الظروف الاقتصادية الاستثنائية التي تمر بها البلاد والتي نتجت عن الالتزام التام لحكومة السودان بتنفيذ استحقاقات اتفاقية السلام الشامل التي تم التوقيع عليها في العام 2005م والقبول الحضاري لنتيجة الاستفتاء الذي أفضى إلى انفصال دولة الجنوب في ظل وضوح للرؤية لتبعات ونتائج إقامة دولة الجنوب من آثار سالبة لخروج عائدات النفط من الموازنة العامة للدولة وما تلا ذلك من تعقيدات مختلفة تقاطعت والرؤية الاقتصادية المستقبلية التي تم وضعها لإحداث علاقات تعاون اقتصادي في مختلف المجالات مع دولة الجنوب باعتباره الوضع الطبيعي في مثل هذه الحالات كل ذلك أدى إلى إحداث أوضاع وظروف اقتصادية يمكن وصفها بالاستثنائية وهو ما ظل يؤكده المسئولون بالدولة وفقاً للمعطيات الحالية والمؤشرات المستقبلية على المدى القريب للاقتصاد الوطني وهي أوضاع تتطلب ضرورة إحكام التنسيق والتعاون وفق علاقات مؤسسة بين مكونات الحلقة الاقتصادية . والقطاع الخاص والذي أوكلت له الدولة إدارة أكثر من 70% من النشاط الاقتصادي بالبلاد يعتبر حلقة مهمة في دائرة قيادة النشاط الاقتصادي بالبلاد وظل داعماً لجهود الدولة في معالجة التطورات الاقتصادية الراهنة وتجاوز سلبيات الانفصال وتحويلها إلى قواعد انطلاق بالاقتصاد لمرحلة جديدة وتحقيق استدامة الاستقرار الاقتصادي وهي القضية المحورية التي ناقشها الاجتماع التنويري لوزير المالية والاقتصاد الوطني علي محمود بحضور مدراء الضرائب والجمارك ومحافظ البنك المركزي ورئيس اتحاد أصحاب العمل وحشد من رجال وسيدات وشباب الأعمال بقاعة الاتحاد العام لأصحاب العمل السوداني في حوار اتسم بالصراحة والوقائع والأرقام تضمن عددا من الأجندة أهمها كيفية تحقيق أهداف البرنامج الثلاثي لاستدامة الاستقرار الاقتصادي وتوجيه جزء من القروض الخارجية لتمويل القطاع الخاص وتحقيق الاستقرار لسعر الصرف والتعامل بمرونة مع استخدام عائدات الصادر وتفعيل قوانين الاحتكار والقوانين المنظمة للمشتريات وتعزيز مبدأ الحوار حول القضايا الاقتصادية بين القطاع الخاص ممثلاً في اتحاد أصحاب العمل ووزارة المالية . وأكد وزير المالية والاقتصاد الوطني خلال اللقاء التنويري حول المستجدات الاقتصادية الراهنة أهمية دور القطاع الخاص في إنفاذ وإنجاح أهداف البرنامج الإسعافي الثلاثي من خلال زيادة الإنتاج في سلع البرنامج وزيادة الصادرات وإحلال الواردات . وقال أن البرنامج الإسعافي الاقتصادي للدولة قابل للنقاش والمراجعات لتأكيد تحقيق أهدافه لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وكشف عن تدابير للكيفية التي تتم بها معالجة الفجوة في الموازنة الداخلية وميزان المدفوعات وتحقيق الاستقرار لسعر الصرف . وأوضح الوزير أن هناك جهودا مبشرة للدولة لتوفير موارد خارجية ستتضح نتائجها الإيجابية خلال المرحلة المقبلة . وطمأن الوزير قطاعات الأعمال بأن التوقعات تشير إلى أن العام الحالي سوف يشهد حل كثير من الإشكالات الاقتصادية . وأبان أن عدم استقرار سعر الصرف يؤثر سلباً على الاستيراد ، مشيراً إلى جهود للبنك المركزي ووزارة المالية للوصول إلى سعر صرف مشجع للصادرات والواردات . وطالب الوزير اتحاد أصحاب العمل بإعداد رؤية تفصيلية حول كيفية تطوير وترقية العمل والنشاط التجاري والاستثماري لجذب الاستثمارات إلى جانب رؤية خاصة للنهوض بالنشاط الزراعي ، مشيراً إلى موافقته على انعقاد هذا اللقاء بصفة دورية كل ثلاثة أشهر لمناقشة المستجدات التي تطرأ على الأوضاع الاقتصادية لتعزيز بناء وإيجاد علاقة مؤسسية مع القطاع الخاص. واستعرض الوزير المنهج الذي تعمل به الدولة والإجراءات التي اتخذت لسد العجز في الموازنة الداخلية والخارجية والإجراءات الخاصة بتقليل الإنفاق الحكومي ، مشيراً إلى أن رسوم العبور للبترول من دولة الجنوب خارج الموازنة ومشيراً إلى انسياب جيد للقروض الخاصة بالمشروعات التنموية في الكهرباء وتعلية السدود والصناعة والزراعة بمبالغ تجاوزت المليار دولار إضافة إلى العائدات الجيدة من الذهب . وأكد أن الظروف الحالية لا تسمح برفع الدعم كلياً عن السلع التي تدعمها الدولة كما تطرق إلى جهود زيادة الصادرات من القطن والحبوب الزيتية والسكر والثروة الحيوانية والصمغ العربي والأدوية والقمح