يشهد العالم بأسره ظاهرة تكاد تكون مهددا للمجتمعات وتعتبر مأساة إنسانية كبيرة تمس الملايين من الأطفال المشردين الذين يهيمون على وجوههم في الشوارع والأزقة والخيران في عزلة شبه تامة عن المجتمع المحيط بهم، يعانون من الحرمان من العطف والحنان والحياة الأسرية الكريمة، كما يعانون من سوء التغذية وضعف البنية الجسدية، ويفتقدون الالتزام بالقيم الأخلاقية والدينية والمجتمعية. وشكلوا مجتمعا خاصا بهم له قيمه وعاداته وتقاليده وقوانينه وعادة مايعيشون تحت مستوى الفقر مما يجعلهم عرضة للاستغلال في الكثير من المواقف الخطرة من التسول والترويج للمخدرات والاتجار فيها وترتب على ذلك إدمانهم للمخدرات والتعاطي بمختلف أنواعه وهذا مايشكل تهديدا صريحا لهم ولمجتمعاتهم. لهذا نظمت منظمة الدعوة الإسلامية بالتعاون مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم الثقافية "الايسيسكو" مؤخرا حلقة دراسية لبحث قضية الإدمان وسط الأطفال المشردين ناقشت المخاطر والمهددات التي تواجه هؤلاء الأطفال ووسائل العلاج والآليات الاجتماعية للوقاية من انتشار التعاطي والدور الذى تتطلع به الجمعيات الأهلية في الوقاية. وتطرقت الحلقة الى الآثار الاجتماعية والنفسية لمتعاطي المخدرات وسط الأطفال والعلاقة بين التشرد والإدمان والمعالجات التي تحد من ظاهرة تعاطي المخدرات. واستعرضت الحلقة كذلك دور منظمات المجتمع المدني في مكافحة الإدمان وسط الأطفال المشردين. وقدم الفريق شرطة دكتور عثمان جعفر ورقة بعنوان السياسات الأمنية ودورها في حماية الأطفال من خطر الإدمان. استعرضت الورقة المفاهيم الأساسية للإدمان والسياسات الأمنية في الوقاية من تعاطي المخدرات تتمثل في توفر قدر من المعرفة وتحديد حجم المخدرات وسط المجتمع والمشكلات الصحية والاجتماعية التي تسببها وتحديد عدد المتعاطين وأنواعهم وإيجاد تدابير للتمويل وموارد اقتصادية لتنفيذ السياسات المرسومة للمكافحة وتوفير قيادات مدربة للوفاء بالمهام التي يقتضيها تنفيذ برامج الوقاية والعلاج والتأهيل بالاستيعاب الاجتماعي. وتناولت الورقة دور الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام والجمعيات الأهلية والمؤسسات الدينية والمنظمات الشبابية للوقاية من تعاطي المخدرات وسط الأطفال المتشردين. وخلصت الورقة الى ان سلوك تعاطي الإدمان لا يرتبط بالمخدرات فقط انما يتخطى الى سلوك اخر كالسرقة والقتل والاغتصاب كما اوصت الورقة باجراء بحوث علمية مهتمة بمشكلة تعاطي المخدرات خاصة لدى صغار السن لرسم صورة عامة لهذه المشكلة قائمة علي أساس علم مدروس وتعميم الباحثين الاجتماعيين في دور التعليم المختلفة وتفعيل النشاط الاقتصادي وقيام مؤسسات علاجية لمعالجة المدمنين واستنفار منظمات المجتمع المدني في حملات التوعية والإرشاد والعلاج ومكافحة زراعة المخدرات وإيجاد بدائل اقتصادية لها وتدريب العاملين في المكافحة ورفع قدراتهم النوعية الاعلامية. وقدمت الدكتورة وداد إبراهيم حسن خليل مديرة مركز ثقافة التنمية الاجتماعية