لعل اليسار السوداني الذي يبدو متماسكا الآن يجد نفسه ولاول مره في خندق الثوره مجردا من أي تحالفات مرحليه فقد ساهم اليسار السوداني من قبل مساهمات فعّاله في إنجاز ثورتي إكتوبر وأبريل بل إن مناضلي اليسار العريض كانوا وقود تلك الثورات جنبا إلي جنب مع كل القوي الحديثه وجماعات الإسلام السياسي والأحزاب التقليديه أي التحالف العريض ضد الدكتاتوريات الذي إعتدنا أن نراه يتكون عند نضوج أسباب الثوره ولكن اليسار الآن في مواجهة خصمه التقليدي أي الإسلام السياسي الذي إستطاع إستقطاب القوي الاخري التي كانت تساهم في نجاح التفاعلات الثوريه فهل تستطيع أحزاب اليسار التي يعول عليها كثيرا الآن من جل الجماهير المتعطشه للخلاص في إنجاز الحلم الفسيح ؟ قبل ان نقفز إلي إستنتاجات متسرعه علينا توخي الحذر وحشد الأسباب التي تجعلنا نتوصل إلي نتائج تتناسب وحالة الإحتقان الراهنه أولا أحزاب اليسار أحزاب دفعت ثمن الأنقاذ مضاعفا في كودارها وفي تمويلها وفي بنيتها التحتيه أن صح التعبير مما خلف كيانات متشظيه تتعافي بشكل بطئ تتخلله إنتكاسات متكرره ثانيا الخصم المتربص باليسار والعالم بخفايا العمل المتاخم للتغيير إستطاع تكسير كل المواعين التي يمكن أن تؤدي إلي تمكن اليسار من إفراز ترياقه المضاد للتسلط ثالثا التغيير الذي حدث إقليميا لم تدور مؤشراته تجاه اليسار بل بالعكس التغيير الذي حدث آبان الربيع العربي كان ثمارا دانيه إقتطفها الإسلام السياسي مع بعض الإستثناءات الطفيفه التي لن تؤثر علي التعميم ويمكننا أن نقول ان اليسار كان مرحليا قد خسر المعركه في الشوارع قبل إشتعال الربيع العربي ولكن بشكل أو بآخر أدت ثورات الربيع العربي لأن تعايش الجماهير المتعاطفه مع الإسلام السياسي والتواقه لتطبيق الشعارات الضخمه التي رفعها الجدب الفكري الذي صاحب الأحزاب ذات الصبغه الدينيه في تصديها لمسئوليات الحكم كما حدث في مصر وفي تونس وحتي في اداء الميليشيات التي تحكم ليبيا حاليا كما أن التعقيدات السياسيه التي تمر بها المنطقه تضيّق الخيارات المتاحه أمام اليسار ولكن في مقابل هذه المعوقات بدأ واضحا تراص الجماهير الساخطه خلف أحزاب اليسار بل أن الفشل والفساد الذي الم بالدوله السودانيه منذ مجئ خصوم الإسلام السياسي وإنقلابهم علي الديمقراطيه جعل الجماهير العريضه تتطلع للنقيض والضد يظهر حسنه الضد كما أن ثبات أحزاب اليسار في التصدي للإسلام السياسي الذي تشعبت خصوماته وشملت شعوبا وقبائل وهوامش جعل منها في نظر الكثيرين رأس رمح التغيير القادم لا محاله كما أن احزاب اليسار بدات في تجريب كثير من التكتيكات الجديده التي كادت أن تؤتي أكلها في سبتمبر من العام المنصرم كالتشظي وتكوين مجموعات ثوريه لاتجعلها الإطارات الحزبيه تتيبس وتكون عرضه للتقزيم كما أن اليسار إستطاع إنجاز تحالف غير محسوس حتي الآن مع الكثير من الساخطين داخل الأحزاب التقليديه وقد يكون الامر محصورا في شباب تلك الأحزاب عموما يمكننا أن نقول ان اليساروحلفائه نجحوا في مباعدة الشقه بين الجماهير وبين الإسلام السياسي الحاكم وفي تعريته وفضح الكثير من مراميه وإرتباطته الإقليميه المشبوهه التي تتجاوز الهم الداخلي الملّح وإن لم يستطيع حتي الآن توحيد الفعل الثوري في الشارع علي كل حال يمكن لليسار الآن إستلام زمام المبادره وإنتزاع إستحقاقات كثيره طال إنتظارها وماجنوح النظام للحوار مؤخرا رغم الشكوك الضخمه التي تصاحب آليات الحوار التي يتخذها إستنادا لتجارب عديده سابقه إلا إعترافا منه بالفشل . كما أن الأمر الواضح بجلاء يمكن تلخيصه في أن النظام يتقهقر بعد أن بات يعتمد علي منظموته العسكريه في سبيل الإستمرار في الحكم أثر فقدان السند الجماهيري الذي كان يحتشد حول شعارات الإسلام السياسي من قبل .