- يتعرض ما بين 500 مليون و1.5 مليار طفل على نطاق العالم للعنف والاستغلال والإيذاء و أسوأ أشكال العنف مثل عمل الطفل في المجتمعات والمؤسسات وأثناء الصراعات المسلحة وتعرضهم لممارسات ضارة مثل ختان الإناث وزواج الأطفال . ويشكل العنف اللفظي أحد جوانب التعدي على حياة الآخرين من أطفال أو نساء أو رجال ، ويعد أحد أبرز تلك الأشكال ،والعنف اللفظيً الكلمات والألفاظ المسيئة تحمل عبارات السخرية والاستهزاء والسب والشتم من قبل الوالدين أو من المحيط الخارجي والأفراد المحيطين بالشخص نفسه . وقالت دكتور عطيات مصطفى مدير وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل إن العنف هو السلوك المقترن باستخدام القوة الفيزيائية لإلحاق الأذى بقصد الضرر أو أي عمل يسبب الأذى الجسدي ، اللفظي ، النفسي أو الاقتصادي و العنف المبني علي الحرمان من الحقوق . والعنف بصورة عامة هو السلوك المقترن باستخدام القوة الفيزيائية وهو ذلك الفيروس الحامل للقسوة والمانع للمودة. ولم يكن العنف فطرياً بل هو خلق مكتسب في النفس البشرية. فلم يكن الإنسان عنيفاً يوم ولدته أمه بل إن عنف التربية وعنف الآباء و الطبيعة وعسر الحياة هو الذي يغرس العنف في خلايا الدماغ حتى حملته صبغته الوراثية فكاد أن يكون موروثاً. ونظراً لاتساع جوانب العنف وأسبابه وأبعاده أخذ علماء الاجتماع في تقسيم الموضوع وتصنيفه إلى ثلاثة أنواع هى: العنف اللفظي، والعنف النفسي، والعنف الجسمي. والعنف صورة من صور القصور الذهني حيال موقف، ودليل من دلائل النفس غير المطمئنة وصورة للخوف من الطرف الآخر مهما تعددت أشكال ذلك الخوف، وانعكاس للقلق وعدم الصبر والتوازن، ووجه من وجوه ضيق الصدر وقلة الحيلة ويعد مؤشراً لضعف الشخصية ونقصان في رباطة الجأش وتوازن السلوك ،والعنف مرفوض دينيا وحضارياً وأخلاقياً وسلوكياً واجتماعيا"ً حسب تعريف اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل . وتشير تقارير منظمة الأممالمتحدة للطفولة إلى ان ما بين 500 مليون و1.5 مليار طفل يتعرضون للعنف سنوياً. ويقدر عدد الأطفال الذين يشهدون العنف المنزلي في كل عام بما يصل إلى 275 مليون طفل على نطاق العالم ،ومع أن الأسرة ينبغي أن تمثل البيئة الطبيعية لحماية الأطفال، يمكن أن يكون المنزل أيضاً مكاناً يعاني فيه الأطفال من العنف في شكل التأديب. وتدل البيانات المستمدة من 37 بلداً على أن 86 في المائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 - 14 عاماً يتعرضون للعقاب البدني أو العدوان النفسي "اللفظي". وتوصف الرابطة الطبية الأميركية العنف اللفظي بأنه تهديد الطفل، والصراخ، والإساءة المتعمدة، والتجاهل، واللوم أو أي نوع من الكلام الذي يسبب ألما نفسيا للطفل. وفي دراسة أجريت في جامعة الأحفاد بالسودان، علي 75 أما، وجد أن هنالك صلة بين حدوث العنف اللفظي والوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة، مع زيادة واضحة بين الأسر الفقيرة. وتشير بعض البحوث إلى أن معظم الآباء الذين يؤذون أطفالهم لفظيا قد تعرضوا لسوء المعاملة في الصغر،ووفقا لدراسة أجرتها الأستاذة ناتالي ساكس - اريكسون، في جامعة فلوريدا، على العنف اللفظي، وجدت ان الناس الذين تعرضوا لأي نوع من أنواع السب خلال طفولتهم لديهم أعراض الاكتئاب والقلق أكثر من 