بوزارة الرعاية والضمان الاجتماعي ورقة حول الإدمان وسط الأطفال المشردين وآثاره الاجتماعية والنفسية حيث أوضحت الورقة اهتمام الدولة بقضية تشرد الأطفال والسعي لمعالجتها من خلال العديد من الآليات الرسمية والطوعية واصدارها للعديد من السياسات التي تعمل في تناغم لمعالجة المشاكل الاجتماعية. وأكدت الورقة علي متطلبات معالجة الظاهرة ونادت بضرورة الاهتمام بالأسرة ومعالجة قضاياها للقضاء علي كثير من الظواهر التي تسللت للمجتمع السوداني والمحافظة علي انسانه وقيمه الأصلية. واوصت الورقة ضرورة تطوير البرامج السودانية للحد من انتشار الظاهرة وتوفير احتياجات الطفل في اطار اسرته من خلال تنمية المجتمعات وزيادة دخل الأسر. وأوصت الورقة بنشر الوعي علي أسس دينية وعلمية وربط الأسرة والمؤسسات والمجتمعات خاصة مناطق تواجد الأطفال المشردين وضرورة انشاء مراكز علاج الأدمان وسط الأطفال المشردين وضمان استمراريتها وتفعيل دور المرشد النفسي والاجتماعي ووضع خطة وطنية لمعالجة ظاهرة التشرد وسط الأطفال تنفيذا للسياسة القومية التي تمت أجازتها وتحديد ادوار ومسئوليات كل جهة. كما قدم الأستاذ عمر إبراهيم مصطفى ورقة حول دور منظمات العلاج المدني ومكافحة الأدمان وسط الأطفال أوضح فيها نماذج منظمات سودانية لها دور في علاج الادمان مثل منظمة رعاية الطفولة ( صباح) ومنظمة رعاية الأطفال اليافعين ومركز التأهيل الطوعي لحماية المرأة والطفل ومؤسسة رفيدة الصحية. وأكدت الورقة علي ان ضرورة وجود دور فعال في منظمات المجتمع المدني لمكافحة هذه الظاهرة واقترح ادوار للمنظمات تتمثل في إجراء البحوث والدراسات علي ان تشمل أسباب التعاطي وأنواع المواد المستخدمة في التعاطي ومصادر الكمية التي يستخدمها المتشرد في اليوم والآثار النفسية لتلك المواد وضرورة التعاون مع الجهات والمؤسسات الحكومية من أجل مكافحة أدمان المتشردين والتنسيق مع المستشفيات من اجل تقديم خدمة العلاج وقيام منتديات و ورش عمل في مؤسسات مختلفة عن هذه الظاهرة وانشاء مراكز خاصة لعلاج المدمنين مع التنسيق مع الشرطة لاصدار إجراءات وتدابير للحد من هذه الظاهرة وتصميم برامج نفسية متعمقة تستهدف المشردين ورفع قدراتهم ووعيهم لادراك مخاطر المواد المخدرة الضارة. وخلصت الجلسة الى توصيات اهمها تفعيل دور المرشد النفسي والاجتماعي وسن قوانين وتشريعات رادعة للحد من الترويج والتعاطي وسط الأطفال والشباب واستنفار كافة منظمات المجتمع المدني لحملات توعية وارشاد وعلاج وإجراء البحوث العلمية المهتمة بمشكلة التعاطي والاهتمام بالأسرة وتحريك المجتمع للمشاركة الفاعلة في ايجاد الحلول والاعتراف بمشكلة اطفال الشارع بانها اجتماعية ونفسية واقتصادية تتطلب العلاج في اطار قومي موسع وليس اطار قطاعي وضرورو بناء استراتيجية تقوم على تكامل العناصر التدخل في الحل وقائيا وتأهيليا وعلاجيا مع استنهاض مقومات وامكانيات المجتمع الرسمية والطوعية من أجل تطوير اساليب الوقاية ولتجفيف منابع المشكلة على مستوى المحليات واللجان الشعبية. ع س