بقلم/ محمد أزرق سعيد يقرن المختصون بدراسات مهنة الصحافة والإعلام والتطور الذي يشهده هذا المجال بتوافر مراكز المعلومات وقواعد البيانات الصحفية التي تشكل مصدراً لا غنى عنه في تطوير هذه المهنة والإرتقاء بها خاصة في هذا العصر. وتنبثق الحاجة إلي وجود مراكز المعلومات في مؤسساتنا الصحفية من مجموعة من العوامل التي تتصل بالأداء الإعلامي عامة والصحافي خاصة. وفي عصرنا الحاضر تتمثل في تضخم حجم الإنتاج الفكري في أشكاله وأوعيته المختلفة سواء على المستوى المحلي أو العالمي والإنفجار المعلوماتي الذي تصعب الإحاطه به بالطرق التقليدية مما يستوجب وجود مراكز للمعلومات تتولى حصر وتصنيف وتحليل هذه المعلومات ليتمكن العاملون في الحقل الصحفي من الوصول إليها وإثراء المعالجات والمواد الصحفية بها في مجالات اهتمامات الصحفية كافة. ويتصل بعامل تضخم حجم الإنتاج الفكري تعدد هذا الإنتاج وتنوع مصادر المعلومات التي يعتمد عليها الصحفيون في أجناس العمل الصحفي والإعلامي المختلفة كالقصاصات الصحفية والكتب والدوريات والمصادر الإلكترونية المرنة وأوعية المعلومات المتنوعة التي أفرزتها القفزات المتتالية في ميادين صناعة أوعية المعرفة إضافة إلي الإنتاج الغزير في مجال الدراسات والبحوث ومن مخرجات التعليم ومراكز البحث وأوعية الفكر وقواعد وبنوك المعلومات التي احتلت مكانة رفيعة في نطاق الاهتمام بحفظ ومعالجة واسترجاع المعلومات مما يقتضى الإفادة من هذه المصادر والمواد في إثراء الأداء الصحفي والإعلامي. ويضاف إلي العوامل الداعية لضرورة الإهتمام بمراكز المعلومات المختلفة تعدد لغات نشر أوعية المعلومات المختلفة الأمر الذي يستوجب وجود خدمات جديدة في المؤسسات الصحفية الحديثة خاصة خدمات الترجمة والاستخلاص التي تيسر للعاملين في القطاعات الصحفية والإعلامية الحصول على هذه المعلومات خاصة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والمخترعات الجديدة وفي مجالات الاقتصاد والاجتماع والسياسة والثقافة في ظل عمليات التشييك التي تشهدها المجتمعات البشرية بفضل ثورة الاتصال والمواصلات المتصاعدة ولارتباط مصالح الكيانات الإنسانية الوثيق. ومن العوامل الأخرى التي تستدعي الاهتمام بإنشاء وتطوير مراكز المعلومات الصحفية الإرتفاع الحاد في كلفة مواد المعلومات المختلفة خاصة الدوريات والصور ونتائج الدراسات والبحوث وحاجتها إلي ضبط وحفظ هذه المواد وغيرها على أسس علمية بجانب عوامل تداخل الأحداث وبسرعة وتيرة تطورات القضايا الداخلية والعالمية التي تدفع المؤسسات الصحفية اللجوء إلي مصادر خارجية للحصول على المعلومات وتأكيدها مما يدعو إلي وجود مراكز المعلومات الصحفية وربطها بالمراكز الأخرى المتخصصة في مجالات عمل الصحيفة أو المجلة أو المؤسسة الإعلامية بجانب واقع التخصص الصحفي واتجاه المؤسسات الصحفية إلي توجيه العاملين فيها إلي التخصص في قضايا وموضوعات معينة مما دفع هؤلاء الصحفيين المتخصصين إلي السعي لإشباع معرفتهم بمجالات تخصصهم والاعتماد على قواعد البيانات وأوعية الفكر ومراكز المعلومات المتخصصة في استقاء المعلومات ذات الصلة بمجالات اهتمام مؤسساتهم الصحفية وجمهورها. وتهدف مراكز المعلومات الصحفية إلي تحقيق العديد من الغايات خاصة اختيار واقتناء مصادر المعلومات المتعلقة بالمجالات التي تغطيها المؤسسة الصحفية أو الإعلامية إضافة إلي تقييم وتحليل هذه المعلومات وتسييرها لخدمة المحررين والباحثين بالمؤسسة الصحفية وحفظ الملفات التي تحتوي هذه المعلومات في أشكال الحفظ التقليدي والإلكتروني والإجابة على أسئلة واستفسارات الصحفيين تبعاً لاهتمامات أقسام الصحيفة واستكمال وإثراء المعلومات الخاصة بكل مجال مع تقديم خدمات المعلومات وخاصة خدمات الإحاطة الجارية بمجريات الأحداث والتطورات التي تهم عمل المؤسسة الصحفية والإعلامية. وفي إطار هذه الاهداف التي يمكن أن تحققها مراكز المعلومات الصحفية يجب النظر في واقع مراكز المعلومات العاملة في المؤسسات الصحفية والإعلامية في البلاد والعمل على تطويرها وربطها بمراكز المعلومات والدراسات والبحوث بغرض إثراء الصحافة السودانية وتمكينها من تلبية الحاجة المضطردة للمعلومات وتحليلها واستقراء آثار الأحداث والتطورات المحيطة بمصير المواطن والإنسان بصفة عامة. وذلك من خلال توفير معلومات توعية ومتخصصة تتيح للصحافة السودانية ومؤسساتنا الإعلامية تلبية اهتمامات القارئ والمتلقى الداخلي والخارجي وخدمة قضايا الوطن. ومن المراكز الرائدة التي يمكن الإشارة إليها في هذا المجال الإرشيف الصحفي بدار الوثائق القومية التي تضم أكثر من ثلاثة آلاف مجلد من إصدارات الصحف السودانية في الحقب المختلفة ومنذ العام 1903م وحتى اليوم ويتضمن كافة المعلومات المرتبطة بهذه الحقبة على المستوى الداخلي والعالمي بجانب مقتنياتها الأخرى ويشار كذلك إلي مركز معلومات وكالة السودان للأنباء الذي يضم كماً هائلاً من المعلومات النوعية والأساسية عن الدول والمجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية الخاصة بالسودان ودول العالم ووحداتها الإقليمية والدولية ومنذ إنشاء الوكالة في العام 1970م وفي تراكم يومي امتد لحقب متعددة. وتمثل هذه الكنوز من المعلومات مصادر يمكن أن تستفيد منها مؤسساتنا الصحفية والإعلامية في بناء قواعد بياناتها ومراكز معلوماتها المتخصصة خاصة بعد الفرص التي وفرتها التقنية الحديثة في إنتاج وحفظ وتوزيع واسترجاع المعلومات والإفادة منها.