القارة الإفريقية الأكبر من حيث تركّز المسلمين بها؛ إذ قُدّرت نسبة المسلمين إلى إجمالي عدد السكان بما يقرب من النصف، تلتها قارة آسيا؛ حيث تبلغ نسبتهم بها قرابة 27%(5)، ولقد تزايد عدد المسلمين في القارة بأكثر من الضعف خلال فترة تُقدر بنحو عشرين عاماً؛ حيث قُدّر عدد المسلمين في إفريقيا عام 1931م بنحو 40 مليون نسمة، بينما قُدّر بعدها بعشرين عاماً في عام 1951م بنحو 85 - 90 مليوناً، بينما يُقدّر عددهم بعدها بربع قرن بنحو 150 مليوناً، وتلك الزيادة المطردة من الواضح أنها تزيد عن معدل النمو الطبيعي (2,5%)، حيث تصل نسبتها إلى (6,87%) سنوياً في المتوسط، وهو يزيد عن ضعف متوسط معدل صافي النمو . مرّ انتشار الإسلام في إفريقيا بعدة مراحل، وضح في أولها الدور الكبير للهجرات العربية والفتوحات الإسلامية والتوسع فيها، ولكن في المراحل التالية انتقلت الدعوة وانتشار الإسلام إلى أيدي الشعوب الإفريقية . ودعماً وتجديداً لذلك نظمت رابطة العالم الإسلامي بجدة بالتعاون مع جامعة امدرمان الإسلامية ومنتدى النهضة والتواصل الحضاري " الندوة الدولية "الإسلام وتحديات أفريقيا " بمشاركة عدد من الوزراء والعلماء والباحثين والأكاديميين المتخصصين بالشأن الإسلامي في إفريقيا من السعودية، مصر، موريتانيا، غينيا، الصومال، جزر القمر، الإمارات، الكويت،بحضور معالي الأمين العام للرابطة الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي وبدأت الندوة بجلسة بعنوان " إفريقيا والإسلام " شارك فيها عدد من المتحدثين بأوراق عمل تضمنت موضوع " ماذا قدمت أفريقيا للإسلام " و" إفريقيا والوحدة الإسلامية ", استعرض المتحدثون خلالها التحديات التي تواجه شعوب إفريقيا, وعلاجها وفق الأسس والمبادئ الإسلامية, ومحاربة الجهل ونشر الوعي الاجتماعي وتأصيل التعاون والتعايش والعمل المشترك في مجالات التنمية. بعدها عقدت جلسة أخرى بعنوان "إفريقيا والاستعمار " تناول فيها المتحدثون موضوعات منها "أفريقيا والاستعمار " وأفريقيا بعد رحيل الاستعمار " والمكونات الإفريقية.. من الصراع على التحالف ", وأكدوا أن المجتمعات الإفريقية متعددة الثقافات والأديان واللغات,مشيرين إلى أنه في المجتمع الواحد يشترك المسلمون مع غيرهم في تكوين النسيج الاجتماعي والتعاون في التنمية. وأبان المتحدثون أن التمازج الثقافي يأتي ضمن تيار عولمة الثقافة وليس ثقافة العولمة ويبدو واضحا في اختلاط الثقافات الإفريقية المحلية مع غيرها من الثقافات عبر التاريخ من غير محوها أو إلغائها. بعد ذلك بدأت جلسة أخرى بعنوان " إفريقيا والتحديات " وتناول فيها المتحدثون موضوع ضعف التنمية وانتشار الفقر والصراعات والدينية, وأكدوا فيها أن معظم مشكلات شعوب أفريقيا ناتجة عن الحال الاقتصادية وانتشار الجهل في عديد من بلدانها. وبين المتحدثون أن ما تعيشه إفريقيا من أزمات ناتج من فعل خارجي مشيرين إلى أن القارة كانت تنعم بالأمن الغذائي والأمن النفسي عندما كان الإسلام هو الدين المهيمن فيها, مؤكدين على أنه كلما كانت هناك مشاريع تنموية ناجحة كلما قلت نسبة الفقر الى ان تصل مرحلة العدم. كما أشاد المشاركون خلال جلسات الندوة بجهود المملكة العربية السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين في خدمة الإسلام والمسلمين كما أكد المشير عمر البشير رئيس الجمهورية حرص السودان على التعاون مع رابطة العالم الإسلامي وبذل الجهود والاهتمام بقضايا المسلمين على مستوى القارة الإفريقية وأشار الى ان الاسلام وتحديات إفريقيا تخدم الأمة وتأتي ضمن اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يحرصه على مايجمع كلمة المسلمين وتعاون الدول العربية وعلى وجه الخصوص السودان لمركزه المهم في القارة الافريقية . دعا الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية إلي تحديد خطر الصراع الأفريقي الداخلي ووضع معالجات له لإيقاف الأطماع والتكالب الاستعماري علي خيرات الشعوب الأفريقية.