تقرير / مناهل عمر اثر الحظر الاقتصادي على التنمية المستدامة ومعدلات النمو حيث ظل السودان يسجل معدلات نمو موجبة تتعدى 10% حتى نهاية العشرية الاخيرة من القرن الماضي الى ان اوصلته التدابير الاحادبية القسرية الحد الذي يعمل فيه للحفاظ على معدل تنمية لا يتجاوز 1% ، وامتد اثر الحظر الاقتصادي بشكل كبير على الصناعات التحويلية وعلى راسها صناعات الادوية والسكر والنسيج وغيرها ، وانعكس ذلك اجتماعياً بفقدان مصادر الدخل لمعظم العاملين بالقطاع مما زاد معدل البطالة والهجرة خارج البلاد ، اضافة الى الاثر على التعليم الفني والصناعي بعدم القدرة على تحديث ورش التدريب الهندسي والتعليم الحرفي والصناعي باعتبار ان اغلبها اليات امريكية وضعف الكوادر المتخرجة منها وبالتالي عدم تلبية متطلبات سوق العمل . كما اثر الحظر على الصناعات المرتبطة بالقطاعات الاخرى كالزراعة والنقل وفقدان سلع الصادر السوانية لبعض الاسواق . وفى تقرير لوزارة الصناعة اورد فيه منذ صدور قرار العقوبات الامريكية على السودان فى نوفمبر 1997م تم تجميد الاصوال المالية السودانية وفرض حصارا اقتصاديا يلزم الشركات الامريكية بعدم الاستثمار والتعاون الاقتصادي مع السودان ،اثر هذا القرار على المواطن السوداني وحقوقه فى الصحة والتعليم والغذاء والمعرفة والتنمية وغيرها . وباعتبار ان الصناعة قاطرة التنمية فقد اثر الحظر على القطاع الصناعي وخارطة التنمية المستدامة تاثيرا سالبا فى تحقيق النهضة وانفاذ المشاريع الصناعية ذات التقنيات الفنية المتقدمة . صناعة الادوية بدأ تاثيرها بقصف مصنع الشفاء للادوية عام 1998م والذي صنف بانه اكبر المصانع الدوائية فى افريقيا الذي كان يعول عليه فى توفير العملة الصعبة المستخدمة فى توفير الادوية البشرية والبيطرية ،كما ارتفعت تكاليف استيراد المعدات والماكينات والادوات اللازمة لخطوط الانتاج وارتفعت تكاليف المواد الخام حيث ان جلها كانت تستورد من الولاياتالمتحدةالامريكية ودول اوربا ، فقد ادى ذلك لنقص حاد فى كثير من الادوية المنتجة محلياً ، اضافة الى ذلك منعت البنوك العالمية والاقليمية من اجراء اي معاملات مصرفية مع السودان حيث ترتب على ذلك نقص فى الادوية وتاخر فى زمن وصولها وقد توقفت بعض المصانع نهائيا عن الانتاج بسبب عجزها عن استيراد قطع الغيار واخرى بسبب برمجيات الحاسوب . اما صناعة السكر فقد كان تاثرها بشكل كبير وتوقفت بعض المصانع نهائيا عن الانتاج بسبب عجزها عن استيراد قطع الغيار ومواكبة التقنية العلمية الحديثة التى تساعد فى زيادة الانتاجية وتقليل تكاليف الانتاج مما قلل الميزة التنافسية السودانية فى الاسواق العالمية ومثل لذلك مصنع شركة سكر النيل الابيض اكبر المصانع فى افريقيا والذي قدرت تكلفته باكثر من مليار دولار ، وبسبب الحصار فقد حرم المصنع من توفير البرمجيات الخاصة بتشغيل المصنع والتى تم شراءها من شركة هندية استحوذت عليها لاحقا شركة امريكية وترتب على ذلك حرمان المصنع حيازة البرمجيات وتاخر الافتتاح وتشغيل المصنع مما نجم عنه خسائر مالية ضخمة واثار سالبة اهمها فقدان الموسم الانتاجي 2011 -2012م وبالتالي انخفاض الايرادات التى كانت متوقعة حوالي 224 مليون جنيه اي 50 مليون دولار حسب سعر الصرف فى تلك الفترة واهتزاز الصورة الذهنية لدى المواطن السوداني عن جدوى مصنع سكر النيل الابيض ما لحق بسمعة الشركة فى المحافل الدولية لصناعة وتجارة السكر ،القدح فى مصداقية الدولة وجديتها فى الاستثمار وبشكل خاص خطة السكر الكبرى والتى تاثرت كثيرا بل توقف كل مشاريع السكر الكبرى ، ما لحق بسمعة الشركة من اهتزاز يحتاج لاعوام طويلة حتى يتم اصلاحه بل يحتاج لميزانيات ضخمة تستهدف تصحيح التشوهات التى نتجت عن ذلك التخير سواء على المستوى الداخلي والمحافل الدولية المهتمة بالاستثمار وصناعة السكر على وجه الخصوص . واشار التقرير الى تعاون شركة السكر السودانية مع الشركات الامريكية فى مجال الميكنة الزراعية ومعدات التصنيع ، وبانقطاع العلاقات مع الولاياتالامريكية لم تتمكن من الحصول على هذه الخدمات بنفس الكفاءة من هذه الشركات مما يؤثر سلبا على الانتاج والانتاجية . وفيما يتعلق بصناعة النسيج فقد ظل يعاني هذا القطاع التدهور على الرغم من وجود بنيات تحتية وتوفر المواد الخام وتتمثل المشاكل فى عدم توفر التقانات اللازمة من الماكينات التى تعمل بتقنيات عالية والتى اغلبها برامج امريكية والدول الغربية التى تحظرالتعامل مع السودان . ونتيجة لفرض هذه القوانين شرعت وزارة الصناعة فى تاهيل ثلاثة مصانع للنسيج (كوستي ، الدويم ،شندي)بواسطة شركة هندية ، وفى الفترة من 2012 - 2013م واجهت الشركة عند بدء التشغيل التجريبي لمصانع كل من كوستيوالدويم فى الصيانة او استجلاب حواسيب لاحلالها مكان الحواسيب المعطلة او تحديث البرامج نسبة لان هذه البرامج امريكية والشركات الهندية تعمل بالبرامج الامريكية التى تم حظر بيعها او نقل هذه البرامج والتقنيات للسودان مما اخر فترة التشغيل ، كما ان ماكينات التسدية القطاعية للمصانع قد توقفت لعدم توفر برامج التشغيل مما اضطر العاملين لفك ماكينات مصنع نسيج شندي لتشغيل مصنعي كوستيوالدويم وتعطل مصنع شندي ، فجميع الماكينات فى قطاع النسيج والتى تعمل بالحواسيب تحتاج لبرامج مثل ماكينات توليد الكهرباء للمصانع الثلاثة ، ماكينات توليد البخار لكل مصنع وماكينات التسدية القطاعية ، ماكينات التحضيرات وماكينات الترطيب والتكييف 8 وحدات كاملة فى كل مصنع ، كذلك حظر الدعم الفني من صيانة ونقل خبرات فى هذا المجال من الدول المتقدمة . الاثر الاجتماعي ظهر بفقدان مصادر الدخل لمعظم العاملين ادى ذلك لتحول الى الاعمال الهامشية وتكدس المدن بالنازحين والهجرة الى خارج البلاد وزيادة البطالة ونسبة الفقر والامراض الاجتماعية . وحول الاثر على التعليم الفني والصناعي فقد تسبب الحظر الامريكي فى عدم قدرة البلاد على تحديث ورش التدريب المهني الهندسي والتعليم الفني وقد ادى ذلك الى تهالك الورش وضعف الكوادر المتخرجة منها وبالتالي عدم تلبية متطلبات سوق العمل . وبسبب الحظر الاقتصادي لم تتحصل الزراعة على المعدات والاليات الحديثة ولم تنل حظا من التقانات التى تسهم فى رفع الانتاجية وتقلل التكلفة مما اثر سلبا على الصناعات المرتبطة بالقطاع الزراعي مما يؤثر فى استدامة الامن الغذائي . كما تاثر قطاع النقل بانهيار الخطوط الجوية السودانية التى تستخدم الطائرات الامريكية والتى فقدت فرصتها فى الصيانة وقطع الغيار وكذلك حرمت الطرق والجسور من القروض وبناء القدرات مما ادى لقفل خطوط سكك حديدية هامة كانت تسهم فى نقل المنتجات الصناعية عبر الولايات المختلفة . ساهم الحظر كذلك فى انخفاض الصرف على المشاريع التنموية الصناعية والزراعية مما ادى لارتفاع اعباء المعيشة وارتفاع معدلات الفقر بين الفئات الضعيفة والذى ادى بدوره الى انتشار الامراض المستوطنة وامراض سوء التغذية وبالتالي اثر على الامن والسلامة الاجتماعية . كما ادى الحظر الاقتصادي الى استيراد مستلزمات الانتاج الصناعية من غير بلد المنشأ وذلك عبر الوكلاء مما يؤدي الى ارتفاع التكلفة وطول الفترة التى يتطلبها الاستيراد وبالتالي ارتفاع تكاليف الخدمات المقدمة بواسطتها وكل ذلك يقع عبئا اضافيا على المواطن . واثر الحظر ايضا على الاستفادة من المعونات والتمويل من الصناديق الدولية التى يتمتع بها السودان بعضويتها كما حرمه من التعاون مع الشركات الصناعية العالمية متعددة الجنسيات ومن المنتجات المتطورة فى كافة المجالات الامر الذي اثر سلبا على الكثر من الصناعات . كذلك امتد اثر الحظر على خارطة التنمية المستدامة الذى كان له الاثر السالب فى تعطيل فرص الحكومة السودانية فى توفير فرص عمل تسهم فى خفض معدلات البطالة كما عطلت برامج التدريب وبناء القدرات المرتبطة بالمشاريع الصناعية ذات التقنيات الفنية المتقدمة .والى فقدان سلع الصادر السودانية لبعض الاسواق نظرا لرؤية المستوردين للسودان على انه قطر ذو مخاطر عالية مما ادى لخفض الصادرات السودانية غير البترولية بالمقارنة مع حجم الانتاج المحلي . كل ما تقدم من نماذج لاثار الحظر الاقتصادي التى منعت الشعب السوداني التمتع بكثير من اوجه حقوق الانسان وعلى راسها حق التنمية فى زمن ينادى فيه العالم بتحقيق التنمية المستدامة .