قوبل مشروع القرار الأميركي في مجلس الأمن الدولي، الذي يهدد السودان وجنوب السودان بعقوبات إذا لم ينفذا مطلب الاتحاد الأفريقي بوقف الاشتباكات العسكرية بينهما، بالرفض من الخرطوم باعتباره تهميشا لدور الاتحاد الأفريقي. وفيما يرى محللون ومراقبون سياسيون أن القرار ربما يكون محاولة تحذيرية لطرفي النزاع، تعتقد الخرطوم أن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تغليب الاعتبارات السياسية والمواقف المسبقة ذات الغرض على مقتضيات التسوية السلمية العادلة بين دولتي السودان. وتحذر مسودة القرار الذي يتم تداوله في مجلس الأمن الخرطوموجوبا من أن المجلس مصمم على اتخاذ إجراءات إضافية مناسبة وفقا للمادة 41 من ميثاق الأممالمتحدة، التي تسمح لمجلس الأمن بتوقيع عقوبات في حالة عدم تقيد أحد الطرفين أو كليهما بقرارات الاتحاد الأفريقي بوقف الحرب بينهما. ويؤكد السودان في بيان لوزير خارجيته على أحمد كرتي -تلقت الجزيرة نت نسخة منه- ثقة السودان في الاتحاد الأفريقي وأجهزته وفي الآليات التي ارتضى العمل من خلالها لتسوية الخلافات بين جوباوالخرطوم. ونبه إلى أنه وحسبما ورد في ميثاق الأممالمتحدة وفي القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، فإن دور المنظمات والترتيبات الإقليمية لا جدال فيه، وأن أي عمل لإجهاض هذا الدور أو القفز عليه "لا يمكن أن يعيننا في إرساء دعائم السلم والأمن في السودان وفي القارة الأفريقية عموما". وأعلن كرتي تمسك بلاده بقرارات القادة الأفارقة الخاصة بتولي الاتحاد الأفريقي مهمة تسوية القضايا محل الخلاف بين دولتي السودان، مطالبا بإعطاء التفاوض حول القضايا الأمنية والعسكرية الأولوية المطلقة للبحث والاتفاق قبل الشروع في التفاوض حول القضايا الأخرى. استهداف السودان الكاتب والمحلل السياسي أسامة محمد أبو شنب يرى أن السودان هو المستهدف الرئيس من مشروع القرار الأميركي بعد استرداد هجليج. وقال إن تاريخ الإدارات الأميركية مع السودان يدعم فرضية استهداف القرار لحكومة الخرطوم "خاصة إذا علمنا أن أميركا تقف وراء 19 قرارا أصدرها مجلس الأمن بحق السودان خلال الفترة الماضية". ولم يستبعد أبو شنب سعي الإدارة الأميركية لفرض مطالبها المتكررة بنشر قوات دولية على طول الحدود بين الدولتين، بعد نجاح فكرة وجود قوات دولية في أبيي. وأكد -في تعليقه للجزيرة نت- أن الإدارة الأميركية تعمل لتنفيذ رؤاها "بالتقسيط" لأجل الوصول إلى هدف تخطط له منذ سنوات طويلة. ولم يستبعد نجاح أميركا في تمرير مشروع قرارها عبر مجلس الأمن الدولي "لانقسام الإرادة الصينية بين الخرطوموجوبا وكذلك روسيا". تشجيع التفاوض أما الخبير في الأممالمتحدة أمين مكي مدني فيرى أن مشروع القرار "منسوب للتهديدات التي يطلقها الطرفان تجاه بعضهما البعض"، مضيفا أن الطرفين متمسكان بالحرب رغم استعادة السودان لمنطقة هجليج من يد قوات جوبا. وقال مدني -للجزيرة نت- إن الإدارة الأميركية تسعى لحث الطرفين على العودة لطاولة التفاوض "وهي لا تريد فرض عقوبات بسبب ما حدث وإنما تفاديا لما قد يحدث". ومن جهته اعتبر مندوب السودان السابق للاتحاد الأفريقي عثمان السيد أن الإدارة الأميركية ما تزال تمارس أسلوبها الخاطئ في معالجة الأزمة بين السودان وجنوب السودان. وأشار إلى مطالبة جوبا السابقة بنشر قوات على الحدود بينها وبين السودان "وأميركا تعلم رفض السودان لذلك"، مما يعني أن إدارة باراك أوباما تعمل لأجل تحقيق المطالب الجنوبية. ورأى -في تعليقه للجزيرة نت- ضرورة ترك الأمر للاتحاد الأفريقي "الذي لديه من الآليات والأجهزة ما يكفي لمعالجة القضية وحسمها دون تدخل أميركي أو غربي".