان برغم اعتراض فريق التأمين المصاحب للرئيس لعدم علمه بالترتيبات المعدة بأن يقف أصخاب الفلكسواجن أمام المتحف. وأمام الإجراءات الأمنية الصارمة اضطر الهواة لمغادرة موقعهم أمام المتحف كما يقول خالد والاصطفاف أمام قاعة الصداقة، وانتظار مرور موكب الرئيس الألماني الذي توقف على الفور وهبط الى حيث يقف الشباب مبديا اعجابه بالسيارات ثم طلب التقاط صور وكان بادي الارتياح والغبطة ومكث وسطهم لدقيقتين. والأثر الذي خلقته هذه الدقائق كان كبيرا وفقا لخالد خاصة أن العلاقة بين السودان والمانيا ممتدة منذ الستينات، ووقتها كان لشركة فلكسواجن فرع بالسودان جرى اغلاقه على يد الرئيس السابق جعفر نميري قبل ان تتدهور العلاقات طوال حكم الرئيس المعزول عمر البشير. ويشير خالد الى أنهم استعانوا بوالده الذي درس في المانيا ولديه علاقات متجذرة هناك لأكثر من خمسين عام، كان أنه ساعد أعضاء النادي في كتابة اللافتات بل حتى انه أبلغهم بأن "الرئيس سيترجل عن موكبه ويلتقيكم" وهو ما حدث بالفعل، وهذا التوقع نابع من اعتزاز الألمان بالسيارة الفلكسواجن التي تعتبر شعبية للغاية " وترجمتها "عربة الشعب" . والنوع الذي يعتز به هذه المجموعة وقوبل به الرئيس الألماني اختفى من المانيا منذ السبعينات بعد نقل خط الإنتاج الى البرازيل والمكسيك حيث عمل الإنتاج حتى 2004 بذات الشكل. ويؤكد خالد أن المغزى من الفكرة هو المساعدة في اخراج السودان من عزلته عن العالم التي دخل فيها منذ سنوات طويلة. ويرى عبد الله عوض أحد أعضاء النادي أن المردود الذي تركته المبادرة كان كبيرا ونجح بشكل كبير في عرض صورة مشرفة للهواة ومحبي الفلكسواجن. ويقول إن هذه السيارة صغيرة الحجم محبوبة للغاية لدى عدد كبير من السودانيين لأنها بسيطة وبمقدور أي شخص اقتنائها والتعامل معها. أما مازن ابراهيم أحد محبي طراز الفلكسواجن يقول إن لديها ثلاث موديلات أساسية هي 1200 وهي التصنيع الأول الذي أنتج في الستينات الى أول السبعينات، ثم تلاه الموديل 1300 الذي أنتج من أول السبعينات الى مطلع الثمانيات، وهذان الموديلان منتشرة في السودان بعدد كبير ثم موديل 1303 الذي ازدادت فيه درجة الفخامة وتم تصنيعه بمواصفات مختلفة وهو نادر للغاية في السودان. ومنذ أربع سنوات يقول مازن إن الفلكسواجن بدا يلقى رواجا في السودان خاصة انها سيارة كلاسيكية ومن النوع الاقتصادي غير المكلف في قطع الغيار علاوة على قوة تحملها للحرارة العالية على خلاف ما يشاع عنها.