والذهب . ونوه إلى ضرورة تضافر الجهود لمحاربة مشكلة التهريب . وفي الاتجاه الآخر أكد الوزير الاهتمام بمعالجة الآثار والانعكاسات السالبة للأوضاع الاقتصادية الراهنة على الشرائح والفئات الضعيفة وقال أن الوضع الاجتماعي أحد أهم الأشياء التي تنال اهتمامنا ، مشيراً إلى التوسع في برامج الزكاة والتأمين الصحي وصناديق الضمان الاجتماعي ورفع الحد الأدنى للمعاشيين والاهتمام ببرامج الرعاية الاجتماعية والمخزون الاستراتيجي إلى جانب الالتزام بعدم فرض ضرائب جديدة . وثمن سعود مأمون البرير رئيس الاتحاد العام لأصحاب العمل السوداني نهج وزارة المالية في طرح القضايا الاقتصادية للتشاور والنقاش مع أصحاب العمل ، مؤكداً دعم واهتمام القطاع الخاص بالبرنامج الاقتصادي الثلاثي وإعطائه أولوية خاصة . وقال أن الظروف التي تمر بها تتطلب إحكام التنسيق والتعاون بين كافة مكونات الحلقة الاقتصادية بالبلاد وجدد حرص القطاع الخاص على التعاون مع وزارة المالية وكافة الأجهزة ذات الصلة بما يحقق أهداف البرنامج لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحقيق مصلحة القطاع الخاص التي تعتبر مصلحة المواطن مشيراً إلى أهمية تكوين لجنة مشتركة بين أصحاب العمل ووزارة المالية لإحكام التنسيق المشترك ومناقشة القضايا والسياسات التي تهم قطاعات الأعمال والاتفاق على رؤى مشتركة تسهم في دفع جهود تحقيق الاستقرار الاقتصادي . كما دعا إلى أهمية تفعيل اللجان المشتركة بين الاتحاد وديوان الضرائب وهيئة الجمارك والبنك المركزي لمواجهة التحديات الاقتصادية. دكتور محمد خير الزبير محافظ البنك المركزي أشار إلى أن إجراء تقييم للبرنامج الثلاثي ما زال مبكراً . ، وأشار إلى أن ظهور عائدات الذهب التي فاقت التوقعات تعتبر دعماً ايجابياً حيث بلغت حتى الآن "12" طن لتصل حسب التوقعات إلى "50" طنا بنهاية العام الجاري يمكن أن تسهم ب (2.5) مليار دولار لسد العجز في الموازنة ، مبيناً أنه أسهم في الإيفاء بالالتزامات الأساسية والتزامات سداد القروض وبث رسالة تطمين بمتابعة البرنامج لسد الثغرات التي قد تطرأ . وحول سعر الصرف أكد الزبير تحرك المركزي بخطى واتصالات مدروسة لامتلاك القدرة على التحكم في سعره للوصول إلى سعر واحد من خلال العمل مع الدول الصديقة . وكشف عن تخصيص (370) مليون دولار لتمويل النشاط الزراعي الحديث إضافة إلى دعم البنك الزراعي وإعطاء القطاع الصناعي أولوية لتمويل سلع البرنامج الثلاثي وتمويل استيراد الأدوية ومدخلات إنتاجها المحلى بالسعر الرسمي . كما أشار إلى بعض الجهود لتذليل معالجة قطاع النقل وتمكين قطاع الصناعات الصغيرة من الاستفادة من المبالغ المرصودة للتمويل الأصغر والصغير ومعالجة قضية الضمان من خلال شركات التامين. وخلال اللقاء تقدم ممثلو القطاعات باتحاد أصحاب العمل بمداخلات مختلفة حول الوضع الاقتصادي واتفقت تلك المداخلات على أهمية طرح القضايا والسياسات الاقتصادية على مختلف الجهات ذات الصلة بالشأن الاقتصادي وهو ما أكد عليه الدكتور يسن حميدة الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية ، مبيناً أن مثل هذا الحوار يمكن الجميع من تجاوز الأزمة الحالية مشيداً بأداء الضرائب والجمارك وطالب بضرورة التعامل بمرونة مع حصائل الصادر ومعالجة مديونيات القطاع الخاص لدى الدولة .وأشار إلى تآكل رؤوس الأموال نتيجة الترشيد الإجباري للاستيراد وتطرق هاشم هجو رئيس اتحاد الغرف الزراعية إلى المشاكل التي تواجه الاستثمار الزراعي وضعف رؤوس الأموال . ونوه نور الدين سعيد رئيس اتحاد الغرف الزراعية إلى ضرورة توفير العملات الأجنبية للمدخلات والآليات وقطع الغيار بالقطاع الصناعي حتى تسهم في إنجاح أهداف البرنامج الاقتصادي الثلاثي . وتطرق كمال محجوب إلى معاناة قطاع النقل لعدم معاملته كقطاع استراتيجي ، وطالب عبد الله عثمان عمر رئيس اتحاد الصناعات الصغيرة بتسهيل إجراءات تمويل الصناعات الصغيرة وتحدثت زينب حسن أمين أمانة سيدات الأعمال . وعن الآثار الضارة للإغراق شكا أمين أمانة الولايات بالاتحاد جمال موسى من ازدواجية تطبيق بعض القوانين الاتحادية المرتبطة بالرسوم بالولايات. وتطرق عادل ميرغنى إلى عدم تفعيل قانون الاحتكار وعدم وجود قانون التنمية الصناعية