1.6 ضعف من أولئك الذين لم يتعرضوا للسباب، ويتضاعف احتمال معاناتهم من اضطرابات القلق أكثر في حياتهم. وفي دراسة أخرى في جامعة نيو هامبشير، في أميركا شملت أكثر من 3000 أسرة اتضح أن 63% من الآباء أفادوا بحدوث واحدة أو أكثر من حالات العدوان اللفظي تجاه الأطفال في منازلهم. أما في بريطانيا، فقد نشرت مجلة لانسيت الطبية ، دراسة أشارت إلى أن 10% من الأطفال يعانون من واحد أو أكثر من مختلف أنواع الاعتداء، بما في ذلك العنف اللفظي أو الجسدي أو الاعتداء الجنسي. وأكدت د.عطيات مصطفي مدير وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل أن العنف اللفظي الذي يتعرض له الأطفال داخل نطاق الأسرة أو خارجه يترك اثرا نفسيا بالغا علي المدي الطويل، ويشعر الطفل بعدم الرغبة فيه الأمر الذي يترتب عليه إشكاليات نفسية عميقة مثل السلوك المعادي للآخرين او اللجوء للعنف كوسيلة للتفاهم.،وتدني مستوى الاعتداد بالذات أو عدم الثقة بالنفس ،و اكتساب تدمير الذات مثل إيذاء نفسه . وقالت عطيات أن بعض الدراسات أظهرت في الإصلاحيات ودور الإصلاح الاجتماعي أن عددا كبيرا من الأطفال هم ضحية للعنف اللفظي المباشر او غير المباشر "تبادل الألفاظ غير المناسبة بين الآباء والشتم والسب " إضافة الى إطلاق الأسماء غير المناسبة علي الطفل، أو نعته بأوصاف قبيحة او استخدام لغة سوقية، بالإضافة إلى انتقاده باستمرار. وتختلف أنواع العنف اللفظي منها الرفض أو التهديد بترك الطفل،و التهديد بالضرر الجسدي ،و إلقاء اللوم البالغ على الطفل ،وفالتهكم. و سوء المعاملة المستمر قد يؤثر على نمو الطفل جسمانيا، واجتماعيا، وأكاديميا أو عاطفيا. وقد يبدأ الطفل بإظهار علامات الاضطراب العاطفي مثل مص الإبهام، أو التبول اللاإرادي أو عدم التفوق الدراسي. والعنف اللفظي مرفوض شرعاً وأخلاقياً ونفسياً ، حيث أن الدين يحثنا على الكلمة الطيبة والابتسامة والتعامل بالرفق واللين ، كما تحث عليه الأعراف الاجتماعية والإسلامية ، و على الوالدين والمحيط الخارجي مراعاة استخدام الألفاظ الحسنة والايجابية وأنها مسؤوليتهم في أن يكونوا قدوة حسنة حيث يبدأ التغيير من تصرفاتهم وأساليبهم . وأوصى الإسلام بالرفق والرحمة لجميع الناس وقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : " ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه " .. وقال الله عز وجل : " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ " 159 آل عمران . ويتطلب القضاء على العنف رسم استراتيجيات وسياسات طويلة المدى تشمل كافة قطاعات المجتمع ، ولابد ان تتضمن هذه الاستراتيجيات برامج حمائية وبرامج علاجية . و وضع خطة شاملة لإعادة بناء حياه الطفل من خلال حملات التوعية والمحاضرات في الأماكن التعليمية والدراسية ،و على الأسرة والمجتمع استخدام الألفاظ والأساليب الايجابية التي تحث على الخير ،ونشر أنشطة الوعي والدعم والتعريف بحقوق الطفل ،و تعديل النظم والتشريعات لضبط أسلوب التعامل مع الأطفال ،والتعاون بين المؤسسات المجتمعية مع دعم العمل التطوعي ومتابعته والتدخل المباشر لمساعدة الضحايا. وإنتاج الكتيبات والمنشورات الإعلامية للتوعية ،و الابتعاد عن حالات الكبت الموجودة فى المجتمع التي قد تظهر في صور سلبية متعددة من بينها الاعتداء على الأطفال .