أهتم الإنسان ومنذ قديم الزمان بأمر التقييس لما له من أهمية كبيرة في الحياة حيث يمثل لغة التفاهم بين الشعوب ومصدر حضارتها ورقيها ، كما أنه مرجعية يعتمد عليها المجتمع في تدقيق معاملاته وتاريخ التقييس بمفهومه العام يمتد بامتداد التاريخ البشري فلا يمكن لأي تجمع بشري أن يستغني عن وجود صورة من صور التقييس وتختلف الصورة من مجتمع لمجتمع آخر أو من حضارة لحضارة ولكن يظل الجوهر واحدا بوجود مقاييس ومواصفات خاصة وأن التقييس هو العلم الذي يربط الحقائق بالبيئة التي تحيط بالإنسان ، كما أنه أسلوب لتنمية الفضول العلمي لبناء روح الابتكار للإنسان واستعمال العقل والمنطق في حل المشاكل وتجنب الأخطاء ويشكل التقييس درعا مهما للعدالة وتأمين الحقوق لكل الأطراف. الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للتقييس والذي يصادف الرابع من أكتوبر من كل عام أصدر مدير الإعلام والعلاقات العامة بها الأستاذ هيثم حسن عبد السلام كتاب تحت عنوان التقييس لغة العصر الحديث سلط من خلاله الضوء علي موضوع التقييس في السودان بمرتكزاته الأساسية المواصفات - الجودة- والمقاييس وأهميتها في كافة مجالات التنمية الخدمية والإنتاجية بجانب توضيحه للعلاقة بين الإعلام والتقييس. وأشار الأستاذ هيثم لأهمية التقييس في هذا الوقت الذي أصبحت فيه كل الدول تتسابق لتحقيقه وإرساء قواعده بما يمكنها من التداخل والتمازج مع عجلة التنمية المادية والبشرية والسودان بعد التحولات الكبيرة التي حدثت مؤخرا في عجلة التنمية لابد أن يواكب هذه الطفرة والتطورات والانفتاح علي العالم وذلك من خلال استيعابه لمتطلبات التقييس والعمل علي نشر ثقافته في المجتمع. وتناول الكتاب الأسس والأهداف العامة للتقييس وفقا لتعريفات المنظمة العالمية للتقييس (الإيزو) والتي عرفت التقييس بأنه وضع وتطبيق قواعد لتنظيم نشاط معين لصالح جميع الأطراف المعنية بهدف تحقيق التكامل الأمثل للاقتصاد مع الأخذ في الاعتبار ظروف الأمان باعتبار أن التقييس هو النظام الذي يحقق وضع المواصفات القياسية التي تحدد الخصائص والأبعاد ومعايير الجودة وطرق التشغيل والأداء للسلع والمنتجات ويبني التقييس علي أربعة أسس هي التبسيط والتنميط والتوصيف وتحقيق الملاءمة للاستعمال كما يساهم التقييس في خفض التكاليف وزيادة الكفاية الإنتاجية وتحسين جودة المنتجات بجانب الحفاظ علي المواد والموارد وتحقيق التبادلية والسلامة. وأوضح الأستاذ هيثم نشأة وتطور التقييس في السودان التي بدأت بقرار أصدره الحاكم العام البريطاني للسودان اللورد كتشنر عام 1899م في أن تكون موازين المقاييس القانونية في مصر هي وحدات الكيل والقياس والوزن في السودان وأستمر هذا التشريع حتى عام 1929حيث أصدرت لوائح مراقبة مكاييل بيع الألبان بولاية الخرطوم ونصت اللائحة علي بيع الألبان بوحدتين هي الرطل ونصف الرطل. وفي عام 1946 أنشأت الحكومة مكتبا صغيرا تابعا لمصلحة الأشغال خاصا بالموازين والمقاييس اقتصر اختصاصه علي صيانة وتصليح الموازين المستعملة في التجارة حتى استقلال السودان حيث تمت إجازة قانون الموازين والمكاييل عام 1956م وأنشئت بموجبة وزارة التجارة موازين في الأقاليم في مدن كسلا ومدني والأبيض وعطبرة وأم درمان حتى صدور قرار قيام الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس في عام 1992ن كهيئة علمية ورقابية ووقائية تهدف لحماية المستهلك من الغش والتدليس التجاري والمحافظة علي صحته والارتقاء بجودة الإنتاج والخدمات ووضع الضوابط العلمية الكفيلة بتنظيم إستراتيجية حركة السلع والمواد الغذائية المختلفة بالإضافة لمساعدتها المؤسسات الإنتاجية والخدمية علي الحصول علي شهادة الإيزو الخاصة بإدارة الجودة الشاملة وإدارة البيئة كما تقوم الهيئة بوضع السياسات التي تسعي لغرس وتأصيل مفهوم الجودة وتحويله إلي فلسفة تتبناها الدولة والمؤسسات الخاصة والعامة الإنتاجية والخدمية. وأشار الكتاب إلي إنجازات الهيئة منذ إنشائها المتمثلة في إصدار حوالي 3000 مواصفة محلية في شتي المجالات وإصدار سبعة من الأدلة الفنية المختلفة بالإضافة لإنشاء حوالي 60 معمل ومختبر بكل فروع الهيئة الموجودة في المنافذ الرئيسية . وأشار أستاذ هيثم للدور المتعاظم لأهمية الإعلام في نجاح التقييس في كل مراحله من إعداد المواصفات والتعريف بها ومدي الالتزام بتطبيقها وذلك باستخدام وسائل الاتصال المباشرة وغير المباشرة في توعية المستهلك بحقوقه وكيفية المحافظة عليها والمتمثلة في حق الحماية من المنتجات والخدمات وعمليات الإنتاج التي تنطوي علي المخاطر والحق في التبليغ والإعلام بالمعلومة التي تمكنه من الاختيار الأمثل للمنتجات والحق في الاختيار وفقا للجودة والأسعار التنافسية والحق في الرضا من خلال توفير المنتجات والخدمات الأساسية والحق في الاسترداد والتعويض من السلع والخدمات المغشوشة والحق في تعلم المرأة والمهارات التي تمكنه من الاختيار الأمثل للسلع والخدمات الحق في التمتع ببيئة صحية ومعافاة وهي الحقوق الأساسية للمستهلك التي ضمنت في دليل الأممالمتحدة لحماية المستهلك. ا ا