، وطالب لدي مخاطبته بقاعة الصداقة الجلسة الافتتاحية لأعمال الندوة الدولية "الإسلام وتحديات أفريقيا " التي تنظمها رابطة العالم الإسلامي بجدة بالتعاون مع جامعة امدرمان الإسلامية ومنتدى النهضة والتواصل الحضاري بضرورة إحسان خطاب الأفارقة للحفاظ علي وحدة الكيان الأفريقي . وقال "إن الإسلام في أفريقيا يبشر بمستقبل طيب لو انه وجد دعاة يحسنون تقديم الفهم الصحيح له ." وأضاف قائلا مطلوب من الدعاة المسلمين تحليل أوضاع المجتمعات ومعرفة ما يؤثر فيها حتى نجد المدخل الحقيقي لقبول الدعوة . وأبان طه أن حالة أفريقيا اليوم تضع علي عاتق المشاركين في الندوة عبء البحث في كيفية الإسهام في تقوية شعوب القارة مشيرا إلي أن أفريقيا نموذج إلي العالم الذي يضطرب ، وتطرق في هذ الخصوص إلي محاولات تقسيم القارة إلي جنوب وشمال الصحراء بهدف إضعافها وضربها ، مؤكدا علي ضرورة النظر إلي تعميق جذور أفريقيا وعدم السماح بتعميق الانقسامات داخلها . وشدد علي ضرورة اضطلاع المؤسسات المشاركة في الندوة وعلي رأسها رابطة العالم الإسلامي وجامعة امدرمان الإسلامية ومنتدى النهضة والتواصل الحضاري بمهمة تقديم الفهم السليم والصحيح للإسلام والتصدي للتحديات مبينا أن المجتمعات الأفريقية إما تحتضن مجموعة من المسلمين أو من غير المسلمين ويجب التركيز علي كيفية معالجة أمر النهوض بالمسلمين وإخراجهم إلي المعرفة والقوي الاقتصادية والاجتماعية عبر حسن تقديم دعوة الإسلام . واعتبر الندوة بعضاً من أداء الأمانة وجانب من بلاغ رسالة الأمة ، مشيرا إلي أن استضافة السودان لأعمال الندوة وفاءاً لأفريقيا التي ينتمي إليها دما وعرقا وأرضاً، مؤكدا أن السودان يظل يفتح قلبه لكل أبناء القارة ويعمل علي معالجة قضايا السلم والأمن والتعليم والنهضة فيها . وأبان النائب الأول أن السودان يدرك خطر الانقسام والاقتتال خاصة وانه ابتلي بانفصال جزء منه ، وجدد حرص السودان حكومة وشعبا علي تنفيذ مخرجات الندوة ودعمها بما يضمن تعزيز التعاون الأفريقي باعتباره أساسا متينا تقوم عليه علاقات السودان الخارجية وعلاقاته مع دول الجوار . أوضح الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي أن التحديات التي تواجه المسلمين في أفريقيا متنوعة وكثيرة من أبرزها ضعف الإمكانات والتأهيل وإجماع الكلمة والدعوات للانفصال وعدم التعايش بين المسلمين والفئات الأخرى في البلد الواحد. واضاف خلال مخاطبته الجلسه الافتتاحيه للندوة الكبرى (الإسلام وتحديات أفريقيا )اليوم بقاعة الصداقة أن هذه التحديات لا تزال عائق دون تقدم أفريقيا بشكل عام والمجتمعات الإسلامية بشكل خاص ، مشيرا إلي أن هذه الندوة سوف تقدم رؤية واضحة بترتيب الأولويات وتجعل الشعوب الإسلامية تسير علي طريق صحيح في مواجهة التحديات .وقال أننا نتطلع إلي تسهم الندوة في إصلاح أوضاع المسلمين وجمع كلمتهم لكننا في حاجة إلي تنسيق وتعاون علي كل المستويات. وأكد البروفيسور عصام أحمد البشير رئيس مجمع الفقه الإسلامي الأمين العام لمنتدى النهضة والتواصل الحضاري أننا ندعو لأمة تنتقل من الرؤية الجزئية لقضايانا إلي كليات التحدي ومن الاهتمام القطري إلي الاهتمام بقضايا الأمة في امتدادها الواسع وأن نعمل علي توسيع دائرة المشترك والمتفق عليه والإعزاز في المختلف فيه مما يقتضي علي ترتيب الأولويات. مبينا إلي أننا نقف علي تحديات القارة الأفريقية التي تشكل ثاني أكبر قارات العالم مساحة وسكانا وتمتلك من الموارد الطبيعية والكفاءات ما يحدونا الأمل أنها قارة الإسلام والمستقبل مهما تداعت عليها المحن والبلايا. اختتمت الندوة " الإسلام وتحديات أفريقيا " التي نظمتها رابطة العالم الإسلامي بالتعاون مع جامعة أم درمان الإسلامية ومنتدى النهضة والتواصل الحضاري في السودان بحضور معالي الأمين العام للرابطة الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي ورئيس مجمع الفقه الإسلامي الدكتور عصام أحمد البشير والقائم بأعمال سفارة خادم الحرمين الشريفين سليمان ال بدير، وعدد من سفراء الدول العربية والإسلامية. وألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي كلمةً شكَر فيها جمهوريةَ السودان على استضافتها الندوة،، مؤكدا على المكانة الإستراتيجية والجغرافية والدينية والتاريخية لقارة أفريقيا التي يمثل المسلمون غالبيةَ سكانِها. ونوه معاليه بجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظهما الله -، ودعمهم لرابطة العالم الإسلامي ومناشطها. كما شكر معالي الأمين فخامة رئيس جمهورية السودان المشير عمر حسن أحمد البشير ونائبه الأول دولة الأستاذ علي عثمان محمد طه على رعايتهم للعلم والعلماء, مشيدا بتعاون منتدى النهضة والتواصل الحضاري وجامعة أم درمان الإسلامية مع الرابطة في إنجاح هذه الندوة، معربا عن أمله في تعاون المؤسسات الدعوية والفكرية في السودان مع رابطة العالم الإسلامي، لمواجهة تحديات الإسلام في أفريقيا. بعد ذلك تليت توصيات الندوة التي أوصت بالتعاونِ المثمرِ والتكامل ِالإيجابيِّ مع منظمة التعاون الإسلامي في تعزيز التضامن الإفريقي الإسلامي وِفقاً لأهداف الرابطة وميثاقِ المنظمةِ، وما أصدره مؤتمر ُالقمةِ الإسلاميةِ الاستثنائيُّ الرابع ُالذي رعاه خادِمُ الحرمين الشريفين الملكُ عبدالله بنُ عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، في مكةالمكرمة في شهر رمضان المبارك من عام دعت توصيات الندوة الدولية حول الإسلام وتحديات أفريقيا لتحقيق متطلبات شعوب أفريقيا في الحكمِ الرشيدِ والمشاركة السياسية وتعزيز سيادة القانون العادل، والحوار الوطني، وإنشاء هيئة عليا لحقوق الإنسان في أفريقيا برعاية المؤسسات الدولية الإسلامية ذات الصلة. وطالبت الندوة بإنشاء صندوق التنمية الأفريقي من أجل تحقيق التنمية والنهضة المتكاملة والاستخدام الأمثل للموارد في القارة، وشددت على حماية الإنسان في أفريقيا من الظلم والعدوان. وشددت التوصيات على تعاون الحكومات مع العلماء والمؤسساتِ الإسلامية في إشاعة مفاهيمِ الوسطية في الإسلام، وفتحِ قنوات الإعلام للمنهج الوَسَطي وعرض الإسلام في صورته الصحيحة، بجانب توحيد الموقفِ الإسلامي في دول أفريقيا من القضايا التي تتعلق بالإسلام ودعوته. وأكدت على الاهتمام بنشر مبدأ الأخوة الإيمانية والعمل على تأصيل التعايش السلمي بين مختلف شعوب المِنطقة، والسعي إلى القضاء على صور النزاعات العرقية والدينية، ودعوات التمييز العنصري ووضع استراتيجية للدعوة بالاستعانة بالخبراء في الشأن الأفريقي. ودعت الندوة للاستفادة من الإرث التاريخي الأفريقي الإيجابي في معالجة الصراعات الإثنية والدينية، خروجاً من حالة الصراع والتنافر إلى التكامل والتعاون وتشجيع الحوار ليكون طريقةً لحل المشكلات والمنازعات، والاستفادة من تجارب الرابطة وغيرها من المنظمات ويبقى الاسلام هو الحل للكل مشاكل وتحديات القارة الافريقية (الفقر -الجهل - المشاكل الاقتصادية- والصراعات القبلية- النزاعات العرقية والدينية -التميز العنصري -الخ ) لان الاسلام يحما معنى والرسالة الأساسية التي يقوم عليها الاسلام هو توحيد الله عز وجل بالعبادة والبراءة من الشرك بالله ومن عبادة كل ما سواه. والإسلام ليس حصرياً على شعب دون شعب، أو قوم دون قوم، بل هي دعوة شاملة للبشرية كافة بغية تحقيق العدل والمساواة للبشر كافة. فالإسلام يقوم على على أساس الفطرة الإنسانية والمساواة بين مختلف أفراد المجتمع الإسلامي فلا يفرٌق بين الضعيف والقوي والغني والفقير والشريف والوضيع منهم، كما لا يفرق الإسلام بين الأمم والشعوب المختلفة إلا من باب طاعتها لله تعالى والتزامها بالتقوى، فهي تعتبر التقوى هي الاساس الذي يقيٌم به عمل الإنسان والتزامه بتعاليم الإسلام.