من المسؤول عن عودة اﻹسﻼم السﯾاسي إلى الحكم ؟ د. عبد العظﯾم محمود حنفي جرﯾدة الشرق اﻻوسط في أعقاب 11 سبتمبر (أﯾلول) 2001 جعل الرئﯿس اﻷمﯿركي السابق جورج بوش اﻻبن من مسألة تروﯾج الدﯾمقراطﯿة في الشرق اﻷوسط أساس سﯿاسته الخارجﯿة، ودفع بهذه القضﯿة بكل قوته، ولكن نهجه أثمر ثمارا غرﯾبة، إذ تمخض عن فوز حماس في غزة والضفة الغربﯿة وتعزﯾز مكانة حزب ﷲ في لبنان. أما في العراق فإن سﯿاسة بوش جلبت للسلطة أحزابا طائفﯿة محافظة لها مﯿلﯿشﯿاتها الخاصة بها والموالﯿة ﻹﯾران. وفي مصر عزز هذا النهج من موقع «اﻹخوان المسلمﯿن»، وهي واحدة من أقدم الجماعات اﻷصولﯿة في الوطن العربي، التي ﯾعد تنظﯿم القاعدة من إفرازاتها. وتزاﯾدت البرامج اﻷمﯿركﯿة في مصر لترسﯿخ ذلك النهج الذي استفاد منه اﻹخوان المسلمون. وبعد اندﻻع اﻻنتفاضات في بعض أجزاء الوطن العربي وسقوط رؤساء تلك الدول نتﯿجة سخط الشباب والمحرومﯿن من السكان انتهزوا الفراغ وقفزوا على السلطة. وإذا كانت الدﯾمقراطﯿات تزرع اﻷمل مكان اﻻستﯿاء وتعزز احترام حقوق المواطنﯿن، فهل ﯾنطبق هذا الكﻼم على اﻷشخاص القابضﯿن على السلطة من اﻹخوان في بعض بلدان الوطن العربي الﯿوم؟ إن اﻷصولﯿة اﻹسﻼمﯿة كانت في تراجع ولكن منذ بداﯾة اﻷلفﯿة الجدﯾدة ظهرت عشرات الكتب التي تتحدث عنها وأهمها ﯾحمل عنوان «The Failure of Political Islam «(إخفاق اﻹسﻼم السﯿاسي). واﻵن ﯾشهد المرء جلوس تلك الحركات على مقاعد الحكم في مصر وتونس وغﯿرهما. إن تغﯿر الحركة اﻹسﻼمﯿة السﯿاسﯿة على السنوات العشرﯾن اﻷخﯿرة قد مكنها من انتهاز فرصة اﻻنتفاضات والقفز على السلطة. وخﻼل معظم عقدي الثمانﯿنات والتسعﯿنات من القرن الماضي كانت تلك الحركات تحمل أهدافا ثورﯾة ساعﯿة لﻺطاحة بالنظم التي ﯾسمونها بالموالﯿة للغرب، رافعة شعار إقامة الدولة اﻹسﻼمﯿة، ولم ﯾطرح أي منها مسألة الدﯾمقراطﯿة في صلب رسالتهم. كانوا ﯾؤمنون بالعمومﯿات، وبالمرحلﯿة في تحقﯿق أهدافهم، ولكن تبﯿن لهم وقتها أن الناس في معظم البلدان العربﯿة رفضوا طروحاتهم، ومن ثم فشل اﻹسﻼم السﯿاسي وفق هذا المعنى، لذا غﯿر اﻹخوان المسلمون في مصر تكتﯿكاتهم عبر السعي إلى حشد الدعم لبرنامجهم اﻻجتماعي والسﯿاسي، ونأوا بأنفسهم عن الدعوة للعنف وخاضوا اﻻنتخابات البرلمانﯿة بناء على برامج لمكافحة الفساد في نبرة متصالحة مع الدﯾمقراطﯿة لجلب مزﯾد من اﻷتباع الساخطﯿن على نظام الرئﯿس السابق حسني مبارك وتقدﯾم أنفسهم لواشنطن بشعارات فضفاضة تجذبهم، وبدأت اﻻتصاﻻت بﯿن الطرفﯿن سعﯿا منهم لطمأنة واشنطن وتقدﯾم الضمانات التي تبدأ بتأكﯿد أنه ﻻ تناقض بﯿنهم وبﯿن اﻷهداف اﻷمﯿركﯿة في المنطقة. لكن كان من الواضح والجلي أن هذا التصالح مع الدﯾمقراطﯿة بعﯿد كل البعد عن القﯿم الغربﯿة مثل اللﯿبرالﯿة والتسامح والحرﯾة. الوﻻﯾات المتحدة أعلنت دعمها الكامل لحركة «اﻹخوان المسلمﯿن». في رأﯾي أن الخطأ اﻷمﯿركي الكبﯿر لم ﯾكتف بالقبول بهذه القوى، بل احتفوا بهم، وكان من المهم أﻻ تتعامل اﻹدارة اﻷمﯿركﯿة مع نزعات الﻼتسامح الدﯾني والمﯿول الشدﯾدة المناهضة للحداثة. إن خطأ واشنطن الفادح هو اﻻحتفاء بجماعات ﻻ تؤمن بالحرﯾة السﯿاسﯿة واﻻقتصادﯾة، وهو ما أنتج سلسلة