شهدت الساحة العربية تحديدا ومنذ اواخرعام 2010م تحولات سياسية عصفت باربعة انظمة حكمت طويلا واتخذت التحولات مسمى (الربيع) وهو الموسم الجغرافى الرائع الذى يأتى بعد الزمهرير والصقيع والثلوج ونعلم تماما ان الغرب هو من أطلق مصطلح الربيع العربي على الأحداث التي جرت في المنطقة العربية بدءَاً بتونس حيث كانت صحيفة الاندبندنت البريطانية أول من استخدم هذا المصطلح. وقد يكون لذلك علاقة بثورات الغرب عبر تاريخه التي تعرف هي أيضاً بثورات الربيع الأوروبي . وبدأت التحولات بالربيع التونسى في 18 ديسمبر 2010 مجبرا الرئيس زين العابدين بن علي على التنحى والخروج من تونس فى 2011م ثم الربيع اليمنى ثورة الشباب اليمنية أو ثورة التغيير السلميةالتى انطلقت شرارتها فى 3 فبراير 2011 م وامتدت عاما كاملا حتى انتهى حكم الرئيس صالح رسمياً في 25 فبراير 2012.ثم الربيع المصرى الذى انطلق فى 25 يناير 2011م كثورة شعبية سلمية أدت إلى تنحي الرئيس محمد حسني مبارك عن الحكم في 11 فبراير 2011 م, اما الربيع الليبى الذى انطلق فى 17 فبراير2011 وتحول إلى نزاع مسلح انتهى بزوال نظام العقيد معمر القذافي، وتشهد سوريا حاليا مثلما شهدته اخواتها العربيات الاربعة . اذا كان اى ربيع عربى حدث وانتصر او مفترض قادم لم يحقق ثورة اجتماعية حقيقة تختلع كل مظاهر الاستلاب والفساد والوهن الحضارى (القيم والمثل) لن يكون تغييرا بالمعنى المنشود وانما سيكون تغييرا سياسيا ليس الا ارتكز على ادوات التغيير بالمفهوم الليبرالى وهى صناديق الاقتراع والانتخابات ومستخدما وسائل التعبير السلمي من احتجاجات ومظاهرات ومسيرات . و لن يحدث ربيع كلى الا اذا بدأ فردى مستندا على ( ان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم) ربيع اخلاقى هو الذى اقصده (انما الامم الاخلاق مابقيت فأن هم ذهبوا ذهبت اخلاقهم ذهبوا ) فالتعويل على الاخلاق فى المقام الاول كقيمة ومرتكز جوهرى تبنى عليه رقى وتطور الامم و لن تنجح اى ثورة طالما ابتعدت عن الاخلاق واتخذت (الغاية) ناموسا مثلما طبقته الثورات التاريخية الكبرى البلشفية الروسية عام1917م والانتقامية الفرنسية 1789م ثم الثقافية الصينية 1949م و هذه ثورات سياسية احدثت تغييرا فى انظمة الحكم الا انها افتقدت الاخلاق عند تعاطيها مع المجتمع والانسان تحديدا وذلك لانها اتجهت الى تصفيته واقصائه بالعنف والقوة والقهر.ولن تستطيع ان تقيم سلطة اوحكما ايا كان شكله ونظامه على ركائز مادية هشة تفتقد للوازع الاخلاقى المستند على قيم الدين والمثل التى ينادى ويدعواليها وشرع لها السنن ليحافظ على طهارة اليد (لاتسرق) وطهارة اللسان (لاتكذب) وطهارة القلب (لاتحسد) وطهارة العقل (لاتبالغ) و فى ذات السياق يلاحظ ان نتائج التحولات السياسية فى الدول العربية الاربع حتى الان تصارع مكوناتها الداخلية بعضها البعض وتختلف فى المسميات وتفتعل المشاكل افتعالا بالرغم منها او بعلمها . وطالما التيار الاسلامى هو الظاهر والغالب والاوفر حظا بعيد انتصار الثورات العربية حينئذ لابد من ربيع اخلاقى دائم مطلوب يحمل القيم والمثل لانه موجود فى تعاليم ديننا الحنيف ولابد أن يكون موجودا فى التعاطى والممارسة السياسية . ع.أ