رحم الله الرئيس جعفر نميري بقدر ما اغترف في حق الشعب السوداني .. ولكن على قرار التاجر المفلس يقلب في دفاتره القديمة وعندما نعمل نظرة للخلف نكتشف ان ابعاج لم يكن سيئا لهذه الدرجة اي لدرجة ثورة رجب ابريل .. ومثل ما اكتشفنا انه الرئيس عبود لم يكن سوى ملاك في شكل انسان وقرأنا وبلسان السفير اللبناني وقتها كيف ناداه وحذره لانه اهان الطباخ السوداني كبير السن قائلا له اما ان تمسكه بمعروف او تتركه باحسان جاعلا من هذه الحادثة البسيطة مثلا ومصدر دهشة و الهام للسفير اللبناني يحكيها حتى الآن ( كله الا كرامة الشعب السوداني ...في وقتها ).. نعود لابعاج في انه كانت له شخصية قوية لدرجة الرعب احيانا .. ولم يكن مصدر الرعب من شخصيته ناتج مثلا من سنده على الاجهزة القمعية .. بل هذه كما اثبت التاريخ انها لم ولن تكن تردع الوطنيين ابد الدهر .. لكنه كان اذا اصدر امرا أو وافق عليه لا أحد يستطيع ان يؤجله او يلغيه ولم يكن يرضى بأنصاف الحلول .. حسب ما سمعنا وقرأنا .. ومن طرائف ونتائج هذه القوة نذكر موقف طريف حكاه لنا الرعيل الاول من طلاب جامعة الجزيرة .. قالوا بدأوا هم الدراسة في الجامعة قبل ما تكتمل المنشآت وقبل ان تفتح الجامعة رسميا .. ولكن فجأه اتصل الرئيس على ما يبدو بادارة الجامعة سائلا عن موقف الانشاءات فقالوا له اصبحت جاهزة الآن .. ليفاجئهم بانه غدا سيحضر لافتتاح الجامعة رسميا ... وقال بما انه ادارة الجامعة لم تجرؤ على تغيير كلامها للرئيس بالقول مثلا انها لم تكن جاهزة لدرجة الافتتاح .. ولكن لم يصبح لديهم سوى اربعة وعشرين ساعة فقط لتجهز فيها الجامعة .. ويقول احد الطلاب في ساعات نحن شاهدنا الجامعة قد عبئت بعدد كبير من الآلات والمعدات و العمال والفنيين وبعضهم مزارعين وجناينية .. وتوجد حاليا في المدينة الجامعية حديقة قرب المسرح .. قالوا هذه لم تكن موجودة انما كانت فسحة فاضية جرداء والصباح تفاجأ الطلاب بوجود هذه الحديقة في الجامعة بها نجيلة واشجار ظليلة وورود مشرقة.. وخلال اربعة وعشرين ساعة فقط تحولت الجامعة الى شئ مختلف جدا وتم افتتاحها رسميا من قبل ابعاج.. سؤال برئ اين المدينة الرياضية الان التي وضع حجر الاساس لها قبل عشرين عاما .. ومثال آخر من مدينة كسلا ايام كان السودان مقسم لمحافظات .. قرر ابعاج زيارة المدينة وتقدم اتحاد المزارعين بدعوة غداء للسيد الرئيس في احد الجناين .. ولكن المحافظ رفض لهم ان تقام الدعوة في ساقية خاصة بل أمرهم بأن يقيموها في مشروع حكومي خاص بمصلحة السجون ... تظاهر رئيس الاتحاد بالموافقة على مضض وبغيظ لانتهازية المحافظ مضمرا رد الضربة .. وقبل يوم من وصول الرئيس ذهب رئيس المزارعين الى المحافظ معتذرا عن دعوة الغداء .. ليجن جنون المحافظ رعبا من ابعاج ومستسلما لطلب المزارعين على ان يقيموا الدعوة في اي مكان يختاروه شرط الا يلغوها لأنها اصبحت ضمن البرنامج الذي وافق عليه الرئيس .. وقد اختار المزارعون جنينة محشورة في زقاق .. ليضطر المحافظ الى شق الطريق لها وتنظيفه من المسكيت وتعبيده في نفس الليلة .. واول مرة تشهد مدينة سودانية عملية تعبيد طريق تتم ليلا وتنتهي في الصباح كله خوفا من ابعاج ..